منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   نافذة على العالم الآخر (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=250)
-   -   نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=914)

نور الأدب 02 / 01 / 2008 55 : 11 AM

نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[align=right]
تقديم و توضيح

السيدات و السادة الأديبات و الأدباء الأفاضل من أعضاء و زوار موقعنا الكرام
صدمات معينة تؤدي بنا إلى مناطق لم نرتدها من قبل و لعل الوفاة المفاجأة لعمّي الحبيب و صديق عمري في شهر حـزيران / يـونيو 2007 " يحيى الخطيب " قربتني من الموت وجدانياً و جعلتني أتناول تفاصيله و أتخيله و لعل شعوري الذي طغى ذات يوم بعد رحيله و كنت جالسة أقرأ القرآن عن روحه، أن روحه حلّت و طافت حولي تطمئن عليّ إلخ..
بدأت سلسلة قصصية باسم " نافذة على العالم الآخر"
أعددت حتى الآن خمس حلقات منها
و النافذة على ما وراء برزخ الموت أو على عالم الأرواح أردت من خلالها أن أطل من عالم الأرواح على عالم الحياة و التاريخ بصورة خاصة و أبحث بين دروبه عن التاريخ السوي الصحيح و أشير إلى مواطن التزوير و التزييف..
أبحث هنا عن المحبة و السلام.. عن الإنسانية الصادقة.. عن الحق و العدل و الخير.. عن رفع راية الحب و البحث في حقائق التاريخ و إحياء كل ما يطمس من نور.. عن البحث عند الأموات عما ضاع بين الأحياء أو يكاد ....
إلى أين أنا ذاهبة و إلى أين ستأخذني هذه السلسلة؟؟ ما زلت لا أعرف!! لذا أنا أحتاج الاستئناس باقتراحاتكم و نقدكم و الوجهة التي ترون أن أسلكها من خلال هذه السلسلة.. لأننا جميعاً متفقون أن الكلمة مسئولية و أمانة لتكون هادفة و إيجابية تهب الحب و تنزع أشواك الكراهية و الفرقة و تعبّد دروبنا لتكون لبنة من لبنات جسور الوعي و مقدمة لتنقية التاريخ من عبث الغزاة على درب الحقيقة و لم الشمل و الوحدة العربية التي نأمل أن تجمع شملنا جميعاً..
و بانتظار مداخلاتكم عبر مشاركاتكم القيّمة و نصائحكم الهادفة و نقدكم الايجابي
تفضلوا بقبول فائق آيات تقديري و احترامي

هدى نورالدين الخطيب في شهر حـزيران / يـونيو 2007

نافذة على العالم الآخر -الحلقة الأولى ــ عمرٌ جديد

http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6945


نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثانية - الحاجة أمينة
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6946

نافذة على العالم الآخر - الحلقة الثالثة - لقاء الأحبة
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6948


نافذة على العالم الآخر- الحلقة الرابعة - ملكي صادق
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6949


نافذة على العالم الآخر-الحلقة الخامسة- جذورٌ تُـسلب و ترابٌ ينهب..
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=6950


نافذة على العالم الآخر / الحلقة السادسة ( الزمكان )
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=8347




[/align]

مازن شما 02 / 01 / 2008 52 : 02 PM

رد: نافذة على العالم الآخر ــ الحلقة الخامسة
 
[frame="13 85"]
[align=center]
الاخت الغالية هدى الخطيب
تحية طيبة وسلام
رائع هذا الطرح وطريقة السرد
نتابع بشغف وبانتظار المزيد
بوركت وبورك قلمك المبدع
وفقك الله ورعاك
مودتي واحترامي وتقديري
اخوك مازن شما
[/align]
[/frame]

نزهة المكي 16 / 01 / 2008 12 : 02 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
غاليتي هدى نور الدين الخطيب
بعد التحية و الدعاء لك بالصحة و العالفية و طول العمر و غزارة العطاء .
اتقدم لك باحر التباريك على هذا الصرح الثقافي المتميز الذي اتمنى ان تمنحني الظروف فرصة المساهمة في إعلاء صرحه حتى يرتفع و يرتفع بثقافتنا العربية و الاسلامية و يجعلها كما نريدها في مستوى التحدي و المقاومة الى ان ننتصر لها و بها على كل من عاداها و عادانا من المتصهينين الذين يمارسون علينا حربا منظمة و متقنة الحبكة بداية بخلخلة مفاهيمنا المعرفية و تشويه ثقافتنا وضربنا بالمفاهيم المضللة حتى يفرقونا شيعا و فصائل متقاتلة و انتهاء باستعمارنا العسكري .
أما عن سلسلتك المتميزة " نافذة على العالم الاخر " فانا كلي شغف و شوق لاعادة قراءتها بنور الادب و التركيز على عدة نقط مهمة بها لا يمكن ادراكها الا بشفافية الروح و القفز على عالم المادة في لحظات نخلد فيها للتامل و النظر للاشياء من الداخل من قرارة النفس و الروح .
اختي العزيزة لقد غبت في الاونة الاخيرة عن التدوين و الكتابة لانه كان علي ان اعيد تنظيم اموري و ترتيب اوراقي و إن كنت لم اغفل لحظة واحدة عن ممارسة دوري في الكفاح و تحمل مسؤولياتي . و الحقيقة ان " نور الادب " سهل علي الكثير الان و منحني فرصة متجددة لمواصلة هذا الكفاح ضمن الكوكبة المتميزة و العظيمة من اعضائه و المشرفين عليه .
دام لكم و لنا في ظلكم التوفيق و النجاح .
و عشتم و عشنا في محبة و اخاء و كرامة .

هدى نورالدين الخطيب 17 / 01 / 2008 57 : 10 AM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[frame="15 10"]
أختي الغالية الأستاذة نزهة.. تحياتي
أهلاً و سهلاً و مرحباً بك معنا في نور الأدب خصوصاً يا عزيزني و أنت عضو معنا في " الرابطة الفلسطينية لتوثيق الجرائم الصهيونية" و نعتز بأنك العضو المغربية الوحيدة في الرابطة، و أنت دائماً و أبداً عربية أبية وطنية..
و كما ترين الرابطة الآن لها منتدياتها في نور الأدب بشكل نرجو أن يكون منظماً و نستطيع تنظيم البحث و التوثيق و التأريخ بشكل أفضل ، راجية من الله سبحانه أن يعيننا لنحقق ما نصبو إليه
قد يكون مرّ وقت طويل نسبياً لم نتواصل خلاله أنت و أنا لكني أعرفك جيداً يا صديقتي و أثق بوطنيتك و نقاء معدنك كما أعلم أنك مررت بظروف صعبة تماماً مثل الظروف التي مررت بها بعد وفاة عمي
لن يستطيع أحدأ أن يفرقنا كأمة ذات تاريخ و مصير مشترك و لهذا نحن هنا و على هذا المبدأ ولد نور الأدب ليجمع لا ليفرق.
بالنسبة لسلسلتي " نافذة على العالم الآخر " والله يا صديقتي أنا مثلك مشتاقة لمتابعة كتابتها، و لعل الأمور هنا ما ان تستقر أستطيع العودة للبحث في المراجع التي تحتاجها و استكمالها بالأسلوب القصصي المبسط بالتواز مع العمل في مجال البحث في إحدى لهجات اللغة الأرامية و التي يسمونها عبريتهم زوراً و بهتاناً و قد وعدتني كاتبة أرامية بتأمين المراجع اللازمة لي لثقتها بهذه الحقيقة، كذلك علينا أن نبحث في تراثنا القديم الذي سطوا عليه و ادعوه توراتاً، أتمنى أيضاً هنا أن نعود الشاعرة الأستاذة فابيولا بدوي رئيسة الاتحاد الأوروبي العربي للديمقراطية و الحوار و أنا لمتابعة السلسلة التي كنا بدأنا بها في أوراق99 " العرب و الأقليات العرقية و الدينية" العمل الذي نسعى له كثير و الطموح لا حدود له نرجو الله أن يعيننا و أعرف جيداً يا عزيزتي بأنك ستشاركيننا و تساعديننا في كل عمل وطني، سعيدة جداً بك و بانضمامك إلينا
و أهلاً و سهلاً بك غاليتي معنا و في أسرتنا " نور الأدب "
و تفضلي بقبول فائق آيات تقديري و مودتي الأخوية و احترامي
:nic93:

[/frame]
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزهة المكي (المشاركة 3161)
غاليتي هدى نور الدين الخطيب
بعد التحية و الدعاء لك بالصحة و العالفية و طول العمر و غزارة العطاء .
اتقدم لك باحر التباريك على هذا الصرح الثقافي المتميز الذي اتمنى ان تمنحني الظروف فرصة المساهمة في إعلاء صرحه حتى يرتفع و يرتفع بثقافتنا العربية و الاسلامية و يجعلها كما نريدها في مستوى التحدي و المقاومة الى ان ننتصر لها و بها على كل من عاداها و عادانا من المتصهينين الذين يمارسون علينا حربا منظمة و متقنة الحبكة بداية بخلخلة مفاهيمنا المعرفية و تشويه ثقافتنا وضربنا بالمفاهيم المضللة حتى يفرقونا شيعا و فصائل متقاتلة و انتهاء باستعمارنا العسكري .
أما عن سلسلتك المتميزة " نافذة على العالم الاخر " فانا كلي شغف و شوق لاعادة قراءتها بنور الادب و التركيز على عدة نقط مهمة بها لا يمكن ادراكها الا بشفافية الروح و القفز على عالم المادة في لحظات نخلد فيها للتامل و النظر للاشياء من الداخل من قرارة النفس و الروح .
اختي العزيزة لقد غبت في الاونة الاخيرة عن التدوين و الكتابة لانه كان علي ان اعيد تنظيم اموري و ترتيب اوراقي و إن كنت لم اغفل لحظة واحدة عن ممارسة دوري في الكفاح و تحمل مسؤولياتي . و الحقيقة ان " نور الادب " سهل علي الكثير الان و منحني فرصة متجددة لمواصلة هذا الكفاح ضمن الكوكبة المتميزة و العظيمة من اعضائه و المشرفين عليه .
دام لكم و لنا في ظلكم التوفيق و النجاح .
و عشتم و عشنا في محبة و اخاء و كرامة .


كنان سقيرق 20 / 01 / 2008 15 : 10 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[frame="10 98"]
أختي العزيزه هدى الخطيب شكراً على هذه السلسلة الرائعة والمفيدة والتي تفتح لنا نافذة على العالم الاخر حيث تظهر الحقيقة مجردة من كل أخطاء الدنيا وواضحة كوضوح الثوب الابيض الناصع الخالي من البقع السوداء التي تملأ هذا الزمان.
و الموت بحد ذاته برأي الشخصي هو تلك اللحظة التي تغادر الهالة المغنطيسة جسم الانسان والتي يطلق عليها علمياً اسم سيكوكينسيس. وليس كما يعتقد البعض أن الموت هو تلك اللحظة التي يتوقف فيها القلب عن العمل فكم هي كثيرة هي المرات التي أنقذ فيها الانسان بعد توقف نبضات قلبه بواسطه الشحنات و الصدمات الكهربائية في المشافي وحين تفارق الروح جسدها تسافر إلى عالم البرزخ في ردهات السماء تشاهدنا ترسم الابتسامات لنا إذا كنا فرحين وتحزن إذا الم بنا الحزن كما قال لكِ والدك رحمة الله عليه , أرواح من نحب تكون قريبة منا جداً لأنها تخترق كل الحواجز التي تفصلها عن عالمنا بقدراتها الخارقة التي وضعها الخالق فيها والدليل على ذلك التخاطر الذي يحدث أحياناً بينا وبين أحد الراحلين عنا أو الرسائل التي تصلنا من فقيد لنا بطريقة الاشارات أو مثول الشخص الذي نحبه أمامنا ولكن بصورته الشابة التي عادت إلى جسده الاثير بعد أن طارت من جسده الفيزيائي.
سأروي لكِ تجربة حلصت معي:
ذات يوم اثناء نومي ليلاً اسيتيقظت فجأة ولم أجد جسمي الاثير هل تراه رحل عني لم أعلم ماذا حصل هل الخيط الوهمي الذي يربطه بي ذهب لا أدري هل اصبحت ميتاً ربما؟ هكذا تخاطرت الاسئلة في بالي!
حاولت رفع يدي عن السرير ولكن أنا أين ذهبت قوة الحركة أردت أن ارفع رأسي لأشاهد من يجلس بقربي لم استطع الحراك ابداً ترى مالذي جرى لي شاهدت خيالاً يحدق بي أنه أنا أكتب على ورقة وفجأة اختفى الخيال واستطعت أن اتحكم بأعضاء جسدي نهضت مسرعاً لقراءة تلك الورقة ولكن حتى الورقة كانت خيال لأنني لم أجدها ابداً.
مشكورة ياسيدتي هدى الخطيب على هذه النافذة الرائعة وفي انتظار المزيد من ابداعاتك.
تقبلي مروري ودمتي بألف خير يا عزيزتي لكِ تقديري وفائق احترامي وحبي الكبير
[/frame]

خيري حمدان 20 / 01 / 2008 29 : 11 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
المبدعة هدى الخطيب
هناك نوافذ كثيرة على العالم، وأنت فتحت أكثرها جدلاً. لقد مررت أنا بمثل هذه التجربة وكنت شاهداً على حالة موتٍ بطيء لولدي إثر إصابته بسرطان الرئة. مات الجسد الجسد بطء وألم وكان في نهاية رحلة حياته قد تجاوز الخطّ الأحمر الذي يفصل الأحياء عن الأموات. وكتبت رواية اسمها "أحياء في مملكة السرطان" واسمحي لي أن أنقل جزءاً صغيراً ذو علاقة مباشرة بالموضوع.
* * *
?ذه المرة أردت أن أشاهد الدنيا بعيون والدي التي لم تنغلق بعد وإلى الأبد. شاخ جسده مرة واحدة. قدمه اليسرى تورمت كثيراً بسبب نقص الغذاء وباتت البقع الداكنة على وجهه ورأسه دائمة. صفائح الدم لم تعد تحتمل وقع الحياة الرتيبة. أخذت تنفجر وتهجر مجراها الدموي غير المنقطع عبر الشرايين والأوردة.
معركة خاسرة استمرت ما يقارب ستة عشر شهراً. كيف يحتمل الإنسان كل هذه الأقراص الطبية. آلاف من الأقراص، بعضها للمعدة، للعظام، للهدوء النفسي والسكينة، للمغص ولسكرات الألم. يبتلعها والدي دون كلل يوماً بعد يوم. يتحول جسده لصيدلية متنقلة بل مستودعٍ للأدوية، ويصرخ الوعي والدماغ، هل من خلاص! في هذه الحالات جميعنا يعرف الجواب، الموت رحمة وخلاص. والكلمة الأخيرة تبقى بيد الخالق، فهو أدرى بخلقه منا. ندرك نحن العقلاء الأصحاء ذلك. ويرفضه المريض المحكوم بكل ما أوتي من قوة وإرادة. وكلما أدرك هذا المصير زاد رفضه للحظة النهاية. هذه سُنَّة الحياة، فعذراً يا والدي. دع الأمور تجري لأقدارها. أدرك اللاوعي عبثية الاستمرار، لم تعد اللحظة الجارية تحمل نشوة الحياة وتوقف الطبيب عن ذرّ الرماد في العيون. توقف عن تشجيعنا واكتفى بقول "لا حول ولا قوة إلا بالله". أجهر أخيراً بضعفه وأسلم بضعف الطب الحديث أمام هذه المعضلة. حان الوقت لإراحة الخيل بعد أن جابت بلاد الله الواسعة. لن تغادر فراشك يا والدي إلا لمثواك الأخير. عندما ستبدأ رحلة حياتك الجديدة. هل تملك القوة الآن لترسم على شفتيك المتشققتين ابتسامة! افعلها وابتسم؟
أخبرني ما الذي تراه الآن بعد أن تخطيت الخطوط الحمر التي تفصلنا عن العالم الآخر. أعرف أنك ترى أشياء كثيرة لا نراها نحن الذين نحوم من حولك. أعرف أنك تتحدث وأشخاص لا يظهرون لغيرك. كان يشير بإبهامه نحو المروحة المعلقة في السقف. هنا من يعتليها! شخص ما هناك يثير خوفك ورعبك، من يكون ذلك الشخص يا ترى! أهو الشيطان بعينه! أم أنه يكون ملاك الموت ينتظر بفارغ الصبر ساعة النهاية!… لا جواب! يرفض الحديث عن ذلك. بل ويسألنا بما تبقى لديه من قوة "هل ترونه أنتم أيضاً".
نهز رؤوسنا سلباً. عندها يستغرب استفساراتنا ويقول راجياً "لا تسألوني عنهم، لا أستطيع التحدث عن ذلك".
ثم يبدأ رفضه القاطع. يعبر عنه بسبابته ويده ورأسه، يهز رأسه مُحْتَداً وتراودنا الأسئلة مجدداً "ما الذي يرفضه الآن. هل قدموا لك عروضاً مشينة. ماذا يدور في عالمك الآن يا والدي؟ "ومن جديد تبقى أسئلتنا عقيمة. تبحث هي الأخرى عن بعض الإجابات التي لا تأتي ولن تأتي.
أشعر بأن البيت مأهول بالسكان. كأن عالماً آخر يشاركنا المنزل بصمت دون أدنى حركة أو إشارة. كنا نشعر بوجودهم عبر انفعالات والدي. ربما كان ذلك محض كوابيس وصراع من أجل الحياة. لا أظن ذلك. لأن ذاكرته أصبحت قوية وحادة كالموسى. كان يتذكر أشخاصاً ووجوهاً غابت عن عالم الأحياء منذ زمن طويل. أشخاص لا نعرف أسمائهم ولا نذكر حضورهم بيننا في الماضي القريب. لكن عمّي كان يهز رأسه موافقاً لأنه يذكر هؤلاء الأشخاص. عاصرهم هو الآخر وخاطبهم يوماً ما في الماضي البعيد. لكنه كان يفضل الصمت والابتسام. يهز رأسه بحيرة دون أن يهمس بكلمة واحدة.
بدأت التقرحات تظهر على جسده في منطقة الظهر وفي المؤخرة.
كنا ندهن المناطق بمرهم خاص يحتوي على مضاد حيوي. كان أثر السرير واضحاً في أطراف جسده. تقرحات تفوق في وطأتها وعفنها الوضع العربي الراهن.


*** *** ***

هدى نورالدين الخطيب 25 / 01 / 2008 37 : 09 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[frame="1 10"]
الأستاذ خيري حمدان تحياتي و عميق تقديري
شكراً لك على كلماتك اللطيفة و الشكر الأكبر على انضمامك لأسرة نور الأدب

تجربة مؤلمة و مريرة ما مرت به يا سيّدي مع والدك رحمه الله و أسكنه فسيح جناته
لقد تأثرت جداً بما مررت به حتى أني لم أستطع أن أكتب الرد و انتظرت أيام حتى أنفصل قليلاً عن هذا الألم الذي يجعلني إنسانياً و وجدانياً ألهث على شواطئ الحزن و غربة الحياة ..
لقد صفعني الموت فجأة بلا مقدمات، حين كنت طفلة صغيرة لم تتجاوز كثيراً في سنوات عمرها عدد أصايع اليد الواحدة و لم أكن أفهم حينها شيئاً عن الموت!
مرّ والدي الحبيب في ذلك الصباح وعانقني و قبلني على رأسي من الخلف دقائق معدودة قبل أن أسمع صراخ والدتي المذعور المفجع
كابوس مرعب و جرح غائر لا يمكن أبداً أن أشفى منه و تلتئم جراحه و لو عشت ألف سنة!
في سلسلة الرسائل الأدبية المشتركة بيني و بين الأستاذ طلعت سقيرق" نبضات دافئة في شارع العمر" تحدثنا عن موت الأب وكتبت له عن ذلك اليوم، لم نقم بعد بنقل معظم رسائل هذه السلسلة من الموقع القديم لكني سأفعل قريباً و أتمنى أن تقرأها كما أتمنى أن أطلع على روايتك " أحياء في مملكة السرطان " و سأوصي المكتبة العربية إن يكن بالإمكان إحضارنسخة منها.
أعانك الله على احتمال هذه الذكريات المريرة وجعل كل هذا الألم الذي مررت به والذي فاق طاقتك بالتأكيد في ميزان حسناتك، رحم الله والدك و والدي و عمي و رحمنا من أي ألم يفوق طاقاتنا..
و تفضل بقبول فائق آيات تقديري و احترامي لشخصك الكريم و لإبداعك

[/frame]


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيري حمدان (المشاركة 3862)
المبدعة هدى الخطيب



هناك نوافذ كثيرة على العالم، وأنت فتحت أكثرها جدلاً. لقد مررت أنا بمثل هذه التجربة وكنت شاهداً على حالة موتٍ بطيء لولدي إثر إصابته بسرطان الرئة. مات الجسد الجسد بطء وألم وكان في نهاية رحلة حياته قد تجاوز الخطّ الأحمر الذي يفصل الأحياء عن الأموات. وكتبت رواية اسمها "أحياء في مملكة السرطان" واسمحي لي أن أنقل جزءاً صغيراً ذو علاقة مباشرة بالموضوع.
* * *
?ذه المرة أردت أن أشاهد الدنيا بعيون والدي التي لم تنغلق بعد وإلى الأبد. شاخ جسده مرة واحدة. قدمه اليسرى تورمت كثيراً بسبب نقص الغذاء وباتت البقع الداكنة على وجهه ورأسه دائمة. صفائح الدم لم تعد تحتمل وقع الحياة الرتيبة. أخذت تنفجر وتهجر مجراها الدموي غير المنقطع عبر الشرايين والأوردة.
معركة خاسرة استمرت ما يقارب ستة عشر شهراً. كيف يحتمل الإنسان كل هذه الأقراص الطبية. آلاف من الأقراص، بعضها للمعدة، للعظام، للهدوء النفسي والسكينة، للمغص ولسكرات الألم. يبتلعها والدي دون كلل يوماً بعد يوم. يتحول جسده لصيدلية متنقلة بل مستودعٍ للأدوية، ويصرخ الوعي والدماغ، هل من خلاص! في هذه الحالات جميعنا يعرف الجواب، الموت رحمة وخلاص. والكلمة الأخيرة تبقى بيد الخالق، فهو أدرى بخلقه منا. ندرك نحن العقلاء الأصحاء ذلك. ويرفضه المريض المحكوم بكل ما أوتي من قوة وإرادة. وكلما أدرك هذا المصير زاد رفضه للحظة النهاية. هذه سُنَّة الحياة، فعذراً يا والدي. دع الأمور تجري لأقدارها. أدرك اللاوعي عبثية الاستمرار، لم تعد اللحظة الجارية تحمل نشوة الحياة وتوقف الطبيب عن ذرّ الرماد في العيون. توقف عن تشجيعنا واكتفى بقول "لا حول ولا قوة إلا بالله". أجهر أخيراً بضعفه وأسلم بضعف الطب الحديث أمام هذه المعضلة. حان الوقت لإراحة الخيل بعد أن جابت بلاد الله الواسعة. لن تغادر فراشك يا والدي إلا لمثواك الأخير. عندما ستبدأ رحلة حياتك الجديدة. هل تملك القوة الآن لترسم على شفتيك المتشققتين ابتسامة! افعلها وابتسم؟
أخبرني ما الذي تراه الآن بعد أن تخطيت الخطوط الحمر التي تفصلنا عن العالم الآخر. أعرف أنك ترى أشياء كثيرة لا نراها نحن الذين نحوم من حولك. أعرف أنك تتحدث وأشخاص لا يظهرون لغيرك. كان يشير بإبهامه نحو المروحة المعلقة في السقف. هنا من يعتليها! شخص ما هناك يثير خوفك ورعبك، من يكون ذلك الشخص يا ترى! أهو الشيطان بعينه! أم أنه يكون ملاك الموت ينتظر بفارغ الصبر ساعة النهاية!… لا جواب! يرفض الحديث عن ذلك. بل ويسألنا بما تبقى لديه من قوة "هل ترونه أنتم أيضاً".
نهز رؤوسنا سلباً. عندها يستغرب استفساراتنا ويقول راجياً "لا تسألوني عنهم، لا أستطيع التحدث عن ذلك".
ثم يبدأ رفضه القاطع. يعبر عنه بسبابته ويده ورأسه، يهز رأسه مُحْتَداً وتراودنا الأسئلة مجدداً "ما الذي يرفضه الآن. هل قدموا لك عروضاً مشينة. ماذا يدور في عالمك الآن يا والدي؟ "ومن جديد تبقى أسئلتنا عقيمة. تبحث هي الأخرى عن بعض الإجابات التي لا تأتي ولن تأتي.
أشعر بأن البيت مأهول بالسكان. كأن عالماً آخر يشاركنا المنزل بصمت دون أدنى حركة أو إشارة. كنا نشعر بوجودهم عبر انفعالات والدي. ربما كان ذلك محض كوابيس وصراع من أجل الحياة. لا أظن ذلك. لأن ذاكرته أصبحت قوية وحادة كالموسى. كان يتذكر أشخاصاً ووجوهاً غابت عن عالم الأحياء منذ زمن طويل. أشخاص لا نعرف أسمائهم ولا نذكر حضورهم بيننا في الماضي القريب. لكن عمّي كان يهز رأسه موافقاً لأنه يذكر هؤلاء الأشخاص. عاصرهم هو الآخر وخاطبهم يوماً ما في الماضي البعيد. لكنه كان يفضل الصمت والابتسام. يهز رأسه بحيرة دون أن يهمس بكلمة واحدة.
بدأت التقرحات تظهر على جسده في منطقة الظهر وفي المؤخرة.
كنا ندهن المناطق بمرهم خاص يحتوي على مضاد حيوي. كان أثر السرير واضحاً في أطراف جسده. تقرحات تفوق في وطأتها وعفنها الوضع العربي الراهن.



*** *** ***


هشام البرجاوي 26 / 01 / 2008 37 : 09 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[align=right]
الأخت الكريمة هدى:
الموت كحالة بيولوجية يقترب منا كثيرا، لكنني شخصيا، لن أصدق أنه كائن معنوي. سيرحل جسدي، سختفي عقلي من حيث هو كتلة خلايا عصبية، المهاية المادية و العضوية موجودة و لا نستطيع الإنتصار على ضرباتها الخاطفة و المتقنة، لكننا في إيماننا و قناعتنا بصواب تحركنا داخل الإنسانية سنتابع أنجازاتها و نتحاور حول مفارقاتها و مواطن قوتها و نحن بالمعنى المادي البحت:"لاموجودون"
دام لك السلام
[/align]

هدى نورالدين الخطيب 26 / 01 / 2008 10 : 10 PM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
[frame="1 10"]
البرفسور هشام البرجاوي تحياتي و عميق تقديري
شكراً لك و لمداخلتك و أنت تعرف قدر اعتزازي بثقافتك و فكرك
بعيداً عن مفهوم الموت و ماهيته و حقيقته و ما خلفه...
موضوع الموت هنا مجرد مدخل و استخدام الروح أردت منها أن تكون أداة تبسيطية أمتطيها للبحث في التاريخ و عرضه وفق إطار قصصي لا يمل قراءته الناس على مختلف أعمارهم و مسوياتهم الثقافية بحيث يسهل الإشارة إلى مواطن التزييف و حقائق التاريخ مبسطة من خلال حوار في كل حلقة بيني و بين أحد الشخصيات التاريخية التي شوه تاريخها و أو أصلها و خضعت للتحريف.
موضوع الروح هنا أداة في سلسلتي و ليس غاية بحد ذاته فلو اطلعت على حلقة مداخلتي عبر الحوار مع شخصية ملك القدس الكنعاني ملكي صادق يمكن بوضوح أن تتبين قصدي حول هذه الشخصية التي نهبت و زيفت و طالها التحريف.
يهمني جداً إنسان عالي الثقافة مثلك أن يطلع ملياً على ما خلف السطور و يتبين فكرتي لأني لأنى فعلاً و بهذا الموضوع تحديداً يهمني جداً أن أعرف رأيك و أتلقى توجيهاتك و إرشاداتك و نقدك البناء، فأرجو ألا تبخل عليّ بقراءة الحلقات ( خصوصاً حلقة ملكي صادق) و مابين السطور و من ثم توجيهي و إرشادي
و تفضل بقبول فائق آيات تقديري و احترامي لك
[/frame]
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام البرجاوي (المشاركة 4578)
[align=right]
الأخت الكريمة هدى:
الموت كحالة بيولوجية يقترب منا كثيرا، لكنني شخصيا، لن أصدق أنه كائن معنوي. سيرحل جسدي، سختفي عقلي من حيث هو كتلة خلايا عصبية، المهاية المادية و العضوية موجودة و لا نستطيع الإنتصار على ضرباتها الخاطفة و المتقنة، لكننا في إيماننا و قناعتنا بصواب تحركنا داخل الإنسانية سنتابع أنجازاتها و نتحاور حول مفارقاتها و مواطن قوتها و نحن بالمعنى المادي البحت:"لاموجودون"
دام لك السلام
[/align]


هشام البرجاوي 27 / 01 / 2008 43 : 01 AM

رد: نافذة على العالم الآخر / سلسلة قصصية
 
الأستاذة هدى:
تاريخنا مسجور بالشخصيات العملاقة التي حاولت كتابات غير منصفة تزييف اسهامها العميق في بناء المعرفة الإنسانية، استفدت كثيرا من قصة الملك المقدسي صادق، التي تتشابه في ملامحها الكبرى مع التحريف الذي لحق سيرة الخليفة العربي المسلم هارون الرشيد و الرئيس العراقي صدام حسين الذي اجتازت كتابات التزوير التي استهدفته حزب البعث لتشوه الفكر القومي.
أستشف من اختيار الروح( من حيث دلالتها المركزية على الإعتقاد الطاهر، في جميع الأشكال الثقافية العالمية و من ضمنها الثقافة العربية الإسلامية التي تدمج أسرارها في سياق المعرفة الغيبية) كمدخل للموضوع، وعيا مكتملا بأهمية مواقف القادة الكبار في تاريخ الإنسانية الذي لا يختزل في سؤال البحث عن الإطمئنان المادي، فالإنسانية قوة ابداعية مطلقة رديفة للقوة الإلهية، في مخيالنا المرتبط بعقيدتنا الإسلامية. على المستوى الكرونولوجي، لا يتحقق استيعاب دور الحاكم أو النظام السياسي إلا بعد فترة زمنية،لا يهم امتدادها،من انتهاء حركيته التاريخية. و هذه الفرصة المتكررة في التاريخ تمنحنا المجال الفسيح للتأثير كمؤمنين بتصورات اصلاحية.
كما أنني مؤيد لتزويد الحقيقة التاريخية بالبعد الوجداني الميثولوجي داخل حدود غاية تعزيز القيمة التأثيرية أو المفعول الإقناعي شرط أن تستمد الصفة الوجدانية من أوصاف الشخصية المدروسة، و قد تحقق هذا الشرط في طريقة اعادة ابراز مميزات عهد الملك صادق.
و بفعل ايمانك بصدق الحقائق التي تدافعين عنها، فإن استخدام الروح و مفرداتها مستلب من الأسلوب الذي افتتح به الله القرآن الكريم، لم يبدأ بالتبيئة، و إنما بالتصريح المباشر بأن ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. هذه البداية فوق الإنسانية تشير إلى مكتسبات جاهزة، يحق للجهد العقلي أن يحاول في منحى الإقرار أو في منحى التفنيد، لكنه مضطر أمام النتائج المتتابعة إلى اختيار الشكل الأكثر اكتمالا للمنحى الأول: المنحى التطويري أو ما نسميه الإجتهاد.
لننسخ هذه الملاحظة على محاولات و عمليات اصلاح القناعة التاريخية للمواطن العربي، الفعل وقع و لا نملك القدرة لتغييره في توقيته الدقيق(استحالة الفعل وضد الفعل أو رد الفعل في نفس الزمن)، لكننا نستطيع التأثير في عملية التأريخ.
دام لك السلام سيدتي الكريمة.


الساعة الآن 33 : 06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية