عرض مشاركة واحدة
قديم 18 / 05 / 2008, 42 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
احمد الشملان
شاعر ، كاتب ، محامي

 الصورة الرمزية احمد الشملان
 





احمد الشملان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: البحرين

صديق لم يزل ! - كلمات

صديق لم يزل !
**************
استعير من ذاك الصديق القديم المتجدد دائما ما يمتحني من فاكهة الكلام ودواء الروح
حتى كأنه أنا وكأن ما قاله ويقوله هو تماما ما أشتهى قوله وأشتهى سماعه .
دخل في سماح الروح واستقر فيها وتركنى الاحق ظله واتهيأ لاستقباله كلما وضعت
الورقة أمامي وشرعت الكتابة وقال لي مرة :
- حتى الآن تضئ مفاتنها دمائي انتظارا على مرفأ من بحار الطفولة . شاغبته أغاني
عجولة يرددها البحارة كل مساء . تضئ و تخبو وتزهر دمائي نخيلا توزع بين الخرائط !
حين أعلنت دهشتي من كلامه انصرف عني بانزعاج وأخذ مطرقته ليمارس مهنته
" الحدادة " ! وكلما خاطبته واصل الطرق : دق . . دق . . دق ! !
وقال مرة : لاتوقف الطرق والحديد ساخن !
قالها منذ سنين ومازالت ترن في أذني حاملة سخونة الحديد وصدى الطرق المتواصل .
لا أظنه نسيني بعد هذه السنين التي فرقتنا والتي اعتدنا قبلها على عدم الافتراق .
وها نحن بعد كل تلك السنين نترك أجسادنا حيث شاءت لها الظروف أن تكون وتطلق
روحينا معا . أقصد أبعث روحي له تتجول في فضاء الوهج المنبعث من حديدة الساخن
أبدا .
مرة انحنيت على حديدة حمراء كان يطرقها طرقات سريعة فينهمر من حوافها شرار
بتشكيلات غريبة . . وحين سألته ماذا ستصنع بها أجاب بكل بساطة :
- استمتع فقط بتشكيلات الشرار حولها !
قلت بدهشة بالغة :
- ولكن أمن المعقول أن تمضي نهارك في مجرد الاستمتاع بشرر ينبعث من حديد
ساخن وتترك تحصيل لقمة عيشك ؟
أجاب بلا مبالاة :
- اتغذى من هذا الشرر. . وأطعم العالم أيضا. . يا لك من طفل مشاكس وساذج !
بالأمس فقط أحسست بصدق ودقة كلامه حين اكتشفت وأنا استحم تساقط شرارات
متوهجة من جسدي المتعب . . وتذكرته بعد تلك السنين ثم نسيته فاذا به يطل من قدح
القهوة السوداء في يدي ويضيئ فجأة بسؤال غريب :
- هل انني في الحدود طفل شاخ قبل الأوان ؟
أجبت كمن يخاطب شخصا أمامه :
- رأينا جموعا تغادرها الطفولة ، وتبحث عنها الحوائط ! !
و انتبهت لنفسي متعجبا من هذا الذي حدث لي فقلت كمن يستسلم لأمر ينتابه عادة :
- لا شك انه الحّداد . . جاء يؤكد ما قاله منذ سنين . . أطعم العالم من هذا الشرار
المتطاير وأستمتع بمنظره المدهش !
كم مرة توقعت أن يتوارى فأنساه وينساني ، وكم مرة قلت انه نساني فعلا لاكتشف
انه يلازمني كظلي ويتابع انفاسي مطلقا عليها شراراته الزاهية .
أمس فقط تاكدت أنه صديق صادق ولم يزل . . وأنه لم ينسني . . بل ربما يتذكرني
أكثر مما أذكره ! !
--------------------------
" أجراس " 26 / 12 / 1994 - احمد الشملان
__________________________________________________ ________
الخليج - الشارقة- الامارات العربية المتحدة

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع احمد الشملان
 إلى الطيبين الذين ذهبوا بطيبتهم
و
إلى الطيبين الباقين على طيبتهم
( أحمد الشملان )
احمد الشملان غير متصل   رد مع اقتباس