![]() |
على بساط البلاغة
يا سائلي عن سرّ البيان وبهائه، وعن حلية اللفظ إذا ما ارتدى ثوب الجمال وتاجه، اعلم أنَّ التغير في الجملة البلاغية ليس مجرد تبديل حرف بحرف أو كلمة بكلمة، بل هو كيمياء خفيةٌ تحوّل المعنى من صورة إلى أخرى، وتلبسه حللا من الحسن تارةً، وثيابا من الروعة تارةً أخرى، حتى يبهج السمع ويبهر البصر.
إنه صياغة جديدة، وصبغ بديع، وإعادةُ نسجٍ للعبارة، لا يتقنها إلا من ملك ناصية اللغة، وفهم أسرار التعبير، وذاق حلاوة المجاز. |
رد: على بساط البلاغة
بعض الوجوه التي يتجلى فيها هذا التغير، وكأنها درر منثورة على بساط البلاغة:
• التقديم والتأخير: فكم من كلمةٍ قُدِّمت فأعلت شأن ما قُدِّمت له، وكم من كلمةٍ أُخِّرت فأضافت رونقا للمعنى، فكأنها جوهرة وضعت في عقدٍ فتألقت. ألا ترى كيف يختلف "محمدٌ جاء" عن "جاء محمدٌ" في وقعها ومرادها، ففي الأولى اهتمامٌ بالمجيء وفاعله، وفي الثانية اهتمامٌ بالمجيء ذاته. • العدول عن الأسلوب المباشر إلى غيره: وهذا بابٌ واسعٌ كالبحر، فمرةً تستخدم الاستعارة لتلبس المعنى ثوباً من الخيال، ومرةً تستخدم الكناية لتلمح إلى الشيء دون التصريح به، ومرةً تستخدم المجاز المرسل لتنقل المعنى من حقيقته إلى ما يلازمه، كل ذلك ليزيد اللفظ بهاءً، والمعنى خفاءً وجمالاً. فبدل أن تقول "فلانٌ بخيل"، قل: "يده مغلولةٌ إلى عنقه"، أو "كفه لا تجود إلا بالصبر"، أليس في هذا من الحسن ما يأسر الألباب؟ • الإيجاز والإطناب: فليس كل زيادةٍ إطناباً مذموما، وليس كلّ اختصار إيجازا محمودا. فرب إيجازٍ يخل بالمعنى، ورب إطناب يزيد الفكرة وضوحا وبيانا. فلك أن تطنب لتقرير فكرةٍ، ولك أن توجز لتكثيف معنى، وذلك بحسب المقام والسامع، فلكل فنٍّ ميدانه، ولكل بلاغةٍ ميزانها. |
رد: على بساط البلاغة
• • التشبيه البليغ: وهو أن تسقط أداة التشبيه ووجه الشبه، فيصير المشبه والمشبه به كأنهما شيءٌ واحدٌ، فيزيد المعنى قوةً وتأثيراً. فبدل أن تقول "العالم كالبحر في علمه"، قل: "العالم بحرٌ"، فكأنما صار البحر هو العالم بعينه، وهذا من عظيم البلاغة وجميل الصياغة.
• الجناس والطباق والمقابلة: وهي من حلي الألفاظ التي تزيدها حسناً ورونقاً. فالجناس يطرب الأذن بتشابه الألفاظ مع اختلاف المعاني، والطباق والمقابلة تزيد المعنى وضوحاً بتضاد المعاني. فلك أن تقول: "الليل والنهار"، و"الخير والشر"، و"بين جَنبيه جنانٌ وجنان". فتلك بعضٌ من مسالك التغير في الجملة البلاغية، فمن سلكها بمهارةٍ ودرايةٍ، حاز قصب السبق في ميدان البيان، وأضحى سيدا للكلمة، ومتبحراً في فنون القول. |
رد: على بساط البلاغة
..وقد استمتعت بخفة هذا البساط وبيان ما زانه..شكرا لك سيدة الحرف الفاخر الدكتورة رجاء..
|
رد: على بساط البلاغة
أما أنا فقد ابتهجت وقد راقتك محاولتي المتواضعة،
شكرا لمرورك الطيب أيها الشاعر المبدع. |
رد: على بساط البلاغة
دام العطاء
|
رد: على بساط البلاغة
أديبتنا الموسوعية، حرفك عين جارية تسقينا من روائها المستطاب؛ وها هنا نرتشف الجمال من لب اللغة.
دام العطاء |
رد: على بساط البلاغة
ودام حضورك الراقي الرائع
باقات شكر وحب لك يا غالية |
الساعة الآن 21 : 02 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية