| 
				
				وأزهر الحبّ في الخريف ....!
			 
 استهــلال ..!
 
 قصيدةٌ مِنْ ذاكرةِ الشّباب، تُصَوِّرُ مشكلةً عاطفيّةً إنسانيّة مازالت ماثلةً في ذاكرتي:
 كان صديقاً لي ويكبرني سنّاً ،  وله زميلة تصغره في العمر ، جمعهما مكتب واحد في وظيفةٍ حكوميّة !
 هو  فـي الخمسين وغير متزوّج، وهي عزباءَ في العشرين .
 دخلَ عليّ  في مكتبي ذاتَ مرّة  من غير تحيّة ، وجلسَ وتمدّدَ على كرسيّه ، مُسنداً رأسهُ على  حافّته  العليا ، صامتاً ساهماً  .
 ــ مابكَ ياصديقي .
 ــ  ......
 ــ هل أجلب لك شراباً ام فنجان قهوة ؟
 ـ دعني قليلاً ياصديقي . إنّى متعبٌ ، متعب من الحياة .
 ـ ومن منّا غير مُتعب في حياته . أمشكلةٌ في الوظيفة ؟ .... أم مع زميلتك؟
 ـ انحدرت من عينيه الدّموع وأجاب : إنها مشكلتي معها.
 ـ ألم أنصحْكَ بكبح جماح عاطفتك لفارق السنّ ياصديقي ؟
 ـ وكيف تُقنع قلب إنسان إن أحبّ ؟ .
 ـ حتّى وأنت في الخمسين  وهي في العشرين؟
 ـ حتّى وأنا في التّسعين . إنّ القلب لايعترف بالفوارق .
 ـ ولكنّ العقْلَ يهدي إلى الصواب ! أين عقلكَ وحكمتك ؟!
 ـ كانا معي كما تعلَم ، وقرّرتُ أن يكون حبّي من طرف واحد ، وألاّ أقترب منها، ولكن ...
 ـ  ولكن ماذا ؟
 ـ هي التي اقتربَت اليوم حينما أثارت كوامن قلبي .
 وذكـــــر لــــــي ماحصـــــــل .
 
 
 في يوم هادئ،  استجمعْتُ أحداث حبّه اليتيمِ  لها كما كان يرويها لي تباعاً، ونظمتها في قصيدة تتحدّث بلسان حالهِ بحروفٍ باكية عنوانها:
 
 
 وأزْهَرَ الحُبُّ في الخَريف..!
 
 
 
 لاتسـألونـي مـا  اسمُهــــــــا
 هوَ مِـن  حـروفِ  الياسميـنْ
 *
 
 لاتسألـــــــوا  مـا شكلُهــــــــا
 هـوَ كـلُّ زهْـرِ العالَمِيـْـــــــــنْ
 *
 
 لاتسألـوا   مـا  عُمْرُهــــــــــا
 قَـدَري….. يُجيبُ  السائليــنْ
 *
 
 فأنــــا….. أُحِــــبُّ  صبيّـــــةً
 حُبّــــاً   يَتيــماً   لايَبيــــــــــنْ
 *
 
 فكُهولَتـي  سُـوْرُ  الزّمــــــا...
 نِِِِِ  وخَلْفَـهُ  قلبـي  سَجيــــــنْ
 *
 
 الصّمْـــــتُ   آهُ   جِـراحِــــــهِ
 ودمــوعُهُ راحُ الحنيـــــــــــنْ
 *
 
 ليْـتَ  الحيـاةَ   بِنـا  تَعـــو...
 دُ  إلى  بِدايتِنــا   جَنيــــــــن
 *
 
 لنجــــئَ   للدّنيــا    مَعـــــــــاً
 نَحْبـُوْ ...  ونَخْطُوْ فاكِهِيــــــنْ
 *
 
 ووِشاحُنـا  أَلَـقُ    الصّبــــــــا
 حِ   ومَهْـدُنا   حُــبُّ  أميـــــنْ
 *
 
 
 
 
 اليـومَ   جـاءتْ  والحقيـقـــ ...
 ـــةُ  في  يدَيـْها تـَستَبــــــــــينْ
 *
 
 خَـطَـرَتْ بِبـارقِ  خاتــــــــــــــَمٍ
 يَحتـلُّ  أُصبَعَها   اليميـــــــــــنْ
 *
 
 سألَـتْ .. فحَطَّـمَ  سُـؤْلُهـــــــــا
 قلْبـي ، وجَـرَّحَهُ   الأنيــــــــنْ
 *
 
 قالـتْ: سَبَى  قلبـي  الهـــــَوَى
 فهَلِ الهَوَىخِطْءٌ مُبـيــــــــنْ؟!
 *
 
 وهَـلِ   اكتويْـتَ  بِنـــــــــــــارِهِ
 أمْ كنـْتَ صَـلْداً لا تَليـــــــــنْ؟!
 *
 
 أطْــرَقْتُ .. وانعقَدَ  اللّســــا...
 نُ، فأفْصَحَ الـدّمْعُ  المَعيـــــــنْ
 *
 
 وتَحـــرّرَ الوجْــــــدُ الحَـــبيــــــ
 سُ  وأطْلَـقَ السِّـرَّ الدّفيـــــــــنْ
 *
 
 أنـتِ الّتـي أحبَبـْتُ  سِـــــــــــرّا
 
 لَيـتَ  قَــبْــلاً  تَسـأليــــــــــــنْ!
 *
 
 نشَجَـــتْ... فخِـلْتُ  دموعَــــها
 احتَضَنَتْ خريفي المٍُستكـيـــــنْ
 *
 
 لكنِّـهُ  الـدّمعُ  العَـطــــــــــــو...
 فُ وليسَ  دمْـــعَ  العاشـــــقِينْ
 *
 
 ودّعـتُها   بالأُمْنيـــــــــــــــــا...
 تِ  وقُبـلـــــةٍ  فَوقَ الجبيـــــنْ!
 *
 
 ومَضَيْتُ وحْـدي في الهَــــــوَى
 بِخُطَـى  خـريفِ  اليـائسيــــــنْ
 *
 
 نـادَتْ : تَمَهَّـلْ !   قُلـْـــــتُ : لا
 ـ والصَّوْتُ مَشْلولٌ حَــــــــزينْ ـ
 *
 
 إنّــــــي عَـشِـقْتُكِ فاغفـِـــــــري
 ما الـقلْبُ مِن صخْـرٍ ضَنيـــــنْ
 *
 
 طِيْـبَ المُنَـى أُهـْدي  صِبـــــا...
 كِ ورَعْشــــةَ القلْـبِ الطَّعيْـــنْ!
 *
 
 
 بعد اسبوعٍ من زيارته الأخيرة لي افتقدت صديقي ،  فذهبتُ إلى داره لأسأل عنه جيرانَه ، فلم أجده فيها، سألت بوّاب العمارة ، فأبلغني أنّه سافر قبل أيام، ولا يعلم وجهة سفره .
 
 بعد يومين ، فوجئت بدخولها مكتبي وهي في حالة اضطراب فعرفتها، إنها هي :
 ـ صباح الخير .هل أنت صديق عصام ؟ أين هو؟؟
 ـ ضاع ياآنسة ، افتقدته منذ مايزيد على الأسبوع.
 ـ أين أجده ؟ كان ذلك ذنبي . انا أخطأت ، كان عليّ ألاّ....
 ـ ألاّ ماذا ؟
 ـ  ألاّ أكذب عليه بشأن خطوبتي ، كنت أمزح . وأريد أن أصحح خطئي معه وأعتذر له .
 ـ  لا يجدي معه أي شئ .
 ـ إنّي أحبّه .... أحبّه حقيقة .... وأردت إثارة عاطفته . ماذا عليّ أن أعمل ؟ أرجوك ساعدني .
 ـ  الحبّ ياآنستي عاطفة مقدّسة ، إن دخلَ قلبَ عاقلٍ  زانه ، وإنْ تلاعب به طائش شانه ، لقد كان في قلبه النّور، وكان في قلبك النّار.
 اذهبي ياآنسة ، فما عليكِ إلاّ أن تدفعي ثمن الّلعب بأقدس مضغةٍ هي القلب ، وليساعده الله في محنته ، فكلاكما اجترحتما  خطأً واحداً مع  الفارق ،  وعليكما معاً احتمال عقابِ الحياة .
 
 
 *******
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
 |