[خولة السعيد]

مستلقية كعادتها، ترمق المارين والعائدين والمشفقين، بدت عيناها واهيتين أكثر في وجه أصفر شاحب. هي اليوم تتطلع إلى المستقبل المفقود، الذي كانت تأمل أن تحقق فيه أشياء كثيرة. تدمع عيناها تارة، ثم تحركها في ركوع وسجود تارة أخرى، ويأتي زوجها الواجم أو أمها التي كادت تبيض عيناها من الحزن بعد صبر طويل، حاولت فيه إخفاء دموعها أمام ابنتها المنتظَر شفاؤها، ويحاول أحدهما كل مرة إسنادها إلى الاتجاه الآخر حتى لا يتورم ما بقي فيها من جلد على هيكل..
كانت صفاء تحلم بمستقبل جميل في عشها الذي ما فتئ يكمل عاما، لكنها صارت تسمع بعض أقارب زوجها يزنون كالبعوض عليه ليتزوج، فما هنئ بعروس النحس، التي سرعان ما مرضت، كانت تشعر بألم أكبر حينها، لكنها لا تستطيع أن تواجهه إلا بدمعة دافئة أو دمعتين على خدها.
يقول أحدهم إنها بحاجة إلى راق أو فقيه ليبعد عنها ما مسها من سحر، بينما يونس لم يكن ليؤمن بأي كلام، أو يوافق عن أي اقتراح..
في تلك الليلة أخذ صفاء النعاس في وقت مبكر فجأة على غير العادة، قبل جبينها، ورفع نظره إلى السقف، ثم ناجى الله بهمس حارق "يارب"، لم يعرف كيف فتحت صفاء عينيها هنيهة ثم أغلقتهما، وضغطت على يده، ظل يتساءل إن كان الأمر حقيقة أم خيالا، ثم خاطبته نفسه أن أمنيته توثق لحظاتها وتدعوه ليتضرع إلى الشافي المعافي، قبل جبينها مرة أخرى، ودخل شرفة غرفته حيث نسيم البر والسماء.. تأمل النجوم في ليلة صافية، وتضرع إلى الله، بكى كثيرا، ودعا لوقت لا يحصى، كان يقوم فقط ليتأمل صفاء الغارقة في نومها، فهي لم تنم هكذا منذ اشتد عليها المرض، أحيانا يتأكد من أنها ما تزال تتنفس الحياة، وأحيانا دون أن يتأكد يناجي الله ويقول:
"أنا موقن بأنها ستشفى وستعيش معي، ألست أنا العبد الضعيف وأنت ربي مجيب الدعاء.."
لم يدرك أن الوقت قد صار فجرا إلا حين سمع الأذان، فخرج إلى المسجد، وهناك صلى، ودعا الإله بخشوع، وحين عودته انتبه إلى صفاء تتبعه بعينيها، تحاول أن تحرك أصابع يمناها مشيرة إليه، جلس بجانبها، مازحها والألم يعتصر قلبه، لعلك اشتقت لنفطر معا، أشارت بنعم، فابتسم، ثم قال:
"ما رأيك أن نفعل ذلك الآن؟" ابتسمت، فصاح مناديا أمها التي كانت مولية وجهها للقبلة:
"خالة صباح ! أبشري؛ صفاء تريد أن تفطر"
استغربت الأم لذلك فصفاء لم تدخل اللقمة فمها منذ أيام، حتى الماء تبلل به ريقها في اليوم مرة واحدة إن قاومت.
حاول إطعامها والابتسامة لا تفارقه، وكله يقين أنها استجابة العالي المجيب، وهي تمتص شيئا من الطعام. وفي تلك الأثناء، اتصلت إدارة المستشفى بزوجها يخبرونه أن الدكتور حسام، جاء من كلية الطب إلى المستشفى في زيارة تفقدية، وقد اطلع على ملف السيدة صفاء، وقرر أن يأتي لرؤية صفاء رفقة لجنة طبية.
استبشر الأهل خيرا، وإن كان بعض اليائسين والمتشائمين قد اقتنعوا بكلام طبيبها الذي نصحهم أن يأخذوها للبيت، ويتوقفوا عن إعطائها الدواء لأن أيامها معدودات، كانوا يرددون قولهم إن الأطباء يأخذونها كفأر تجارب، ونصحوا يونس برفض الزيارة، لكن تفاؤله، وإيمانه ب : ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ كان أقوى من أي كلام آخر، ولم يكن رده إلا صمتا أو "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
واستجاب الله له دعاءه، ورحم تقلب عيني صفاء، وهي تدعو أو تصلي في همس، وبدأت علامات الشفاء تتجلى، وهللت عيون الأهل فرحا، وانتبه يونس لحماه وهو يجلس أمام ابنته وركبتاه على الأرض، يحدثها، بصمته أو همس دعائه، ولم يكن ينتبه لذلك من قبل.. ثم مرت أيام صارت بعدها صفاء تتابع علاجها بنفسها، وتقوم من مكانها شيئا فشيئا، والدكتور حسام يتابع حالتها بنشاط وفرحة نجاح، ولم تكن قوته دائما إلا في: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا ﴾. .

[محمد الصالح الجزائري]

قصة واي قصة !!! خولة..الله بيده الخير وهو على كل شيء قدير..لا تتركي الياس يتسرب الى نفسك..انت اقوى مما تتصورين..مازلت ادعو لك بالشفاء عقب كل صلاة بظهر الغيب لعل الله يستجيب دعائي..شكرا لك على قصة راقتني كثيرا كثيرا...ترى ما راي البقية في هذه التحفة..

[جوان العلي]

مشرقة
وسردية أغدقت على مسائنا دفقات من نور
محبتي

[خولة السعيد]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري قصة واي قصة !!! خولة..الله بيده الخير وهو على كل شيء قدير..لا تتركي الياس يتسرب الى نفسك..انت اقوى مما تتصورين..مازلت ادعو لك بالشفاء عقب كل صلاة بظهر الغيب لعل الله يستجيب دعائي..شكرا لك على قصة راقتني كثيرا كثيرا...ترى ما راي البقية في هذه التحفة..

وأنا راقتني كلماتك كثيرا كثيرا أستاذ محمد الصالح..
شكرا لك على دعائك، وعلى ردك الطيب
أسعدني تعليقك الجميل على القصة

[خولة السعيد]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوان العلي مشرقة وسردية أغدقت على مسائنا دفقات من نور محبتي

أشرقت بحضورك جوان.. شكرا لك
وأنا سعيدة لأن أولى مشاركاتك كانت تعليقا على قصتي..
كوني معنا دائما بنور الأدب الذي يرحب بك في كل وقت 🌹