رد: حوار استبياني / لماذا فرضت علينا الصلاة وما الفائدة التي نجنيها من الصلاة؟؟
الغالية الأديبة الفضلى هدى نور الدين الخطيب
أثار عنوان -هذا الحوار الاستبياني الرائع- انتباهي ، خاصة أنه يتحدث عن الفائدة الروحية التي يجنيها المسلم من الصلاة ، وبعد قراءتي لكل المداخلات والآراء المنسجمة عن فائدةالصلاة ، تبين لي أن هناك بعض الأسئلة التي بقيت عالقة دون إجابة شافية .. مانعة ، هي أسئلة تستحق العودة إليها .. والوقوف عندها ، والتي جاءت ،على المنوال الآتي :
إذا لماذا فرض الله علينا وعلى كل الأمم من قبلنا الصلاة؟
كلمة صلاة من صِلة، صلة بين العبد وربه
ما هي هذه الصلة وما الفائدة منها؟؟
كيف تنعكس على أرواحنا؟
ماذا نستفيد منها يوم العرض ولماذا؟؟
ما فائدة الصلاة على السراط المستقيم؟
صديقتي الغالية ،، سأبدأبهذا التمهيد .. لأفتح المجال من جديد ،علنانصل إلى بعض الإجابات عن كل الأسئلة التي تم طرحها ..
يقول الله تعالى في حديث قدسي (( ليس كل مصلٍّ يصلي، إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع لعظمتي، وكف شهواته عن محارمي، ولم يصر على معصيتي، وأطعم الجائع، وكسا العريان، ورحم المصاب، وآوى الغريب، كل ذلك لي، وعزتي وجلالي إن نور وجهه لأضوأ عندي من نور الشمس، على أن أجعل الجهالة له حلماً، والظلمة نوراً، يدعوني فألبيه، ويسألني فأعطيه، ويقسم علي فأبره، أكلأه بقربي، وأستحفظه ملائكتي، مثله عندي كمثل الفردوس لا يمس ثمرها، ولا يتغير حالها))
سبحان رب العباد وهو الغني ونحن الفقراء .. نفتقر لقبوله ورحمته ورضوانه .. وعطائه نسعى جاهدين لنيل رضاه والتقرب .. إليه .. نسعى في صلواتنا وبصلواتنا طائعين تائبين
، حتى ننال رضاه ، ولينعم علينا بمحبته وعطائه ونعمه ، وأول نعمة ظاهرة تشهدها الأعين نعمة النور .. أي والله ، هي الصلاة التي تريح القلب والعقل والروح والنفس ، هي طهور وسرور وحبور .. ،
.. وقد صدق الرسول حبيبنا المصطفى صلوات الله عليه ( أرحنا بها يا بلال ) ،.. ،
فالصلاة غذاء الروح ، مادامت هي العبادة الوحيدة التي يشترك فيها أهل السماء مع أهل الأرض، وهي المعراج الروحي بين الإنسان وبين الرحيم الرحمن ..
ما معنى الحياة دون صلاة دون عبادة .. ما الفائدة منها .؟؟!!.
إن الحياة دون صلاة ، دون عبادة ...هي حياة فراغ وظلمة ، وخواء .
بالصلاة نحفظ التوازن بين الجسم والروح ،، بين الكبح والدافع .. بين الرغائب والدواعي ، حتى لا تفقد الروح سلطانها ،ولا النفس راحتها ..
وما فائدة الصلاة دون خشوع ..؟؟
بالخشوع نتذلل لرب العباد ، نتذلل لمن يعلم السر وما يخفى ، فيخشع سلطان الجسم ،" القلب " لتخضع وتخشع الجوارح كلها ..
لكن كيف نزيل الغفلة ونصل إلى درجة الخشوع في صلواتنا ، ؟؟
هي درجة لا يصل إليها إلا المتذلل الممتثل لأمر الله ، المستسلم لحكمه، الخائف من الله ومن عقابه ، المتواضع المستسلم للحق ، وتارك الاعتراض على الحكم ..
والخشوع درجة لا يصل إليها المؤمن إلا بعد رغبة ورهبة، يقول تعالى:
{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا** رَغَبًا وَرَهَبًا*** وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ****} (الأنبياء:90) .
درجة يصل إليها بعد سؤال وطلب وإلحاح ، وابتهال وتضرع ، وبعد خوف وفزع ... وبعد إمعان في الهرب من المكروه، وبعد سفر القلب في طلب المرغوب فيه...
هي إعدادات قلبية روحية نستحضرها دائماً ، وتساعدنا إلى أن نصل إلى درجة الخشوع في صلواتنا..فتصبح الصلاة يسيرة محببة ،تبعدنا عن الفحشاء والمنكر .
بالخشوع تدمع العين خوفا ورهبا من خشية الخالق تعالى ،،خوفا من التقصير ، ورهبا من الموت قبل الاستعداد..
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
الخشوع في الصلاة مكرمة تقرّب العبد من الله، وتليّن القلب ، وتورث الزهد والإقبال على الآخرة ، وتبعث في القلب محبة الخير ، وكراهية الشر ،،،
إذا كانت الصلاة غذاء الروح فإن الخشوع هو غذاء الروح والقلب والجسد والعقل بل هو روح الصلاة ولبُّها ..
|