صاح الغراب بوشك البين فارتحلوا
وقرَّبوا العيس قبل الصُّبح واحتملوا
وغادروا القلب ما تهدا لواعـجـه
كأنَّه بضرام النَّـار مـشـتـعـل
وفي الجوانح نار الحبِّ تقـذفـهـا
أيدي النّوى بزناد الشَّوق إذ رحلوا
لمَّا أناخوا قبيل الصّبـح عـيرهـم
ورحَّلوها وسارت بالدُّمـى الإبـل
وقلَّبت من خلال السُّجف ناظرهـا
ترنو إليًّ ودمع العين منـهـمـل
وودّعت ببـنـان عـقـده عـنـمٌ
ناديت: لا حملت رجلاك يا جمـل
ويحيى من البين ماذا حلَّ بي وبهم
من نازل البين حلَّ البين وارتحلوا
يا راحل العيس عرِّج كي نودِّعهـم
يا راحل العيس في ترحالك الأجل
إنِّي على العهد لم أنقض مودّتهـم
يا ليت شعري لطول البين ما فعلوا
الأخفش:
سقياً ورعياً وإيماناً ومغفـرةً
للباكيات علينا حين نرتحـل
يبكي علينا ولا نبكي على أحدٍ
أنحن أغلظ أكباداً أمالإبـل
وقال آخر:
أحجَّاجبيت الله فـي أيِّ هـودجٍ
وفي أيِّ خدرٍ من خدوركم قلبـي
أأبقى نحيل الجسم في أرض غربةٍ
وحاديكم يحدو بقلبي معالرَّكـب
وقال عمر بن أبي ربيعة:
هاج القريض الذِّكر
لمَّا غدوا فانشمروا
على بغالٍ شـحَّـجٍ
قد ضمَّهنَّ السَّفـر
فيهنَّ هندٌ ليتنـي
ما عمِّرت أعمَّر
حتَّى إذا ما جاءها
حتفٌ أتاني القدر
وقال آخر:
أيا عجباً ممَّـن يودِّع إلـفـه
يمدَّ يداً نحو الفراق فيسـرع
هممت بتوديع الحبيب فلم أطق
فودَّعته بالقلب والعينتدمـع
وينظر إليه في قول الآخر:
ودَّعها طرفي فقالت له
بالدَّمع أستودعك اللـه
وقال حبيب
مااليوم أوَّل توديعي ولا الثَّـانـي
البين أكثر من شوقي وأحزانـي
حسب الفراق بأنَّ الدَّهر ساعـده
فصار أملك من روحي بجثماني
وماأظنُّ النَّوى يرضى بما صنعت
حتَّى تشافه بي أقصىخرسـان
وقال آخر:
أهدى إليه سفرجلاً فتـطـيَّرا
منه وظلّ مفكِّراً مستعـبـراً
خوف الفراق لأنَّ شطر هجائه
سفرٌ وحقَّ له بأنيتـطـيَّرا
وقال آخر:
أقيم وتظعنين وأنت روحـي
وهل جسدٌ يعيش بغير روح
لئن كان الفراق غداً فـإنِّـي
سأحمل لا أشكُّ إلى ضريحي
تعالي بعد فرقتنا لنـبـكـي
فإنِّي نائحٌ أبـداًفـنـوحـي
وقال أبو الشيص، وهو محمد بن عبد الله بن رزين:
مافرَّق الأحبـاب بـع
د الـلـه إلاَّ الإبــل
والنَّاس يلحـون غـرا
ب البين لمَّا جهـلـوا
وماعلى ظهـر غـرا
ب البين تطوى الرِّحل
ولا إذا صـاح غـرا
بٌ في الدِّيار ارتحلوا
وماغراب الـبـين إلاَّ
ناقةٌ أو جـمـــل