بخجل ٍكبير أكتب لأدون وأسطر صياغة مفردات الثورة التي يذهلني كيف يستطيع أبناء فلسطين صياغتها وتطريزها هم دائما حالة من التفرد في صناعة الحياة التي تولد عندهم من الموت يصنعون الحياة الخالدة ما بعد الموت كما هم يشتهون لأنهم لم يتمكنوا من صياغتها في الواقع الذي عاشوه
بكل خجل يعود السند باد ليروي ما شاهده وعاشه ولكن يأسف أن الشهادة والموت لم يكن من نصيبه كان يتمنى أن يكون يوم مولده هو نفسه يوم استشهاده ولكن الله لم يمنحه تلك الأمنية ولا حول ولا قوة إلا بالله
كان سندباد في انتظار قرار الذهاب إلى الحدود ولكن القرار لم يصدر في نفس اليوم وبقي في حالة ترقب وانتظار في اليوم التالي ذهب لعمله كالمعتاد وفي الساعة الثانية عشر بدأت الأخبار تردعن وصول الشباب إلى الحدود وسقوط شهداء وجرحى جن جنون سندباد وغادر مقر عمله فورا مع صديق له وتوجهوا إلى القنيطرة وكان أن أسعفهم القدر بتوجه سيارة إلى هناك قد يكون الوصول إلى تلك النقطة هو حكاية بحد ذاتها لكن لن أتوقف الآن أمامها وسأتجاوزها لما بعد ذلك إلى منطقة الحدود لأروي لكم قصصا ً تكاد تكون من الخيال عن هذا الشعب الذي مهما قلت لا أستطيع أن أوافيه لا أنا ولا كل من يكتب حقه
وصل السند باد إلى موقع الأحداث بعد قصة مرور قد تتجاوز الجنون كانت رائحة القنابل الغازية تصل إلى أبعد من 2 كيلو متر أي منذ أن تحط قدمك هناك ،وعند وصوله كان ما بين الشباب والعدو أمتار قليله قد لا تتجاوز الثلاثين مترا
وعند وصوله بدأت الحكاية وعلم أن من سبقوه بساعتين أو ثلاثة أصبح لديهم كل مفردات وفلسفة الثورة تخيل كيف يمكن لساعات أن تعلم الجميع مبادئ الكر والفر الهجوم والدفاع يا الله كم هو رائع هذا المجتمع الذي يستطيع أن يخلق في ساعات مبادئ للثورة
ساعة وصوله كان هناك شباب منبطحة على الأرض وطلب منه الانبطاح فقد كان هذا موعد الدفاع لا الهجوم
ومنذ اللحظة الأولى التي دخل بها حمل حجرا كي يكون
له شرف الرمي والمشاركة انبطح على الأرض وكان من بقربه يعطيه تعليمات الهجوم والدفاع وكان هذا الملقن صديق من حارته أعطاه التعليمات ومن ثم سلم عليه واحتضنا مقابل أعتا وأشرس قاتل عرفته البشرية
وكانت التعليمات أولا عند الهجوم يتم العد لثلاثة يقف الجميع لرمي الحجارة وضرب بالمقاليع لدقيقة أو دقيقتان يبدأ إطلاق الرصاص من جانبهم فننبطح أرضا وفورا نقوم بتغطية وجوهنا أما بكنزاتنا التي نرتديها أو
بالكمامات لمن كان قد أحضرها ونتجه عكس الريح ولن تسلم من رائحة الغاز مهما حاولت ثواني ويخبرنا أحدهم أن فتح بالعامية أي افتحوا عيونكم ونذهب فورا لإحضار من أصيب أو استشهد لنذهب به إلى سيارات الإسعاف التي تنتظرنا ونعود للساحة فورا مكبرين وهاتفين للشهيد وفلسطين وشاتمين أولئك الأوغاد سياسة وحرب يخلقها مجتمعنا في ساعات قليلة ومن ثم هناك من يحاول التسلل وفي تلك الدقائق التي نلقي بأنفسنا فيها أرضا قد يفتح أحدنا حديث ما ويتم التداول والنقاش فيه وقد حضر شخص ما يطلب مجموعة منا للذهاب إلى المعبر فهناك المجال قد يتسع أكثر تتوجه فرقة من الشباب هناك ويبقى هنا من يبقى ولازالت الوفود القادمة من المخيمات والشام تأتي تباعا والأعداد تتزايد ،وفي الكثير من الأحيان نرى بعض الشباب يحضرون لغما قد فككوه وللعلم ليسوا ممن تلقى دورات على فك الألغام هم مستعدون لكل شيء والثمن هو نحن هنا نحن عائدون الثمن أغلى ثمن فلسطين والعودة والحرية والشهادة وها هي فتاة في العشرين من عمرها ترتدي الجينز كأنها خلقت لتكون فدائية تحمل لغما على رأسها فككته بيديها تتجه إلى قرب الأسلاك تصرخ أيها الأنذال أيها الكلاب هذا ما تخيفونا فيه فتيات فلسطين تلعب بالألغام وتدور باللغم على رأسها تقترب عدسات المصورين منها فتقول لهم لم أفكك اللغم كي أتصور فيه ولكن ليعلم الأنذال من نحن ! من أنتم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الله ما أجملكم وأروعكم .
وها هو سندباد يرى كل أقاربه بجانبه أخوته أبناء أخوته أبناء عمه يلتفت إلى الصغار لا يقول لهم اذهبوا خوفا ورفقا بهم لأنهم أبناء أخوته أو عشيرته كل ما يطلبه منهم أن احرصوا على أنفسكم ويعود لشؤونه مع رفاقه
وفجأة يناديه صاحبه تعال إلي واحرص فإن قدمي مصابة ننقله إلى سيارة الإسعاف ونعود.
تخيلوا معي لقد شاهدت أصدقاء منذ أكثر من عشرة سنين أو خمسة عشر لم أرهم رأيتهم هناك والله لو حاولت ما حاولت للقائهم لما إلقيتهم ولكنه حب فلسطين يجمعنا حيث تنادي فلسطين فجأة ينفجر لغم تهز كل المنطقة له الشباب لا تهرب بل على العكس يجتمع الجميع والكل يهتف نموت وتحيى فلسطين ما سر هذه الكلمة ومن أين يأتي سحرها .
الكل ترك وراءه كل متع ونعيم الحياة لأجلها والكل لا يعرفها ولم يسكنها كل ما عرفوه عنها صورا وحكايات زرعها فيهم أهلهم فأصبحوا هم فلسطين هم الوطن الذي لايسكنوه بل يسكنهم حتى العظم .
والقاتل الرابض هناك يملأه الخوف من تلك الصدور والجموع العارية إلا من إيمانهم بفلسطين
الكثير ممن ألتقي بهم قالوا لي هذا جنون وانتحار ماذا فعلتم هل حررتم فلسطين والكثير حاول أن يفلسف الأمور كما طاب له فكنت أقول ؟ لو كنت هناك ما سألتم هناك حيث سحر الوطن حيث الحدود واحدة وحيث امتداد الأرض واحد وحيث الهواء واحد وحيث القاتل والموت واحد وحيث ترى بخيالك أهلك في قلنديا وفي المناطق المحتلة معك تراهم يفعلون نفس ما تفعل
ومنذ الأزل والجميع يدفعنا للموت كنا دوما قرابين لمخططاتهم فلنكن يوما قرابين لكن من أنفسنا دون أن يدفعنا أحد ليتني نلت الشهادة وما عدت أو على الأقل ليت طلقة احتلت موضعا ما من جسدي لتكون لي تذكارا وفخرا والقادم استقلال وعودة وتحرير بإذن الله