حكومة الفاسي...حكومة الفلكلور السياسي
[align=justify] الكاتب: سعيد الأمين: صحافي مغربي
لم تتجاوز المشاركة في الانتخابات التشريعية الماضية العشرين أو الثمانية عشر بالمئة من مجموع المسجلين في اللوائح الإنتخابية بالمغرب دون الحديث عن المقاطعين مبدئيا أو غير المسجلين في اللوائح الإنتخابية، إضافة إلى الملايين من المغاربة المقيمين بالخارج الخارجين عن التغطية الديمقراطية بالمغرب.
كما أفرزت هذه الإستحقاقات بوجود 35 دكانا سياسيا خاض غمار "المغامرة" الديمقراطية (التي لم تشأ أغلبية الشعب المغربي أن تلعب دور العراب فيها) خريطة مبعثرة غير واضحة المعالم انتهت بزواج عرفي تحكمه نزوة مصلحة بين مجموعة من الأطراف.
وبدلا من تحكيم الشرعية الديمقراطية والمنطق السياسي اللذان يفرضان على النخبة السياسية بالمغرب المطالبة بإعادة الإنتخابات والإسراع بتشكيل حكومة مؤقتة لتسيير الأعمال، لم نرى أحدا رفع عقيرته كما في أيام الحملة الإنتخابية وطالب بإلغاء تشكيل حكومة فاقدة للصفة التمثيلية وتعتبر عبئا على "المنهجية الديمقراطية"، حتى حزب العدالة والتنمية الذي عودنا على عنترياته اكتفى بتبريرات واهية لا تسبر عمق الإشكال ورضي بابتلاع الخيبة ولم ينبس بكلمة واحدة جريئة.
لم تكن هذه الانتخابات والسيناريو المراطوني الذي تلاها لتشكيل الحكومة إلا برهانا قاطعا على الحاجة إلى وضع النزعة السياسية المغربية البائدة وسلة العهد القديم (بكل بيضها) في متحف الفلكلور المغربي الغني في عراقته في كل شيء، حتى في السياسة.
ففي العهد الجديد، عهد الملك الشاب، وبعد شهور من "دابا" ومن صم آذان الشعب بتشبيب السياسة والسياسيين تم تعيين عباس الفاسي الذي يقترب عمره من الثلاثة أرباع قرن على رأس الحكومة ناهيك عن تاريخ الرجل الذي لايكف عن ملاحقته في إحدى أشهر قضايا الفساد بالمغرب والريبة التي تلف فوزه في إحدى الدوائر بالعرائش التي حل فيها أخيرا، والأدهى والأمر أنه بعد تعيينه لم يتمسك بحقه الدستوري الذي يفرضه الفصل 24 في أحقية الوزير الأول في تكوين وعرض لائحة وزارية على الملك كي يصادق عليها.
الملك قام بدوره الدستوري بتعيين وزير أول وبل قام بتعيينه من الحزب الفائز أو "الأغلبية" التي تمثلها الكتلة. الشعب المغربي تحلى بالمنطق الديمقراطي بمقاطعة الإنتخابات في ظل خريطة سياسية مزكرشة وغياب الجرأة والجدية داخل النخبة السياسية. المخزن والمتحكمين في دواليب السلطة قاموا بمهامهم المفترض أن تقوم بها نخبة حاكمة تدافع عن مصالحها ومستقبلها وتخطط وفق أجندة معينة لاتترك أية قرائن ولاأدلة واضحة وموثقة للطعن في نيتها. أما الأحزاب فمنها من وجد نفسه فوق صفيح ساخن لم يضع له حسابا كحزبي الحركة الشعبية والعدالة والتنمية، ومنها من ابتلع كعكة مسمومة أثناء وبعد الإنتخابات وبدأت أعراض سمها تظهر عليها ونتحدث هنا عن الإتحاد الإشتراكي والتقدم والإشتراكية اللذان فقدا مجموعة من كوادرهما النَزّق داخل مراكز القرار، ليطرح الإشكال المتجدد والمعهود منذ الستينات من القرن الماضي وهو موجات التصدعات التي تصيب الأحزاب المغربية وعدم استقرارها الداخلي الذي يحيل إلى تخوفات في الزيادة في تشتيت الخريطة السياسية وتفريخها بدلا من لمها بعقد تحالفات واندماجات تسهل انتقالا ديمقراطيا حقيقيا وجديا.
لا يمكن عقد الآمال في حكومة ضعيفة -حسب بعض الأقلام- بضعف وزيرها الأول الإستقلالي، ومتصدعة بتصدع بقية الأحزاب المشاركة فيها إضافة إلى التكنوقراط الذين يشكلون فيها نسبة الثلث والأيادي الخفية المعقودة بأصابعها خيوط تسيير الشأن الحكومي دون الحديث عن الصورة الكاريكاتورية والعبثية التي يراها الشعب في هذه التشكيلة التي جاءت نتيجة تهافت مفضوح على المراكز والحقائب الوزارية والتوزيع الأشبه بإلقاء نرود الحظ الذي قام به عباس الفاسي جبرا للخواطر من جهة وتصفية للحسابات من جهة أخرى، ولنا بعدها أن نبحث عن أي نرد أقرب إلى المنهجية الديمقراطية !!
على ما يبدوا أن سنة 2007 مرت لتكشف الأوراق السياسية الحقيقية بالمغرب ولتسقط أوراق التوت التي تتدثر بها أحزاب سياسية تتخايل بباعها الطويل في السياسة وتاريخها المقدس والممجد الجدير باهتمام الأركيولوجيين والمختصين في علوم التراث عسى المغرب أن يحدث سبقا علميا وأكاديميا في تاريخه الحديث بالتأسيس لمعاهد لدراسة الفلكلور السياسي.
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|