الأطلال
***
شعر
صبري الصبري
***
كُفِّي هواك عن الفؤاد الخالي
ودعيه يحيا دونما أشغالِ
وكفاه دهرا كان يحيا شاردا
بين الدروب بوهم شوقٍ بالِ
يصلى الهموم بما لها من شقوةٍ
جثمت عليه بأشنع الأثقالِ
فأنا سئمت الحب يا ذات الهوى
إن كان منك بسالف المنوالِ
ونسيت أنك كنت أنت حبيبتي
حين التقينا في قديم وصالِ
ونسيت لما أشرقت آمالنا
كالشمس يحجبها كثيف ظلالِ
وسلوت أيام الصبا فيها الفتى
يشجيه صوت الناي والموالِ
ويكون رهن إشارة من كاعبٍ
تغريه منها زركشات دلالِ
وشطبتُ ذكراك البعيدة كلها
وبحورَ شعر دُوِّنَت برحالي
وعزمت أن أحيا الحياةَ محررا
وموقرا في روضة استقلالي
أرنو الليالي تابعت دورانها
في فلك درب مسيرة لليالِ
فيها خبرت الحب منك سويعة
كانت كملح ذائب بزلالِ
وتأملت نظرات قلبي ما جرى
حين اختفيت عن الرؤى بزوالِ
وتلاشت الأزهار من روض بدا
بالقفر يغزو شوكه أوصالي
ماجت به الآلامُ تعصف عصفها
بين الجوانح مثلما الزلزالِ
ولَّت أمانينا وتاه طريقنا
لما توالت غربة الترحالِ
صرنا نساءل كل بدر ساطع
عما جرى لفؤادنا بسؤالِ
ونطالع الأقمار حتى تنتهي
وتصير عرجونا ثوى بهلالِ
حتى استقرت بالنوى أشواقنا
في موج يم هائج كجبالِ
والآن جئت وقد غرتك قصائدي
وسبتك في شعر الهوى أعمالي
وطلبت بحرا من بدائع أبحري
يجتاز ما بالهجر من بلبالِ
ويعيد للوجدان ذكرى طالما
طاردتها بجوانحي وببالي
هل تنبت الأشجار بعد جفافها
نبتا يعيد نضارة الإظلال ؟!
أو تزهر الأزهار رغم ذبولها
في باقة منسية برمالِ ؟!
أو يثمر البستان بعد مكوثه
دهرا يعاني ندرة الصلصال ؟!
هذا القريض لمن لها صدق المنى
ولمن تولت بالهدى أحوالي !!
فدعي انتظارك للقصيد فإنه
جافى فؤادك يا فتات خيالي !!
فبه القوافي بالبحور نديَّة
لمن استحقت بالصفا إقبالي
كُفِّي هواكِ عن الفؤاد فلم يزل
عن مثل حبك بارتياح الخالي
فأنا أغرد بالجمال كبلبلٍ
بالروض يحيا صادحا بجمالِ
وأنا أبث قصائدي في طيها
شعري بحب ذاخر الآمالِ
لحبيبة القلب الصدوق وأمتي
مسترسلا في أهنا استرسالِ
كوني به مثل الذين استمتعوا
من نسوة نزلوا به ورجالِ
ودعي التطلع للقصيد قد ارتقى
مرقى الجلال برفعة الأفضالِ
ما عدت أذكر من هواك صبابة
تُمْلِي عليَّ بصدقها أقوالي
وكفاك سيدة الغناءِ بشدوها
سلوى الحنين لكافة الأجيالِ
أرشيفها الوافي يعم فضاءنا
للمغرمين على المدى بنوالِ
وإذا أردت نصيحتي فلتنصتي
بتمعن لقصيدة (الأطلالِ) !!