[align=justify][frame="13 10"]
حبيبي النادل... وفنجاني الشتائي
مع الليل الشتائي الطويل والفجر الطويل أُرسل الحروف، وأبتسم ابتسامة تنتثر على الأوراق ..لتثير الأشواق فتتلاعب الكلمات بكل هدوء ،وتخرج عن فواصل الكلمات لتحرّرْ العبارات والمجاملات ،وترتدي ثوب بسيط من الكلام ،في هذا الفجر يقرر قلمي المتكبّر أن يندفع بالكلام ليَعبر بحقيبته المُمْتلئة بالأوراق ..والأشواق.. فيسْتَوْطن حدود -حديث النفس-
هناك ..وهنا ..أجد نفسي معكم وإن كنت قد غادرت يوما -مقهى الأشواق- في حي النور عند الرصيف الخامس من درب الأشواق وتقاطع الأنفاس، ومُرَبّع الخيال ..
نعم للخيال.. أركان وزوايا أكتبها في مقهى الأدباء وإن لكثير من كلماتي تَتَدلّى من زوايا حجرتي ومن الثريّة المعلّقة التي تَتَحَسَّنْ عليّ بأحرف أجمعها في فنجان قهوتي ...هو فنجان أرتشف منه الحركات والنبضات والكلمات فأكون حديث النفس والهوى وإن غبت..
عادةً ما يأتي " حبيبي النادل " لي - بأريكتي الخضراء -صنعها لي خصيصاً .. بالإضافة أني فُزْت بها ..يوم أن كتبت له أشواقي.. أتذكرون ..أراكم تهزّون برؤوسِكم وترفعون أعناقكم لتستحضروا الذكريات ...وتقولون آه... ما أجملها من أيام ! -ابتسامة -جميلة وأشواق
أعتقد أنه شفق على أناملي ،هو معجب بعيني الواسعة أعلم ذلك، فالمرأة قطار سريع من المشاعر والرجل له محطات معها ، لذا دوما يحاول النادل أن يعصر لي عصير الجزر ويسْقيني الكؤوس... وعندَ الغداء يقدم لي وَجْبة مُكوّنة من- حِساءْ الجَزَرْ- فهو يُقوّي البصر .. وبين الوجبات والأشواق.. يسرع بشاي م نعنع.. وأحيانا بالكابتشينو وقطع من حلوى الأوراق وقلم وشعر.. وجريدة اليوم..إنه يعلم أني أحب الرغوة وبودرة الشكولاتة المنثورة من فوقها ويدرك أني أعشق الكتابة في الليل والفجر والسهر والسمر مع الأوراق والكتاب فيأتي بضوء القمر لأستكشف كلماتي وحروفي ..وبعازف الكمان لترقص الكلمات على أنغام الذكريات
أخيرا فُتح -مقهى النور- ونعذره لأنه جدد المكان من الطبيعي أن كل مكان جميل يحتاج للصيانة أما عن الكهرباء والذكريات فهو دوماً يشتكي لي
- يقول النادل والحزن يبدو على ملامح الكؤوس وجبين كلماته وخطوطها :-
أن قهوة الأشواق تفوق فاتورتها كل مقاهي المدينة ولا نعرف كيف نلحق على تلك المصاريف حتى بات الأمر مكلف .. وهناك بعض الخسائر، حينها نزفت دمعتي .. وانعصر له قلبي، فأنا أهواه وذكراه لا تغيب عن البال إني أحبه ..أحبه..لكنه لا يعلم بسبب كبرياء خطوطي وقلمي ..والمسافات وانقطاع التيار
- سألته وحروفي مستاءة ما السبب ..؟
-رد بكل قهر.. وأسف :
لأن الزبائن يغيبون كثير وأحيانا يحجزون مقاعد ..ولا يحضرون ، حزنت بالطبع عليه خاصة أن هذا
- المقهى- يعني لي الكثير ..إنه بدايتي ..مع أوراق الخريف ،و ملكوت شتائي .. فهو حكايتي وقصصي ..وكل خاطر لي وخيال أناديه من أجله ، هو- مقهى الأدباء والأشواق وحديث النفس بين الأنوار- أتمنى أن لا تنطفئ الأنوار وتذبل الشموع المقابلة لعمارة ومجلة نور الأدب ...لن أكون غريبة ..الدار والسكن إن غبت أو حضرت ...اذكروني دوماَ..
لي لقاء في كل مساء ..على معزوفة تسيتقظ على أوتار الحب ،والحرية .. لتتبادل بيننا الهمسات.. بذكرى تداعب الاوراق ..والأشواق
الجلسة الثانية...
أجلس على الكنبة الخضراء ..كنبة حبيبي النادل ..وأنا أفكر دوما أن أكتب ،أحضرت مقلمتي وألواني الجميلة ومفكرتي لأخربش بخطوطي ،و أرسم دائرة تحميني من ضياع الفكرة والأبطال،ولكن لا تستحضرني تلك الفكرة أو الخاطرة كما أريد فأحاول أن أحرك أناملي لأجعل منها حكاية أو كلمات أنثرها على الطاولة المستديرة وأنا أرتشف كأس الجزر وحبيبي النادل ينظر إليّ بحماس كي أتابع أسطري ، أحاول أن أحفر الصخر على مخارج الحروف ،وتتدلى القناديل من الأعلى.. وهو ينتظر ..وينتظر ..قبل مطلع الفجر، فقد تأتي البلدية والمديرية بسبب مخالفته ، عن عدم إغلاق مقهى الأدباء في الموعد المحدد ، وقد ينطفئ النور وهو يتحمل الغرامة، هو يضحي من أجلي ، ربما يحبني وأتمنى ذلك فهو يعشق الأدب..وأنا وأعشق من يسقي الأقلام حبا وسمعا، كثير من الأدباء أعرفهم يترددون هنا منذ الخمسينات كان الرواة.. والفلاسفة بل يقال ..أن ابن خلدون ..قد مر من هذا المقهى.. وأن فيروز تغني كل يوم أغنية ، وعبدالوهاب لحن ألحانه هنا ، وإن عددت لكم لن يحصي قلمي، فأحيانا أجده كسول لا ينطق عن الهوى ولا يسمن من جوع ، لذا أنطلق به عند مقهى الشوق ..ودار الأشواق
إنه يهمس لي:-
أيا امرأة الأبجديات كلها، قفي أمام بابي الحزين...فأنا أقاسي جرحا أقسى من كل جرح، وحزنا أفدح من شجر البوح، فدعي لغيري ذاك الملح، يكفي أن تراك العيون يوما بدوني ليحلّق الحزن فوق الغيوم وبين النجوم،
ثم عودي واجلسي على أريكتي بجانب المدفأة واقرئي كتابا مسليا، وتمني في سرك لقلبك أحلاما هانئة
تعجبت كيف نطق عن الهوى؟
أم أنها مفردات تتقاطر مع أوهام خيالي ...يا الله من أين ذاك الصوت هو آت.. أين أنت؟
-همس ثانية
أيا إيزيس حياتي المنكسرة...أين رحلة النهر أين أنت إني أبحث عن حبيب؟ أين الجسد المبعثر الذي قيل لي أنّك ستجمعين؟
ما هذا ...وأين أنا ..همست له هل هو أوزوريس أم هو النادل أم عند النهر تنادي...!
أجبته دون أن أعلم من يكون:-
لك الطاعة .. سأستحضر فكري و خيالي ..سأرشق على الأوراق مشاعري ..وعلى مقهى الأشواق سأكتب روايتي وخواطري وقصصي.. أتسمعني !..
- خذ قلبي..المتهافت المسكين وهيء لنفسك شواء الهوى..فقد يقرأ لنا أحدهم فنجان الشتاء أم أني أسطورة عبر قرص القمر ....![/frame][/align]
جمعتُ الجلستين..وأنقلها من الخاطرة إلى قسم القصّة القصيرة..الأستاذة خولة وجدتها أقرب إلى القصة من الخاطرة أو قصة مجموعة خواطر!! شكرا لك ..ولي عودة بإذن الله...تحيتي وتقديري..