التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,837
عدد  مرات الظهور : 162,279,463

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > نــور الــشــعـر > بحار وشطآن > قصائد كبار الشعراء العرب > الشعر الحديث > الشعر المعاصر
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 18 / 06 / 2011, 12 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
عبد الحافظ بخيت متولى
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية عبد الحافظ بخيت متولى
 





عبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond reputeعبد الحافظ بخيت متولى has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

من شعر يوسف الخطيب

حَليبُكِ في دَمِ الشهداءِ ساقيةٌ
تهيمُ على جهات الأرضِ
ثم تَصُبُّ في بحرِكْ..
حَليبُكِ خمرُ داليةٍ
يَعُبُّ كؤوسَها الندمانُ
ثم يكون من دمهم طِلى ثغركْ..
حَليبُكِ غيمةٌ بيضاءُ
تشربُ منكِ لونَ الجرحِ
ثم تغوصُ في صدرِكْ..
وليلةَ أن بَرَحتُكِ
ضِعتُ في الأحقافِ
أشردُ عنكِ.. في إثْرِكْ..
وَعَدْتُكِ عند بستانِ القيامةِ
أَسرجي فرسَ الصباحِ
وَجَنِّحي الدنيا على قبرِكْ..
هَبيِ أَنَّ النجومَ توارت الليلهْ
فتلك تُضيءُ فيكِ بنادقُ الثوارْ..
هَبِي أَنْ شَحَّ منكِ الزيتُ في الشعله
فتلك صُدورهم دَفَقَت نبيذَ النارْ..
لأَنكِ أنتِ - في واحد –
هي البستانُ ، والندمانُ ، والخمره..
لأن جبينَكِ الماردْ
هو الثُّوارُ، والثوره..
وقلبُكِ وردةٌ مشكوكةٌ في الرمحِ
وهو على أَكُفِّ غُزاتِهِ جمره..
وأنتِ الآنَ مَكَّةُ كُلِ قافلةٍ
وغارُ حِراءِ كُلِّ نبي..
وأَنتِ الآن طيرُ البعثِ
يهبطُ معبدَ اللهبِ
يَـحُطُّ قَتامَ هذا الليلِ
ينفخُ في قِرابِ السيفِ
روحَ الحرفِ
بين قبائلِ العربِ..

وأنتِ الآنَ آمنةٌ
وأنتِ حليمةُ الصحراءْ..
وَبَوْحُكِ صارَ جِبريلَ القصيدِ
وسُورةَ الشعراء..
وَجُرحُكِ صار مائدةَ المسيحِ
وزمزمَ الشهداءْ..
وأعلمُ أَنَّ فوقَ الطُّورِ
مِن خشبي، ومِسماري
سأَصعدُ فيكِ جَلجَلتي
وَبَعْدُ، يكونُنِي الإنسانْ..
فَخَلِّي بيننا وعداً
خِلالَ الليلِ ، والبستان..
وَجُزِّي خُصلةً ، من فوق خَدِّكِ
نارَ تَذكارِ
ولو أني نسيتُ إليكِ ما النسيان..
وهاتي قبلةً لفمي
وهاكِ دمي
على شفتيكِ
لونَ شَقيقةِ النَّعمانْ..
لأني فيكِ غُصتُ غَيابَةَ الجُبِّ
وأصعدُ فيكِ طُورَ الحزنِ، والحبِّ
وها أجراسُ قافلةٍ
تجيءُ إليَّ عبرَ سفوحِ جِلْعادِ
فسوف أَشِيدُ مِئذنتي
على بَوَّابِة السلطانْ
وأقرأُ فيكِ، أدعِيَتي، وأَورادي
وأنشِدُ فيكِ إنشادي:
" أُحِبُّ حبيبتي.. يا ليلُ..
" خُذْ بَوْحي وأسراري
" وتحت ربيعِ شُرفَتِها
" فتحتُ جروحَ قِيثاري
" فنادِ عليَّ كلَّ الحيِّ
" مِن عَسَسٍ، وَسُمَّارِ
" يَظلُّ لديَّ.. قبلَ الموتِ..
" قبلَ البعثِ..
" عُمْرُ فراشةِ النارِ..
" وَعُمْرُ قصيدةٍ تُتلى
" وَأَدعِيةٍ
" وَعُمْرُ عِناقْ..
" وعندئذٍ، يُشَبَّهُ للمدينةِ
" أَنْ وَصْلَ اثنينِ
" كان فِراقْ!!..
حَليبُكِ في دمِ الشهداءِ.. منكِ.. إليكِ..
أنتِ وَ هُم خُلوصُ البحرِ في المُزْنِ
وأنتِ وَ هُم.. نشيدُ الحبِ.. والحزنِ
نهايتُهُ.. بدايتُهُ.. على الكونِ..
ونحن هنا - على الأحقافِ –
مخبولون في مَسٍّ من الجِنِّ
فنادِينا، لعلكِ إن نفختِ الصُّورَ
قد تَجدين شِبهَ القلبِ، والأُذْنِ
يَهِيجُ بنا..
وشِبهَ الدمعِ في العينِ..
ونحن على أرائِكنا
نَمُدُّ الآهَ.. تِلْوَ الآهْ..
ونُحيي لِلصباحِ ولائِمَ العَرَقِ
ونغسلُ عارَنا.. بالعطرِ.. والدَّبَقِ..
ونحن هنا..
نُعَمِّرُ، من مجاعتنا، بيوتَ اللهْ
لكي ننساهُ بين خرائبِ الأقصى..
لكي ننساه!!..
ولكني صعدتُ إليهِ طُورَ سِنِينَ،
رحتُ إليهِ حتى قِمَّةِ المأساه
ويا قومي.. أُبَشِّركم.. رأيتُ اللهْ
وكنتُ.. وكانت الأشياءْ
دُخاناً فوق وجهِ الغَمْرِ
وهو يُعيدُ خَلْقَ الكونِ.. من سِيناءْ..

رأيتُ اللهَ بين حرائقِ الحربِ
يَضُمُّ لصدرِهِ الدنيا..
يَصُبُّ الغيمَ في النابالم..
يطبعُ قبلةَ الحبِّ..
رأيتُ اللهَ في غزه
يُؤَرجِحُ فوق نورِ ذراعِهِ طفلا
إلى أَعلى..
ويمسحُ في سكونِ الليلِِ
أَدمعَ أُمِّهِ الثكلى..
رأيتُ اللهَ في الساحاتِ
يُغمِضُ أَعينَ القتلى
ويَسقي في مدافنهم
غصونَ الآسِ والدِّفلى..
رأَيتُ اللهَ يأتي الكوخَ والخيمهْ
يَزُقُّ صِغارَهُ السَّغِبين باللُّقمه
يطوفُ على شبابيكِ السجونِ
يُضِيءُ فوق شِفاههم بَسمهْ
رأيتُ اللهَ يَبْرَحُ قُبَّةَ الجامعْ
ويَنزلُ في صدورِ المؤمنينَ
ويملأ ُ الشارعْ

رأيتُ اللهَ رُوحَ العزمِ في الناسِ
أمامَ سَرِيَّةٍ يَمضي
ويكمنُ خلفَ متراسِ..
رأَيتُ اللهَ - وَجْهَ الشمسِ
فوقَ عَباءَةِ السُّحُبِ
يَجيءُ مدينةَ الأبطالِ
يَسقي الأرضَ غيثَ الصبرِ
في جامٍ من الغضبِ..
رأيتُ اللهَ يرفعُ من خَرائِبها
مَنارةَ كُلِّ بَحَّارِ
وها أَنا.. فوق صدر اليَمِّ
أَمخُضُ مَوْجَ أَقداري
وأَسأَلُ عنكِ.. واغَزَّاهُ..
في مُقلِ النجومِ، ونَوْرسِ الصَّاري..
وأَعلم أنَّ ما بيني.. وبينكِ..
أُفْقَ أسوارِ
ولكني اعتليتُ إليكِ صهوةَ هِمَّتي
وجُنونَ إصراري
وأنتِ البحرُ.. والبَحَّارُ.. والمَرْسى..
وَحُمَّى الأهلِ والدارِ
ومنكِ، إليكِ، أسفاري..
وها أنا في عُبابِ اليَمِّ
يسألني نزيفُ جبينِكِ المصلوبِ
إكليلاً من الغارِ
ولكن.. آهِ لو تدرينَ..
ذاكَ العامَ لم نَفْلَح مواسِمَنا
وكلُّ حَصادِنا الصَّيفيِّ
كان طحالبَ العارِ..
وأنتِ، على بَهيمِ الليلِِ
وَحْدَكِ كنتِ داليةَ الصباحِ
وكنتِ أُغنيةً من النارِ
أُرَدِّدُها على سَوْطِ الخليفةِ..
آهِ.. أَحدِسُ يا ملاكَ الموتِ
من سيكونُ زُوَّاري..
أٌحِسُّ حفيفَ أَجنحةٍ
تُحَلِّقُ فوق أَسراري!!..
ونحنُ، على أرائِكنا
نَمُدُّ الآهَ.. تِلْوَ الآه..
ونُحيي، للصباحِ، ولائِمَ العَرَقِ..
وأنتِ، هناكَ..
يشمخُ فيكِ وجهُ اللهْ
وجرحُكِ ريشةُ الشَّفَقِ

وأنتِ جزيرتي..
وأنا إليكِ سفينةُ الأُفُقِ
وأنتِ قصيدتي..
وأنا نزيفُ الحبرِ في الوَرَقِ
وأنتِ عِناقُ أَخْيلَتي
وأنتِ قلادةُ العُنُقِ
وثغرُكِ حَبَّتا كَرَزٍ
وعِطرُكِ غابتا حَبَقِ
وصدرُكِ جَرَّتا عَسَلٍ
وشَعْرُكِ نَخْلَتا عَذَقِ
ونام على يديكِ الدهرُ..
نام البحرُ..
واستيقظتِ فوق وِسادةِ الأَرَقِ
لأنكِ أنتِ صقرُ قُريشنا
وَبقيَّةُ الرَّمَقِ
لأَنكِ أَنتِ آخرُ رايةٍ لم تَهْوِ
فاصطفقي..
لأنكِ أنتِ طيرُ البعثِ
فاحترقي..
وَعَبْرَ رمادكِ انبثقي!!..

حَليبُكِ في دمِ الشهداءِ
داليةٌ تذوبُ على لَظى ثَغرِكْ
وهم ساقُوكِ، حتى الصبحِ
ما شربوهُ من خَمرِكْ..
وأنتِ وَ هُم.. عِناقُ الموجِ والرملِ..
وأنتِ وَ هُم.. مِزاجُ الدمعِ والكُحلِ..
وأنتِ وَ هُم.. بلا أهلٍ..
بلا أهلٍ..
بلا أهلِ!!..
فَشُقِّي ثوبَكِ العربيَّ عن سِتْرِكْ
ودُقِّي صدرَكِ المَسْبِيَّ في الليلِ
ونادينا.. بأَعلى الطُّورِ..
نَسهرْ ليلةَ البستانِ في حِجركْ
لأنَّ هناك وَعْدَ الصبحِ
ينهضُ.. من دُجى قبرِك!!..

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
أَبَتي ....
أَظُنِّ غَسُولَ ذي الأَرضِ من دَمِنا
وأَنَّ يداً تُعَتُّقُ، لِلصباحِ صفاءَ أَدمعِنا
وأَنَّ غداً، سَيُولَدُ من مَخاضِ غدٍ
فَيَرحمُ حزنَ هذا الكون في أَحناءِ أَضلُعِنا..
أَظُنِّ هناك أَزمِنَةً.. وأَمِكَنَةً..
على أَقصى تُخومِ الحُلْمِ
تأخذُ سَمْتَ وِجْهَتِنا ..
وأَنَّ عليكَ، ما بين «الشريعةِ» ـ و«البُراقِ» «والبُراقِ»
سُهادَ هذا الليلِ
في نجمٍ وقافلةٍ،
وفي فَرَسٍ مُجَنَّحةٍ،
تكونُ رموزَ مَوْعِدِنا ..
أَبَتي ....
أَظُنِّ لَمَحْتُ شِبْهَ الوجهِ، خلفَ شبيههِ القُضبانِ
من أَلفينِ .. أَذْكُرُ شِبْهَ هذا الليلِ..
والسَّيافِ.. والسَّجان ..
أَذْكُرُ شِبْهَ آنِيَةٍ.. وغانِيَةٍ ..
وَجَرَّةَ عنبرٍ سُفِحَتْ..
ومٍن دُوني إِليكَ مَفازةُ التَّذكارِ .. والنسيانِ ..
أَذْكُرُ، كُنتَ زوبعةً على بَرُّيَّةِ الأَحقاف..
ذلك صوتُكَ البَدَوِيِّ يَصهَلُ فوق بَرُّ الشامِ..
كان البرقُ شِبهَ يدٍ تَخُطِّ على جدارِ الليلِ مَوْعِدَهُ
وأَنت تَشِي بهِ .. بين الندى .. وشَذى الخُزامِ ..
وكان روحُ اللَّهِ مُنْسَرِحاً على جَبَلِ الخليلِ
وأَنتَ، أَنتَ، نزلتَ جِلعاداً إِلى طَنَفِ الشريعةِ
تَستَحِمِّ يداكَ
في أَلَقِ السماءِ .. وطينةِ الإِنسان!!..
أَذكُرُ أَنَّ هذا السجنَ .. كان السجنَ..
والرِّؤيا .. هي الرِّؤيا ..
ورأسُكَ شُعلةٌ حمراءُ تطلعُ في دجى كنعانْ..
أَبتي .. أَسِرِّ إِليكَ وَحَدكَ ..
رَجْعَ صوتِكَ
فاحتفظ بالسُّرُّ .. عن غيرِ الصباحِ ..
وغيرِ أَجنحةِ الرياحِ ..
وغيرِ حَنْجَرَةِ الصدى ..
أَبَتي .. أُسِرِّ إِليكَ ..
سوف يجيءُ وعدُ غَدٍ
يكونُ .. أَغانِياً .. ومَغانِياً ..
وَصَباً .. وَعَهْدَ صِباً ..
وَعُرْسَ قِيامَةٍ يَسَعُ المدى ..
سَيَجِيءُ جيلُ غَدٍ .. يكونُ مخاضَ ليلِ القهرِ..
جيلُ غَدٍ .. يُعاوِدُ فَوْرَةَ التكوينِ ثانيةً،
يكونُ الأَرضَ خاليةً،
وروحَ اللَّهِ تخفقُ فوق وجه الغَمْرِ ..
جيلُ غَدٍ ..
وأَحدِسُ أَنَّهُ المكنونُ ذاكَ وراءَ هذا الليلِ
تَنهشُهُ الجوارحُ .. في جوارحِنا ..
وتَنقُرُ حَبَّتَيْ عينيهِ .. في حَبَّاتِ أَعُينِنا..
يَجيءُ .. يَجيءُ ..
يُولَدُ خلف سِجْفِ الليلِ، وَهْجَ البرقِ،
يَنْفُذُ مِنْ كُوَََ ظُلُماتِ كهفِ الشرقِ،
يومئذٍ .. يصوغُ رمادَهُ الناريَّ أَجنحةً
وهُنَّ هناكَ
ـ تحتَ جَهَنَّمِ الدمِ، والدخانِ ـ
يَلِدنَ .. مَنْ سَيَلِدنَ؟! ..
يَستمطِرنَ غيثَ الروحِ في أَرحامِهِنَّ..
يَكُنَّ تَوْقَ مَجيئِهِ ..
وَيَكُنَّ عُقْمَ القفرِ ..
يومئذٍ ....
سَيَغْمِدُهُ لهيبُ الحزنِ، ما بينَ الترائبِ،
مثلَ لَذْعِ الجَمرِ..
ثم يَجئنَ سامِرَ نخلةٍ
بين الحَجُونِ .. فَبَيْتَ لَحْمٍ ..
فالصَّفا..
فَيَلِدْنَهُ .. آناً معاً ..
جَوفَ المَغارةِ ـ في حِراءَ ..
وفوق سفحِ الطِّورِ ـ مِن عرفات ..
بين مِنَىً .. وبُستانِ القِيامَةِ ..
وَهْوَ ذاكَ يُشَقُّقُ الصِّوَّانَ عن مُخْضَلُّ غرستِهِ
فيشربُ نارَ خمرتِهِ العتيقةِ من عروقِ الأَرضِ
ثم يعودُ يَسفحُها على ظَمَأِ السماءْ!!..
أَبتَي ....
أَظُنِّ غَسُولَ هذي الأَرضِ .. مِن دَمِنا..
وأَنَّ هناك أَزمِنةً.. وأَمكِنةً..
على أَقصى تُخومِ الحلمِ
تأخذُ سَمْتَ وِجهتنا
وأَنَّ عليكَ، ما بين«الشريعةِ» ـ و«البُراقِ» البُراقِ
سُهادَ هذا الليلِ
في نجمٍ، وقافلةٍ ..
وفي فَرَسٍ مُجَنَّحَةٍ ..
تكونُ رموزَ مَوْعِدِنا ..
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
عِمْ صباحاً، لبنانُ
عَمَّ الضياءُعِمْ صباحاً، لبنانُ عَمَّ الضياءُ

وصحا، يوم أن صحوتَ، الرجاءُ
عُدْتَ تأسو الجراحَ فينا، جريحاً

فَـحَنَـتْ رأسَـها لـكَ الكبـريــاءُ
كان لَمَّا أَنْ شاءَكَ اللهُ فرداً

قالَ كُنْ، فاستَوَيْتَ كيفَ تَشاءُ
***
أَنا، لبنانُ، لستُ لاجئَ دارٍ

سَعَةُ الكونِ حولَ دراي فِناء
أَنا أَهلي، أَهْلُ المسيحِ، وبَيْتي

بَيْتَ لحمٍ، وَجَلَّتِ الأَسماءُ
أنا رَحَّالةُ الرؤى، ضَلَّ سَعيي

في سرابٍ، وضاقت الأَرجاءُ
خاتَلَتْني إلى مرافيءِ حُلْمي

بُوصَلاتٌ كَليلةٌ عمياءُ
قلتُ آتيكَ، أحتسي دَمَ كَرْمٍ

لي تَجَلٍّ في قَطْرِهِ، واجتلاءُ
ليتني قبلةٌ، وَلَيْتَكَ ثغرٌ

فَتَرى كيف يَعشَقُ الشعراءُ
***
عِمْ صباحاً، لبنانُ، عنوانَ بعثٍ

حَلَّقَتْ فيه، من رَمادِها، العنقاءُ
رُبَّ إغفاءَةٍ بِحضنِكَ، مَوْتاً

يَتَشَهَّى مَذاقَها الأَحياءُ
ما الأَهازيجُ، والدفوفُ، وَرَقْصٌ

لِمَنْ العُرْسُ، أَيها الأَصدقاءُ
أَدُمُوعٌ تَلأْلأَتْ، أم شموعٌ

وَيُوارى، أم يُولَدُ الشهداءُ

يا ذُرى عامِلٍ، هنا قد تَماهى

في عُلاكِ، الأَبناءُ، والأَنبياءُ
لِلغطاريفِ مِن بَـنِـيكِ، بُراقٌ،

فِلأَيِّ المَعارِجِ الإِسـراءُ!!
مَن هُمُ الزامرونَ في السُّحْبِ وَجْداً

مَطَرٌ فَيْضُ عِشقِهم، أَم غِناءُ

أَنْجُمٌ تلك أَزْهَرَتْ، أَمْ جُمانٌ

تَتَحَلاَّهُ فاطِمُ الزهراءُ
أَم تُرى تلك في الحديقةِ تَسقي

مَطْلَعَ النور، مَريمُ العذراءُ
فإذا القدسُ، طَيْلَسانٌ، وفِصْحٌ

واكتستْ أرجُوانَها كَرْبَلاءُ
نَخْبَ لُبنانَ، يا صِحابُ، وَعُذْراً

أَنا دارتْ بِرأسِيَ الصَّهباءُ
لستُ أدري، أَبالسماءِ زَفافٌ

أم إلى أرضِكُم، تُزَفُّ السماءُ



وصحا، يوم أن صحوتَ، الرجاءُ
عُدْتَ تأسو الجراحَ فينا، جريحاً

فَـحَنَـتْ رأسَـها لـكَ الكبـريــاءُ
كان لَمَّا أَنْ شاءَكَ اللهُ فرداً

قالَ كُنْ، فاستَوَيْتَ كيفَ تَشاءُ
***
أَنا، لبنانُ، لستُ لاجئَ دارٍ

سَعَةُ الكونِ حولَ دراي فِناء
أَنا أَهلي، أَهْلُ المسيحِ، وبَيْتي

بَيْتَ لحمٍ، وَجَلَّتِ الأَسماءُ
أنا رَحَّالةُ الرؤى، ضَلَّ سَعيي

في سرابٍ، وضاقت الأَرجاءُ
خاتَلَتْني إلى مرافيءِ حُلْمي

بُوصَلاتٌ كَليلةٌ عمياءُ
قلتُ آتيكَ، أحتسي دَمَ كَرْمٍ

لي تَجَلٍّ في قَطْرِهِ، واجتلاءُ
ليتني قبلةٌ، وَلَيْتَكَ ثغرٌ

فَتَرى كيف يَعشَقُ الشعراءُ
***
عِمْ صباحاً، لبنانُ، عنوانَ بعثٍ

حَلَّقَتْ فيه، من رَمادِها، العنقاءُ
رُبَّ إغفاءَةٍ بِحضنِكَ، مَوْتاً

يَتَشَهَّى مَذاقَها الأَحياءُ
ما الأَهازيجُ، والدفوفُ، وَرَقْصٌ

لِمَنْ العُرْسُ، أَيها الأَصدقاءُ
أَدُمُوعٌ تَلأْلأَتْ، أم شموعٌ

وَيُوارى، أم يُولَدُ الشهداءُ

يا ذُرى عامِلٍ، هنا قد تَماهى

في عُلاكِ، الأَبناءُ، والأَنبياءُ
لِلغطاريفِ مِن بَـنِـيكِ، بُراقٌ،

فِلأَيِّ المَعارِجِ الإِسـراءُ!!
مَن هُمُ الزامرونَ في السُّحْبِ وَجْداً

مَطَرٌ فَيْضُ عِشقِهم، أَم غِناءُ

أَنْجُمٌ تلك أَزْهَرَتْ، أَمْ جُمانٌ

تَتَحَلاَّهُ فاطِمُ الزهراءُ
أَم تُرى تلك في الحديقةِ تَسقي

مَطْلَعَ النور، مَريمُ العذراءُ
فإذا القدسُ، طَيْلَسانٌ، وفِصْحٌ

واكتستْ أرجُوانَها كَرْبَلاءُ
نَخْبَ لُبنانَ، يا صِحابُ، وَعُذْراً

أَنا دارتْ بِرأسِيَ الصَّهباءُ
لستُ أدري، أَبالسماءِ زَفافٌ

أم إلى أرضِكُم، تُزَفُّ السماءُ

أَكادُ أُؤمِنُ ، مِن شَــكٍّ ومن عَجَبِ
هَذيِ الملايينُ لَيْسَـتْ أُمَّــةَ العَـرَبِ

هَـذيِ الملايينُ لم يَـدرِ الزمـانُ بـها
ولا بِـذي قارَ شـَـــدَّت رايةَ الغَلَبِ

و لا تَنــزَّلَ وَحْـيٌ فــي مَرابِعِهــا
و لا تَـبُـوكٌ رَوَتْ منهـا غَليـلَ نَبــي

و لا على طَـنَــفِ اليَرمُوكِ مِن دَمِهـا
تَوهَّـجَ الصبحُ تَيَّاهـاً على الحِقَبِ

و لا السَّـفِينُ اشتعالٌ في المُحيطِ ، ولا
جَوادُ عُـقْـبَـةَ فيـهِ جامِـحُ الخَــبَـبِ

أَأُمَّتـي ، يــا شُــــموخَ الرأسِ مُتلَعَـةً
مَن غَـلَّ رأسَـــكِ في الأَقدامِ والرُّكَبِ

أَأَنــتِ أَنــتِ ، أَم الأَرحــامُ قـاحِــلةٌ
وَ بُـدِّلَتْ ، عــن أبي ذَرٍّ ، أبَا لَـهَبِ !!
* * *

أَكـــادُ أُؤمِـنُ ، مِن شـكٍ ومن عَجَبِ
هذي الملايينُ لَيسَـــتْ أُمَّــة العَرَبِ

لــولا تَشـُـــقُّ سـُـــجُوفَ الليلِ بارقةٌ
يا شُـعلةَ الصبحِ، رُدِّي حالِكَ الحُجُبِ

تَهِيــجُ بي ذِكَــرُ التـاريخِ جامــحةً
و يَعتريني الأَسَى حولي ، فَـيَقعُدُ بي
:
تَــوَزَّعَتْنــي دُروبٌ لا لِقــاءَ لـهـا :
الــذلُّ في الناسِ ، و العلياءُ في الكُتُبِ

كأَنما أَنا جَمْعُ اثنينِ : سَــــيفُ وَغَـىً ،
مُعَـذَّبُ الروحِ فـي غِمْـدٍ من الخَشَــبِ

أَغزو "عَـمُورِيَّــةً" في الليلِ أَحـرِقُها
وشِـــلْوُ أُختـي غِذاءُ الطيرِ في النَّقَبِ
* * *
لو كنتُ مِن مازِنٍ ، لم يَستبِحْ وَطَني
بَنُـــو اللَّقيطَـةِ مـن صَرَّافـةِ الذَّهَـبِ

لَكُنتُ غَمَّسـتُ رُمحـي في حناجـرِهم
أَو غَمَّسوا،هُمْ،رماحَ الغدرِ في عَصَبي

لكنـني ، وَ بَنـي شــعبي ، تَـخَـطَّـفَـنا
قِيـلُ الملـوكِ : أَلا لا بُدَّ من هَـرَبِ

فَكُـلُّ عَـرْشٍ ، علـى بُقْيـــا جَماجِمـِنا
أَرسَــى قوائِمَـهُ مُختالــةَ الطَّــنَــبِ

لــم يَـــدرِ أَنَّ عِظــامَ الأَبريــاءِ بِـهِ
أَلغــامُ ثــأرٍ ، تـُـدَوِّي ســـاعةَ الغَضَبِ
* * *
صَنْعاءُ ، رُدِّي دمــاً مــا أَنتِ ساحَتَهُ
يافــا تَصيحُ بــه مجنونــةَ السَّـــغَبِ

لا أَذَّنـــَتْ فـيكِ يا صَنْعـاءُ مِئذنـــةٌ
واللّـــدُّ تَنـــدُب فــي محرابِهـا الخَرِبِ

لا أَمـطَـرَتْ في سـماءِ العُرْبِ غائِـثـةٌ
و في الجليلِ الرُّبـَـى محبوسـةُ السُّحُبِ

تبكيــــنَ من مَــأْرِبٍ قــانٍ تَفجُّـــرُهُ
وَجَفَّ في القدسِ،حتى الدمعُ في الهُدُبٍ!!
* * *
أَكـادُ أُومِـنُ ، مِن شــكٍّ وَمِن عَجَبِ
هــذي الملايينُ لَيسَــتْ أُمـَّـةَ العَرَبِ

كـــأَنَّمـا لم تَـلِـدْ فـي اليُتْم " آمِنَــةٌ "
ولا " حَلِيمةُ " هَــزَّت مَهْــدَ مُرْتَقَبِ

كــأَنَّمـا الصَنَـمُ الأَعلـى مُـحَـدِّقـــةٌ
عينــــاهُ فـي زُمـــرةِ الأَزلامِ والنُّصُبِ

و كــم مُسَيلِمَـــةٍ ، عَمَّـــت خَوارِقُـــهُ
وَعَلَّــمَ الناسَ دِيناً ، شِــرعةَ الكَـذِبِ


إِزميلَ شَعبِيَ، يامَنْ صُغتَ مِن حَجَرٍ
رَبَّــا، و سُـقتَ له النَّجوَى، ولم يُـجِبِ

كُــنْ مِعْوَلاً في جبينِ الصخرِ ثانيةً
وحَطِّم اللاَّتَ ، وارشُـــدْ مَرَّةً وَثُبِ

* * *
أَكـــادُ أُومِنُ ، مِن شَـــكٍّ وَمِن عَجَبِ
هَذي الملايينُ ليســت أُمَّـةَ العَرَبِ

تَــَبـدَّلَتْ هِمَـمُ الصحـراءِ ، واأَسـفا
بَيَّاعــةَ النفطِ ، عن خَيَّالــةِ الشُّـهُبِ

مَن شَـَّمروا لِلوغَى الأَردانَ، مِن وَبَـرٍ
فانظــر لهم ، في طَرِيِّ القَزِّ والقَصَبِ

سَـــلِ الجـواري ، ومـا وُشِّينَ مِن بُـرُدٍ
والغــانيـاتِ ، ومــا حُلِّيــنَ من ذَهَبِ


أَمــا يُــؤرِّقُ ربَّ القصرِ رَجْعُ صدىً
مُعَــذَّبٍ في طُلــولِ اللّــدِّ ، مُنتَحِبِ

وفي الجليـلِ عـذارى يَـنْـتَـخِـيـنَ ، فما
تَســري الـحَمِيَّــةُ في عِـرقٍ ولا عَصَبِ
* * *
إِنــا سـَـــقَينا خُطـــوطَ النــارِ من دَمِنـا
فَلْيَسقِها الشيخُ بعضَ الزيتِ، إِن يَهَبِ

لا و العُروبـــةِ، لا كَلَّـــت سَــواعِدُنـا
صَوَّالــةً بِسِــــنانِ الـــرَّوْعِ والقُضُــبِ

لا و العُروبـــةِ ، أَو شُـــلَّت سـواعِدُنا
إِن لـم نُفَجِّـر مدى الصحراءِ باللَّهَبِ

إِن لــم نَقُـمْ في حُقولِ النفطِ نُشعِلُها
في جنبِ كلِّ دخيلِ الدارِ ، مُغتَصِبِ


ما لِلجماهيرِ لـم تَفتَــح جَـهَـنَّـمَـهـــا
لِلفـــاتحينَ ، و لــم تَــزْأَر ، و لم تَثِبِ

أَقـــد سَـــرَى خَــدَرُ الأَفيــونِ في دَمِها
فما تُـحِـسُّ عليهِ صَحـوةَ الغَضَبِ؟!
* * *
أَكـــادُ أُومِنُ ، مِن شـــكٍ ومن عَجَبِ
هَذي الملايينُ ليســت أُمَّـةَ العَرَبِ

لولا تَشُـــــقُّ سُــجوفَ الليــلِ بــارقةٌ
يا شُـعلَة البعثِ ، رُدِّي حالِكَ الحُجُبِ

وَقُـمْ ، فَأَنـــذِرْ ، بـأَصنـــامٍ مُـبَـجَّـلـةٍ
غَداً تـَدَحْـرَجُ فـي الأَقــــدامِ كاللُّعَبِ

واسأل ببغدادَ، عن"نُوري"،وخِلفَتِهِ
نَبُــوءَتي في طُغــاةِ الأَرضِ لـم تَـخِبِ


إذا الثعالبُ صِيدَتْ في مَكامِـنِـها
أَيَّـانَ يُفلِتُ من شعبِ العراقِ، غَبي

لَعنتُ تِشـــرينَ ، باســـمِ اللّدِّ أَلعنُـهُ
و باســمِ جُرحٍ على اللَّطرونِ مُنْسَكِبِ

بِــدَيــرِ ياســينَ ، بِــالأَرواحِ هــائمـــةً
علــى الخرائــبِ ، تَرثـي نَخْوَةَ العَرَبِ

لعنتُ تِشـــرينَ، لا بغدادُ مِن وَطَني
ولا العـــراقُ ، و لا كان الرشيدُ أَبي

إِن لم أرَ الرَّكبَ من شعبِ العراقِ ضُحىً
يَلُـزُّ عَرضَ المـدى في زَحفِهِ اللَّجِبِ

كأَنَّ، مِـن قُبْلُ ، لم يَجْلُ النهارُ دجىً
ولا ازدَهَتْ صفحةٌ للعزِّ في كُتُبِ
* * *

وفي الشآمِ ذَوُو بــأسٍ ، مُسَـــرَّجَةٌ
خُيُولُهم قِبْلَـةَ الـمَيْـدانِ كالشُّـــهُبِ

علـى النيـازكِ فُرســــانٌ لهم ، و على
رَحَــى الجنازيــرِ جِـــنٌّ مُـرَّةُ الغَضَبِ

جُنْـــدُ الرســـالةِ ، مَعقُـودٌ لِواؤُهُمـو
لِلبَعثِ ، عَـــزَّ على مَسـعُورِة النُّوَبِ

مـا عَـابَهُـمْ أَنهــم بِالســـيفِ نَخوتُهــم
و غيرُهـم بِضجيــجِ القـــولِ والخُطَبِ

مــا عَـابَـهُـمْ أننــا لســـنا تِـجارَتَـهُم
ولا الخيـامُ بِسُــوقِ العرضِ والطَّـلَبِ

* * *
وقِيل "وَهْرانُ".. هل حادَ السبيلُ بها
تُزجِي القوافلَ،"أَنغولا"،عن النَّـقَبِ!!

هــل الطريــقُ إِلى يــافـا مُضَيَّـعــةٌ
و مِـن دِمــاهـــا مَنـــارٌ أَلفُ مُلتَهِـبِ!!

واخَجْلَتا ، وَ بُـيُـــوتُ الناسِ أَرفُعُها
وبيـتُ أَهلـي عَـوِيـلُ الريحِ في الخِرَبِ

عاتبتُ"وهرانَ" في جُرحي،و تَذكُرني
في جُرحِها،وَسُدىً لَوْمي،سُدىً عَتَبي

* * *
أَكـادُ أُومِنُ ، مِن شـــكٍ ومِن عَجَبِ
هَــذي الملايينُ ليســـت أُمَّةَ العَرَبِ

لـولا رِفــاقُ طــريقٍ، في مَلامِـحِهِــم
وَهْــجُ الرســـالةِ يُذكي سالفَ النَّسَبِ

تَـــدري العـروبةُ مَن أَبنــاءُ بَجْدَتِهـا
مَن الـمُحامـونَ بِــالأَرواحِ والقُضُبِ

مَــن الــذيــن ، إذا أنـَّـت لِنــازِلَــةٍ
يــافـا ، تَـنَـهَّـدت الأَصـداءُ في حَلَبِ


لَيَهْــدِرُ الزَّبَــدُ المَحمُومُ مُصطَخِباً
وَيَسـتحيلُ جُفــاءً ســاعةَ الحـَـرَبِ

وَ يمْكـثُ الحــقُّ ، فـي غَوْرٍ أَرُومَتُـهُ
وَ فَـرعُــهُ فـي جِـوارٍ اللهِ كـالطَّنَــبِ

آمنــتُ بِـالشــامِ، رُوحُ البعثِ تَسكُنُها
مـا جِلَّــقٌ هــذه ، بــل كَعبَــةُ العَـرَبِ





أَكادُ أُؤمِنُ ، مِن شَــكٍّ ومن عَجَبِ
هَذيِ الملايينُ لَيْسَـتْ أُمَّــةَ العَـرَبِ

هَـذيِ الملايينُ لم يَـدرِ الزمـانُ بـها
ولا بِـذي قارَ شـَـــدَّت رايةَ الغَلَبِ

و لا تَنــزَّلَ وَحْـيٌ فــي مَرابِعِهــا
و لا تَـبُـوكٌ رَوَتْ منهـا غَليـلَ نَبــي

و لا على طَـنَــفِ اليَرمُوكِ مِن دَمِهـا
تَوهَّـجَ الصبحُ تَيَّاهـاً على الحِقَبِ

و لا السَّـفِينُ اشتعالٌ في المُحيطِ ، ولا
جَوادُ عُـقْـبَـةَ فيـهِ جامِـحُ الخَــبَـبِ

أَأُمَّتـي ، يــا شُــــموخَ الرأسِ مُتلَعَـةً
مَن غَـلَّ رأسَـــكِ في الأَقدامِ والرُّكَبِ

أَأَنــتِ أَنــتِ ، أَم الأَرحــامُ قـاحِــلةٌ
وَ بُـدِّلَتْ ، عــن أبي ذَرٍّ ، أبَا لَـهَبِ !!
* * *

أَكـــادُ أُؤمِـنُ ، مِن شـكٍ ومن عَجَبِ
هذي الملايينُ لَيسَـــتْ أُمَّــة العَرَبِ

لــولا تَشـُـــقُّ سـُـــجُوفَ الليلِ بارقةٌ
يا شُـعلةَ الصبحِ، رُدِّي حالِكَ الحُجُبِ

تَهِيــجُ بي ذِكَــرُ التـاريخِ جامــحةً
و يَعتريني الأَسَى حولي ، فَـيَقعُدُ بي
:
تَــوَزَّعَتْنــي دُروبٌ لا لِقــاءَ لـهـا :
الــذلُّ في الناسِ ، و العلياءُ في الكُتُبِ

كأَنما أَنا جَمْعُ اثنينِ : سَــــيفُ وَغَـىً ،
مُعَـذَّبُ الروحِ فـي غِمْـدٍ من الخَشَــبِ

أَغزو "عَـمُورِيَّــةً" في الليلِ أَحـرِقُها
وشِـــلْوُ أُختـي غِذاءُ الطيرِ في النَّقَبِ
* * *
لو كنتُ مِن مازِنٍ ، لم يَستبِحْ وَطَني
بَنُـــو اللَّقيطَـةِ مـن صَرَّافـةِ الذَّهَـبِ

لَكُنتُ غَمَّسـتُ رُمحـي في حناجـرِهم
أَو غَمَّسوا،هُمْ،رماحَ الغدرِ في عَصَبي

لكنـني ، وَ بَنـي شــعبي ، تَـخَـطَّـفَـنا
قِيـلُ الملـوكِ : أَلا لا بُدَّ من هَـرَبِ

فَكُـلُّ عَـرْشٍ ، علـى بُقْيـــا جَماجِمـِنا
أَرسَــى قوائِمَـهُ مُختالــةَ الطَّــنَــبِ

لــم يَـــدرِ أَنَّ عِظــامَ الأَبريــاءِ بِـهِ
أَلغــامُ ثــأرٍ ، تـُـدَوِّي ســـاعةَ الغَضَبِ
* * *
صَنْعاءُ ، رُدِّي دمــاً مــا أَنتِ ساحَتَهُ
يافــا تَصيحُ بــه مجنونــةَ السَّـــغَبِ

لا أَذَّنـــَتْ فـيكِ يا صَنْعـاءُ مِئذنـــةٌ
واللّـــدُّ تَنـــدُب فــي محرابِهـا الخَرِبِ

لا أَمـطَـرَتْ في سـماءِ العُرْبِ غائِـثـةٌ
و في الجليلِ الرُّبـَـى محبوسـةُ السُّحُبِ

تبكيــــنَ من مَــأْرِبٍ قــانٍ تَفجُّـــرُهُ
وَجَفَّ في القدسِ،حتى الدمعُ في الهُدُبٍ!!
* * *
أَكـادُ أُومِـنُ ، مِن شــكٍّ وَمِن عَجَبِ
هــذي الملايينُ لَيسَــتْ أُمـَّـةَ العَرَبِ

كـــأَنَّمـا لم تَـلِـدْ فـي اليُتْم " آمِنَــةٌ "
ولا " حَلِيمةُ " هَــزَّت مَهْــدَ مُرْتَقَبِ

كــأَنَّمـا الصَنَـمُ الأَعلـى مُـحَـدِّقـــةٌ
عينــــاهُ فـي زُمـــرةِ الأَزلامِ والنُّصُبِ

و كــم مُسَيلِمَـــةٍ ، عَمَّـــت خَوارِقُـــهُ
وَعَلَّــمَ الناسَ دِيناً ، شِــرعةَ الكَـذِبِ


إِزميلَ شَعبِيَ، يامَنْ صُغتَ مِن حَجَرٍ
رَبَّــا، و سُـقتَ له النَّجوَى، ولم يُـجِبِ

كُــنْ مِعْوَلاً في جبينِ الصخرِ ثانيةً
وحَطِّم اللاَّتَ ، وارشُـــدْ مَرَّةً وَثُبِ

* * *
أَكـــادُ أُومِنُ ، مِن شَـــكٍّ وَمِن عَجَبِ
هَذي الملايينُ ليســت أُمَّـةَ العَرَبِ

تَــَبـدَّلَتْ هِمَـمُ الصحـراءِ ، واأَسـفا
بَيَّاعــةَ النفطِ ، عن خَيَّالــةِ الشُّـهُبِ

مَن شَـَّمروا لِلوغَى الأَردانَ، مِن وَبَـرٍ
فانظــر لهم ، في طَرِيِّ القَزِّ والقَصَبِ

سَـــلِ الجـواري ، ومـا وُشِّينَ مِن بُـرُدٍ
والغــانيـاتِ ، ومــا حُلِّيــنَ من ذَهَبِ


أَمــا يُــؤرِّقُ ربَّ القصرِ رَجْعُ صدىً
مُعَــذَّبٍ في طُلــولِ اللّــدِّ ، مُنتَحِبِ

وفي الجليـلِ عـذارى يَـنْـتَـخِـيـنَ ، فما
تَســري الـحَمِيَّــةُ في عِـرقٍ ولا عَصَبِ
* * *
إِنــا سـَـــقَينا خُطـــوطَ النــارِ من دَمِنـا
فَلْيَسقِها الشيخُ بعضَ الزيتِ، إِن يَهَبِ

لا و العُروبـــةِ، لا كَلَّـــت سَــواعِدُنـا
صَوَّالــةً بِسِــــنانِ الـــرَّوْعِ والقُضُــبِ

لا و العُروبـــةِ ، أَو شُـــلَّت سـواعِدُنا
إِن لـم نُفَجِّـر مدى الصحراءِ باللَّهَبِ

إِن لــم نَقُـمْ في حُقولِ النفطِ نُشعِلُها
في جنبِ كلِّ دخيلِ الدارِ ، مُغتَصِبِ


ما لِلجماهيرِ لـم تَفتَــح جَـهَـنَّـمَـهـــا
لِلفـــاتحينَ ، و لــم تَــزْأَر ، و لم تَثِبِ

أَقـــد سَـــرَى خَــدَرُ الأَفيــونِ في دَمِها
فما تُـحِـسُّ عليهِ صَحـوةَ الغَضَبِ؟!
* * *
أَكـــادُ أُومِنُ ، مِن شـــكٍ ومن عَجَبِ
هَذي الملايينُ ليســت أُمَّـةَ العَرَبِ

لولا تَشُـــــقُّ سُــجوفَ الليــلِ بــارقةٌ
يا شُـعلَة البعثِ ، رُدِّي حالِكَ الحُجُبِ

وَقُـمْ ، فَأَنـــذِرْ ، بـأَصنـــامٍ مُـبَـجَّـلـةٍ
غَداً تـَدَحْـرَجُ فـي الأَقــــدامِ كاللُّعَبِ

واسأل ببغدادَ، عن"نُوري"،وخِلفَتِهِ
نَبُــوءَتي في طُغــاةِ الأَرضِ لـم تَـخِبِ


إذا الثعالبُ صِيدَتْ في مَكامِـنِـها
أَيَّـانَ يُفلِتُ من شعبِ العراقِ، غَبي

لَعنتُ تِشـــرينَ ، باســـمِ اللّدِّ أَلعنُـهُ
و باســمِ جُرحٍ على اللَّطرونِ مُنْسَكِبِ

بِــدَيــرِ ياســينَ ، بِــالأَرواحِ هــائمـــةً
علــى الخرائــبِ ، تَرثـي نَخْوَةَ العَرَبِ

لعنتُ تِشـــرينَ، لا بغدادُ مِن وَطَني
ولا العـــراقُ ، و لا كان الرشيدُ أَبي

إِن لم أرَ الرَّكبَ من شعبِ العراقِ ضُحىً
يَلُـزُّ عَرضَ المـدى في زَحفِهِ اللَّجِبِ

كأَنَّ، مِـن قُبْلُ ، لم يَجْلُ النهارُ دجىً
ولا ازدَهَتْ صفحةٌ للعزِّ في كُتُبِ
* * *

وفي الشآمِ ذَوُو بــأسٍ ، مُسَـــرَّجَةٌ
خُيُولُهم قِبْلَـةَ الـمَيْـدانِ كالشُّـــهُبِ

علـى النيـازكِ فُرســــانٌ لهم ، و على
رَحَــى الجنازيــرِ جِـــنٌّ مُـرَّةُ الغَضَبِ

جُنْـــدُ الرســـالةِ ، مَعقُـودٌ لِواؤُهُمـو
لِلبَعثِ ، عَـــزَّ على مَسـعُورِة النُّوَبِ

مـا عَـابَهُـمْ أَنهــم بِالســـيفِ نَخوتُهــم
و غيرُهـم بِضجيــجِ القـــولِ والخُطَبِ

مــا عَـابَـهُـمْ أننــا لســـنا تِـجارَتَـهُم
ولا الخيـامُ بِسُــوقِ العرضِ والطَّـلَبِ

* * *
وقِيل "وَهْرانُ".. هل حادَ السبيلُ بها
تُزجِي القوافلَ،"أَنغولا"،عن النَّـقَبِ!!

هــل الطريــقُ إِلى يــافـا مُضَيَّـعــةٌ
و مِـن دِمــاهـــا مَنـــارٌ أَلفُ مُلتَهِـبِ!!

واخَجْلَتا ، وَ بُـيُـــوتُ الناسِ أَرفُعُها
وبيـتُ أَهلـي عَـوِيـلُ الريحِ في الخِرَبِ

عاتبتُ"وهرانَ" في جُرحي،و تَذكُرني
في جُرحِها،وَسُدىً لَوْمي،سُدىً عَتَبي

* * *
أَكـادُ أُومِنُ ، مِن شـــكٍ ومِن عَجَبِ
هَــذي الملايينُ ليســـت أُمَّةَ العَرَبِ

لـولا رِفــاقُ طــريقٍ، في مَلامِـحِهِــم
وَهْــجُ الرســـالةِ يُذكي سالفَ النَّسَبِ

تَـــدري العـروبةُ مَن أَبنــاءُ بَجْدَتِهـا
مَن الـمُحامـونَ بِــالأَرواحِ والقُضُبِ

مَــن الــذيــن ، إذا أنـَّـت لِنــازِلَــةٍ
يــافـا ، تَـنَـهَّـدت الأَصـداءُ في حَلَبِ


لَيَهْــدِرُ الزَّبَــدُ المَحمُومُ مُصطَخِباً
وَيَسـتحيلُ جُفــاءً ســاعةَ الحـَـرَبِ

وَ يمْكـثُ الحــقُّ ، فـي غَوْرٍ أَرُومَتُـهُ
وَ فَـرعُــهُ فـي جِـوارٍ اللهِ كـالطَّنَــبِ

آمنــتُ بِـالشــامِ، رُوحُ البعثِ تَسكُنُها
مـا جِلَّــقٌ هــذه ، بــل كَعبَــةُ العَـرَبِ




نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عبد الحافظ بخيت متولى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 06 / 2011, 25 : 06 AM   رقم المشاركة : [2]
فاطمة البشر
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة

 الصورة الرمزية فاطمة البشر
 





فاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: من شعر يوسف الخطيب

مقتطفات رائعه جداا
استمتعت بتواجدي هنااا
رحم الله الأستاذ يوسف الخطيب
تشكر جهودك المميزة أستاذي الفاضل
ودي ووردي
توقيع فاطمة البشر
 
أنا لم أكن يوما إلا أنا ....

تلك الفتاة التي تحلم بغد زاهٍ مشرق ...

تلك الفتاة التي تنثر حباً وأملاً ...
تلك الفتاة التي ترسم حلماً ...
تلك الفتاة التي ستصنع مجداً ...

ولا تزال تنتظر الأياام......


فاطمة البشر


https://www.facebook.com/fatima.bisher
فاطمة البشر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الخطيب, يوسف


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فلسطين في مفكرة الشاعر يوسف الخطيب لا أقل من البحر إلى النهر / هدى الخطيب هدى نورالدين الخطيب نقد 11 15 / 01 / 2013 05 : 04 PM
حول إذاعية حول الشاعر يوسف الخطيب طلعت سقيرق جمهورية يوم.الجمعة والعطل الرسمية والأعياد 5 25 / 03 / 2012 07 : 05 PM
الى روح اخي الشاعر يوسف الخطيب / الحاج لطفي الياسيني ناهد شما الشعر العمودي 6 20 / 09 / 2011 16 : 05 PM
حوار مع شاعر فلسطين يوسف الخطيب طلعت سقيرق حاورتهم 4 19 / 06 / 2011 46 : 08 PM


الساعة الآن 02 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|