الأستاذة فابيولا بدوي
المبدعة الرائعة هدى الخطيب... شاكرة إطرائك وكل ما ذكرته عني، وإن كنت أقل بكثير من كوني مفكرة. هي محاولات ضئيلة ومتواضعة جدا للقيام بدور بسيط تحت سماء هذا الوطن الغالي.
قبل أن يخطو الاتحاد خطوته الأولى على أرض الواقع، كانت هناك مرحلة طويلة من التفكير، والخاطر الأول بطبيعة الحال كان الحوار العربي الأوروبي، وتعددت التفصيلات حول هذا الحوار. غير أن المواجهة الكبيرة كانت في طرح سؤال محدد.. هل نحن بالفعل قادرين على مثل هذا الحوار؟ كيف ونحن لا نجيد فن الحوار فيما بيننا، فكيف سنقوم بمحاورة الآخر.. السؤال الثاني كان: أيهما أجدر بالحوار: الحوار مع النفس والآخر الذي هو أنا بشكل أو بآخر في نهاية المطاف، أم الانسياق مع صيحة حوار الثقافات والحضارات والأديان وما إلى ذلك؟
الإجابة جاءت واضحة وبديهية، وهكذا بدأنا الحوار فيما بيننا. غير أن الخطوة التي قمت بها هي الأشمل والأعم، وسوف يثمر هذا الحوار عن نتائج قد تشكل خطوة صحيحة على طريق اللقاء بين ألوان الطيف في وطننا، إذا لم يقتصر على وجه النظر الواحدة العربية الإسلامية العروبية. لقد عرضت أنت وجهة النظر هذه في مقدمتك ومداخلاتك الأولى بشكل تحسدين عليه.. وأنا أعرف تماما قدر انحيازك إلى انتمائك العربي والعروبي.. وليتنا نتمكن من عرض مشابه لما قمت به وتم تتويجه بوجهات نظر المداخلين.
وأتمنى صادقة أن يفسح الجميع صدورهم، وأن نتخلى جميعا عن لهجة التفوق ومحاولات ترسيخ فكرة أن هذه الأوطان هي ملك لنا أولا وأخير، ولكننا نملك رحابة صدر وخلق كريم تجعلنا نرحب بوجود الآخرين معنا. فهذا غير صحيح على الإطلاق. فأقباط مصر على سبيل المثال، هم مواطنون مصريون من الدرجة الأولى وليسوا جالية قبطية علينا أن نرحب بوجودها، وأن نثبت ونكرر عليهم كل يوم أن ديننا يحثنا على ذلك، وكذلك أخلاقنا العربية وشهامتنا.
من أجل وطن واحد نتمنى أن نصلي فيه صلاة واحدة تكون قبلتنا فيها انتمائنا إلى ترابه وسمائه، ليتنا نستمع إلى بقية المواطنين في هذا الوطن. وأن نتمكن من عرض تاريخهم وأوجاعهم وآلامهم التي عانوا منها كثيرا على أيدي حكام تفننوا على مر العقود في قهرهم ومحاولات نفيهم لأسباب وغايات مختلفة. حتى باتوا اليوم كما ذكرت وذكر البعض ثغرات ينفذ منها المستعمر ويستفيد من وجودها. ليتنا نتمكن من فهم بعض الحقائق التاريخية والممارسات اليومية التي قد تكشف كيف ينقلب أبناء الوطن الواحد بعضهم على البعض الآخر بدلا من لهجات التخوين التي تستخدمها بشكل يومي ضدهم.
وقبل أن أسترسل في مداخلاتي، هل لي أن أتساءل كم مثقف عربي يخاف على هذا الوطن نهض وتصدى بفكره وقلمه للسباب الذي يتعرض له الأقباط فوق منبر المساجد في كل خطبة جمعة؟
منذ عامين تقريبا تم إطلاق أسماء شهداء في حرب أكتوبر على ما يقرب من 13 شارع، لم يكن بينهم قبطي واحد، فهل يعقل أن شهداء وأبطال أكتوبر كلهم من المسلمين؟ أين نحن من هذا؟
لو تحرك المثقفون، بقدر إمكانهم، أمام مثل هذه الممارسات اليومية وغيرها، ما اعتبر أقباط المهجر رفع الظلم عن أقباط مصر قضيتهم، بصرف النظر عن مدة استفادتهم الشخصية أو استخدامهم من قبل جهات بعينها.
ليتنا نجتهد جميعا ونرهق أنفسنا كي نتمكن من عرض كل ما يقع بين أيدينا من تاريخ وواقع للأقباط والأكراد والأمازيج على اعتبارهم أكثر الأقليات الموجودة في الوطن العربي عددا وتواجدا وظهروا على الساحة السياسية. وحينها يمكننا أن نعرف كيف نتلاحم وننصهر في بوتقة هذا الوطن الذي منا يضمنا جميعا شئنا أم أبينا.
وحتى نبدأ في البحث وعرض ما يمكن أن نتوصل إليه حول هذه الأقليات.. أضيف إليك أيتها الشجاعة المبدعة، وأنا مصرة على هذا التعبير، ورقة قدمت إلى الاتحاد حول الهويات الجزئية قام بإعدادها باحث وشاعر ومناضل موريتاني يقيم في باريس.. بدي ولد إبنو