الدبق السياسي
في مقابلة من مقابلات التنافس العلمي والثقافي لطلاب
المستوى النهائي المقبلين على امتحان الباكلوريا ، جرت
بين ثانوية من مدينتنا و ثانوية من ولاية أخرى ، طُرح
سؤال في العلوم الطبيعية عن الدبق وإن كان له دور
في نقل السيالة العصبية ، فكانت إجابة طلابنا سلبية
تماما وتحصلوا بالتالي و لأجل المشاركة فقط على
أدنى نقطة ، وفي بداية الأسبوع الموالي وفي أول حصة
للعلوم وعند دخول أستاذ هذه المادة إلى القسم ،شرعت
أنا وزميل لي في الضرب على طاولتينا والهتاف : الدبق،
الدبق ، الدبق ، ... للفت انتباهه إلى إغفاله لهذا الموضوع
المنتمي للجهاز العصبي الذي أنتهينا من طرقه، فرد
مستخفا ومستصغرا احتجاجنا قائلا: ماذا ؟ الدبق ؟ الأمر
سهل وعادي : الدبق هو خلية مغذية للخلايا العصبية ولا
دور له في نقل السيالة العصبية ، وهي طبعا نفس الإجابة
التي أعطاها الأستاذ المكلف بالعلوم في حصة بين
الثانويات .
طبعا ما دفعنا أنا وزميلي للقيام بذلك التصرف هو تجاوز
أستاذنا لمعلومة من معلومات المقرر وإغفالها ، أما من
حيث الأهمية فهي أقل شأنا بكثير من بقية المعلومات
ومن المستبعد جدا أن تدرج ضمن أسئلة العلوم الطبيعية
في الباكالوريا، أي أن ما قمنا به يكاد ينطبق عليه المثل
العربي الشائع : جعجعة بدون طحين .
وفي اليومين الماضيين خرجت علينا رئاسة الجمهورية
ببيان يُفيد بتغيير الحكومة الجزائرية القديمة جدا بأخرى
جديدة ، ولكن الملاحظ لهذا الأمر يجده يتنافى ومعنى
التغيير وإنما في الحقيقة هو تحريك ضمن دائرة النظام
وقد تأكد ذلك تماما بعد بث البيان الرئاسي الموالي
المتضمن تشكيلة الفريق الحكومي، فرئيس الوزراء
رجل بيروقراطي ترعرع في الإدارة وتسلق جدرانها
إلى إن بلغ طابق الجهاز التنفيذي وهو في الأول و
الأخير واحد من المريدين الأوفياء لطريقة بوتفليقة
السائدة لوحدها حاليا في الساحة السياسة بعد أن تم
القضاء بشتى الأساليب على الطرق الأخرى المنافسة
لها . والأمر نفسه بالنسبة لأغلب الوزراء الجدد فهم
لم يعرف لهم خط سياسي ، و إنما كانوا في قوائم
الإنتظار يتحينون الفرص للإنقضاض على الكراسي
الشاغرة .
إن ما جرى أبقى بركة الماء ساكنة وسوف لن
يدور إلا في مدار نفس الطريقة السالفة ، أما علاقته
بالتغيير فهي كعلاقة الدبق بالسيالة العصبية أو هو
، بتعبير آخر، مجرد " دبق سياسي " .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|