[كمال خوجة]

جاء في خلاصة الإشعارات الواردة من جانب القدس الشريف افتقار داخل القدس الشريف للمياه العذبة، سوى أن مياها عذبة كانت تتجمع في برك بين القدس الشريف ومدينة خليل الرحمن وتجر من هناك بقنوات إلى داخل القدس الشريف، فينتفع منها الأهالي والفقراء والمجاورون، وأن هذه القنوات باتت خربة منذ سنوات وافرة، فانقطعت المياه العذبة عن المدينة المقدسة، فلم يعد للأهالي والفقراء سوى مياه الأمطار التي تتجمع في بعض الصهاريج بداخل الحرم الشريف في أيام الشتاء، وأن هذه المياه لا تلبث أن تنضب في أيام الصيف، فيعاني الأهالي من شح المياه معاناة شديدة. وقد ذكر قاضي القدس الشريف في تقريرين وردتا منه أن الكشف الذي أجري على الطبيعة أثبت أن إصلاح قنوات المياه تكلف مائة ألف قرش، وأن هذا الإصلاح لم يتم وبقيت معاناة أهالي بيت المقدس على أشدها، وأن الأمر يحتاج إلى بذل الهمة لتعيين أمين خاص للبناء وتعمير وترميم قنوات المياه المذكورة، واستجلاب دعوات سكان القدس بالخير، كما أن خزف الجانب القبلي والغربي من الجدار خارج القبة العالية القائمة فوق الصخرة المشرفة وإحدى زواياه الكائنة في جهة باب الجنة والجانب الغربي من أسفل محيط القبة مكسورة كليا، بالإضافة إلى أن بعض الترميم فيها يستغرق مستغلات الوقف الخاص بالخزف، ومن المؤكد أنها لا تكفي عملية ترميم واسعة كهذه، كما أن تظليل الخزف بوضع قماش مثل قماش الخيام بعد الإصلاح لحمايته من الأمطار والرياح يطيل بقاءه سالما، وأن الحاجة تقضي بعد القيام بإصلاح قطع الخزف ووضعها في أماكنها من المحال المذكورة تحت إشراف أمين البناء، إلى صنع الستائر من قماش الخيام بالأوصاف المذكورة في التقرير بدار السعادة وإرسالها، كما أرفق التقرير بصورة من أمر شريف مختوم وممضي صدر في مأمورية مساعد معلم البناء محمد أمين. ولدى مراجعة السجلات تبين أنه عندما قدم طلب الإذن بإصلاح قنوات البرك وسائر الأماكن الأخرى، وتكليف حقي باشا والي الروميلي الحالي الذي كان أمينا للبناء سابقا بسؤال أهل الخبرة عن وضع الأماكن المطلوبة إصلاحها باعتباره خبيرا بأوضاع تلك المنطقة، فأبلغ المشار إليه بعد التحقيق أن البرك الثلاثة الكائنة بين مقام خليل الرحمن الشريف والقدس الشريف وقنوات المياه والجدران المحيطة بها باتت خربة كليا، كما أن الأرصفة الممتدة من باب الحرم الشريف إلى الداخل، وثلاثة وعشرون حجرة من حجرات موسى عليه السلام وجامعه الشريف، والصهاريج الكائنة داخل وخارج الحرم الشريف، وأربع عقبات على طريق موسى عليه السلام، وقبر ودائر الشيخ حسن البردعي قدس الله سره باتت متهدمة وتحتاج إلى إصلاح، وأن إصلاحها جميعا يتم بصرف تسعة آلاف قرش، وأنه على اثر ذلك صدر الخط الهمايوني، بأن يكلف معلم البناء محمد أمين بالتوجه إلى هناك وإجراء الكشف وإرسال الدفتر إلى دار السعادة، على أن تحول المبالغ اللازمة لذلك من أموال مقاطعات صيدا وطرابلس، وأن يقيم هو هناك حتى ختام الأبنية، والمباشرة بالعمل من غير أن ينتظر ورود جواب الدفتر، على أن يكون ذلك بمعرفة بطال حسين باشا والي الشام في تلك الفترة. وجاء في حاشية المحاسبة الرئيسية توضيح حول دفتر الكشف عن صدور الأمر الشريف بمأمورية الباشا والمعلم في محرم عام ألف ومائتين وواحد وضرورة سعيهما في ذلك بصورة عاجلة، وأنه لم يباشر في الأبنية المذكورة، وحتى لو بوشر فيها فإنه يتعين بعد تشرين الثاني تركها وتأخيرها ، وأنه على هذا الأساس لم يكن لبقاء المعلم المذكور هناك حتى بداية الربيع أي معنى، وأنه صدر أمر شريف آخر في صفر عام ألف ومائتين واثنين بعودة المعلم المذكور إلى دار السعادة على أن يعود إلى هناك مع حلول اليوم المذكور ويبدأ العمل. أرجو تفضل دولتكم بالإطلاع والأمر لصاحب الدولة والسعادة سيدي السلطان.