| 
	
		
		
			
			 
				
				الحمامة الشقية
			 
			 
			
		
		
		الحمامة الشقية 
إنتهزت الحمامة الشقية فرصة إنشغال أمها بإطعام الصغار وإبتعدت عن العش . 
كانت قد دربت جناحيها على الطيران لكن لمسافات قصيرة . وكانت كلما أحست بالتعب فى جناحيها تستريح فوق جذع شجرة ثم تواصل الطيران . 
كلما طارت من مكان إلى أخر تشعر بالسعادة لأنها ترى أماكن جديدة لم تحك عنها الأم . 
السعادة أنستها نصائح أمها فواصلت الطيران حتى وجدت نفسها عند الشجرة الأخيرة قبل البحر . وقفت على أحد أفرع الشجرة وهى تنظر فى كل إتجاه فلا ترى إلا الماء . شعرت بالخوف وندمت لأنها لم تسمع كلام أمها . رفعت رأسها إلى السماء قائلة : يارب نجنى من محنتى وغربتى وأعاهدك ألا أُغضب أمى مرة أخرى فلو سمعت كلامها لما وجدت نفسى فى هذه المحنة . 
فكرت الحمامة فى أن تعود لكنها خافت أن تضل الطريق . كما أن التعب يستبد بجناحيها ولن تقدر على العودة قبل أن تنال قسطا وافرا من الراحة . 
لما هدأت الحمامة الصغيرة نامت لكن الهواء هز أفرُع الشجرة .. صوت إهتزاز الأوراق أقلقها ففزعت . طارت مبتعدة لكن إلى أين ؟ هى لاتعلم لنفسها وجهة أو طريق . حطت على الأرض . 
 
  
نظرت إلى البحر فتذكرت عطشها . إقتربت من الماء لتشرب لكن كلما إندفع الموج بإتجاهها كانت تتراجع خائفة . تكررت محاولاتها الفاشلة حتى أدركها اليأس وقفت مكانها منادية . 
يا أمى . أين أنت يا أمى ؟ أدركينى أنقذينى . 
 
أمها لم تسمع فهى بعيدة ولا تعرف مكان إبنتها . فجأة إنتبهت الحمامة الصغيرة . سمعت صوت ضحكة . فمن يضحك ؟ بحثت عن مصدر الصوت ولم تفلح فى معرفة صاحبه – إقترب الصوت منها : 
أنا هنا . أين تبحثين عنى ؟  
اين انت ؟ 
- أنا هنا فى الماء . 
نظرت الحمامة الصغيرة بإتجاه البحر فرأت شيئاً لم تره من قبل يناديها . 
- تعال . لا تخافى تعال نلعب معاً . 
خافت الحمامة ولم تعد . سألت بفزع : 
من أنت ؟ أنا لم أر شيئاً يشبهك من قبل . إستمر صاحب الصوت : 
- ألم ترى السمك من قبل ؟ أنا سمكة صغيرة مثلك لكنى أسبح فى البحر . وأنت تطيرين فى الجو . أقتربى . أنا أعرف إنك حمامة . رأيت حماماً كثيراً فوق الأشجار لكن أنت لم تجيئى هنا إلا اليوم . 
 
إطمأنت الحمامة الصغيرة فاقتربت لكن لما إقترب الموج تراجعت . ضحكت السمكة وطالبت الحمامة ألا تخاف لكن الحمامة ظلت خائفة . قالت للسمكة . 
- أنا عطشانة فساعدينى على أن أشرب  
ردت السمكة  
- إقتربى من الماء وأنا سأضرب الماء بذيلى فتتطاير القطرات ناحيتك . حاولى أن تلتقطيها بمنقارك حتى تشربى . 
ظلت السمكة تضرب الماء بذيلها والحمامة تشرب حتى إرتوت . 
حينئذ خطر للسمكة خاطر أخبرت به الحمامة . 
ما رأيك يا صديقتى لو علمتنى الطيران مقابل أن أعلمك السباحة ؟  
ردت الحمامة  
- أنا أطير بالجناحين ولا أجنحة لك فكيف تطيرين . 
قالت السمكة  
وأنا أسبح بالزعانف وأنت بلا زعانف فكيف تسبحين ؟ 
فكرا سوياً فى حل ثم إتفقا على أن تأخذ السمكة أجنحة الحمامة لتطير بها مقابل أن تعطى زعانفها للحمامة حتى تستطيع السباحة . 
بدأ شكل السمكة بالأجنحة غريباً نظرت لصورتها المنعكسة على سطح الماء ثم ضحكت . خبطت بالأجنحة فى الهواء فإرتفعت . شجعتها الحمامة فواصلت التحليق حتى حطت على الشجرة . فزعت كل الطير من شكل الطائر الغريب . ولت الطيور مبتعدة . تعجبت السمكة . أرادت أن تلعب وتمرح مع الطيور لكن الطيور فزعت وفرت لتتركها وحيدة . نظرت من فوق الشجرة إلى الحمامة وجدتها لم تزل على الشاطئ . تخبط الرمال بالزعانف فلا سبحت ولا طارت . أدركت السمكة أنها أخطأت حينما إستبدلت بزعانفها أجنحة الحمامة . 
فجأة وهى فى قمة حيرتها وندمها حطت بالقرب منها حمامة كبيرة . إقتربت منها وهى تحاول شم أجنحة السمكة . تأكدت من الرائحة فسألت السمكة : 
- هذه الرائحة المنبعثة من أجنحتك رائحة إبنتى الحمامة  
خافت السمكة ولم ترد . 
ماذا فعلت بإبنتى وكيف أخذت أجنحتها ؟ 
ردت السمكة : 
- أبدلتها بزعانفى . 
واصلت الحمامة : 
خذينى إلى إبنتى  
طارتا معا . بالقرب من الحمامة الصغيرة . بكت الصغيرة . 
- سامحينى يا أمى . أسفة لأنى لم أسمع كلامك  
- ردى للسمكة زعانفها . 
- سألت السمكة . 
لماذا لم تسبحى مثلى ؟ 
ردت بعفوية . 
- خفت من الماء . 
قالت الأم . 
- لأنك إستبدلت الزعانف فقط وظل قلبك قلب حمامة فخاف من البحر  
ساعدت الأم إبنتها فى تثبيت الأجنحة وردت للسمكة زعانفها . نصحتهما معا بعدم تكرار هذه الفعلة فقد خلق الله السمكة لتسبح وخلق الحمامة لتطير والحمامة لما فقدت أجنحتها لم تستطيع الطيران ولما ركبت الزعانف لم تستطيع السباحة . فالخالق لم يخلقها للبحر . شكرتها السمكة ووعدتها أن تعمل بالنصيحة بكت الحمامة الصغيرة نادمة . ربتت عليها الأم وعدتها ان تسامحها بشرط ألا تكرر الخطأ . وطارتا عائدتين إلى العش . 
 
		
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
		
     |