أمي يا ضوئي الذي انطفأ .. أي ليل سرمدي هذا ؟!
يا حبيبتي، يا قطعة مني انفصلت عني فجأة، تاركة فراغا بحجم الكون في صدري.
يا نبضا كان يسري في عروقي، فتوقف فجأة، ليحل محله صدى أوجاع لا تهدأ.
يا حكاية عشق أبدية، تكتبها دموعي كل مساء ، قصة لا تنتهي فصولها برحيلك، بل تتجدد مع كل شهقة وجع تخترق روحي.
أي ليل سرمدي هذا الذي أسدل ستائره على أيامي بعد أن غاب قمري؟ أصبحت أتلمس النور بيدي فلا أجده، وأبحث عنه بعيني فلا أراه، كيف لي أن أبصر وأنت النور الذي كان يضيء دربي؟
أحنّ إليكِ يا أمي، حنين الأرض الجدباء للمطر، حنين الغريق الموجوع للشاطئ، حنين الروح التائهة لوطنها الأول.
أشتاق وجهك يا ملاكي الطاهر، تلك القسمات التي كانت ترتسم عليها طيبة العالم أجمع.
أشتاق ابتسامتك التي كانت قادرة على تبديد عتمة أيامي، كلماتكِ الرقيقة التي كانت تضمّد جراحي وتزرع الأمل في قلبي الذابل.
أبحث عنك يا أمي في زوايا البيت، أتتبع أثر خطواتك الصامتة في كل مكان ، أستنشق عبيرك الخفيف الذي ما زال عالقا في ثنايا ملابسك. أقلّب صورك القديمة، أتلمس خطوط يديك الحنونتين اللتين طالما احتضنتاني ووهبتاني الأمان.
أستمع إلى صدى صوتك العذب في ذاكرتي، علّني أروي ظمأ روحي المتعطشة إليك.
يا أمي، فراقك ندبة عميقة في قلبي، جرح لا يندمل مهما مرّت السنين.
تركتني وحيدة في صحراء الحياة القاسية، أتجرع مرارة الذكريات التي باتت السراب الوحيد الذي ألوذ به.
كلما اشتدّ وجعي، رفعتُ رأسي نحو السماء، أبحث عن طيفك بين الغيوم، عن نورك المتلألئ بين النجوم، علّني أجد سلوى لعذاباتي.
اشتقتُ إليكِ يا أمي، شوقا يمزّق أضلعي، هو حنين يحرق دموعي. اشتقتُ إلى دفء حضنكِ الذي كان وطني الآمن، إلى حنان قلبكِ الذي كان حصني المنيع.
ليت الزمان يعود قليلا ، لأرتتمي في أحضانك، لأقبل يديكِ الطاهرتين، لأهمس في أذنكِ كم اشتقتُ إليكِ، كم بتُّ وحيدة دونكِ.
يا أمي، غيابكِ غربة دائمة، وشوقي إليكِ منفىً لا ينتهي، أسير فيه بين ذكريات الماضي وأحلام مؤجلة بلقاء أنتظره !
أمي ياضوئي الذي انطفأ... أي ليل سرمدي هذا ؟
رحمك الله ..
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|