عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
السجود : عز في الخضوع
أيها الساجد، يا من تلامس جبهتك التراب ، وتنحني روحك أمام جلال الألوهية، لقد أدركت سرّا من أسرار الخضوع، ولغزًا من ألغاز الوجود، وحكمة لا تدركها العقول المتكبرة.
أنت أيها الساجد، حينما تنحني، لا تنكسر، بل ترتفع إلى مراتب العز الرباني.
حينما تخضع، لا تذل، بل تتحرر من أغلال الهوى والشهوات.
حينما تضع جبهتك على الأرض، لا تسقط، بل تصعد إلى معارج القرب الإلهي.
أنت أيها الساجد، تدرك أن العظمة ليست في التكبر، بل في التواضع أمام عظمة الخالق. والقوة ليست في الغطرسة، بل في الخضوع لسلطان الحق.
والحرية ليست في التمرد، بل في الاستسلام لأمر الله.
أنت أيها الساجد، حينما تلامس جبهتك تراب الأرض، تلامس حقيقة نفسك، حقيقة وجودك، حقيقة علاقتك بالخالق… تدرك أنك لست سوى ذرة في هذا الكون الفسيح، وأن عظمة الخالق تفوق كل تصوراتك.
أنت أيها الساجد، حينما تنحني، تنحني أمام عظمة الحب الإلهي الذي وسع كل شيء، وعظمة الرحمة التي سبقت الغضب، وعظمة الجمال الذي تجلى في كل مخلوقاته. تنحني أمام كل ما هو خير، كل ما هو نور، كل ما هو حق، وتتبرأ من كل ما هو شر، كل ما هو ظلمة، كل ما هو باطل.
أنت أيها الساجد، حينما تسجد، لا تنزل، بل تصعد إلى أعلى عليين. لا تنكسر، بل تقوى بإيمانك وثقتك بالله…لا تذل، بل تعز بطاعة الله ورضوانه.
فالسجود هو النزول الوحيد الذي يرفعك إلى أعلى المراتب، والخضوع الوحيد الذي يعزك في الدنيا والآخرة، والاستسلام الوحيد الذي يحررك من قيود نفسك وهواك.
يا أيها الساجد، في لحظة الخضوع تلك، حيث تتلاشى حواجز الزمان والمكان، وتتجسد أسمى معاني العبودية، تنطلق روحك في رحلة سماوية، تعرج بها نحو آفاق لا حدود لها، وتغوص في أعماق أسرار الوجود، لتدرك أن السجود ليس مجرد حركة جسدية، بل هو لحظة تجلٍّ روحي ، تتصل فيها بالخالق الأعظم، وتستمد منه القوة والنور.