رحلة
كانت على موعد مع السفر ، أخبرها والدها أن السفر سيكون عائليا، ستذهب أسرتها رفقة أسرة عمها، لقضاء أسبوع شيق في مدينة أخرى، ستسافر نحو البحر، أو نحو الجبل، أو حتى إلى الصحراء ، المهم أنها أخيرا ستسافر، بعد أن تم الترخيص بذلك، وبعد عام دراسي متعب، ختم بامتحان جهوي صعب ،وبعد أن كانت الكورونا تخنق الأنفاس، وتجعل الكل يغلق عليه بابه، منعت اللقاءات، وحرمت جل التحيات، وحبست بكل بيت أفراده لتقتحم هي البيوت وتفتك بالقلوب والأرواح .
حسنا لن تفكر نسرين في ما حل بالعائلة بسبب هذا الوباء، وهي ترص حقيبتها مستعدة للسفر، الآن سيتغير كل شيء، ستنقلب الأحزان أفراحا.
تجمع أمتعتها ليلا وهي تفوح وهجا منتشية بذلك.
لحظة لجأت لسريريها غاب عن عينيها النوم، وقد انشغل فكرها بالسفر تتخيل أجواء الرحلة، والأسرتين أخيرا ستجتمعان دون فراق أسبوعا كاملا . لن تستطيع الكورونا هذه المرة أن تبعدها عن ابنة عمها أريج .
بعد صلاة الفجر جاء والدها يوقظها، لكنها كانت بين نوم ويقظة، نهضت مسرعة، وبدأت تستعد للخروج من البيت، للانطلاق، حتى فطورها لم تتناوله . صارت مسرعه إلى السيارة تصف الحقائب وترص لوازم السفر.
على بركه الله بدأت الرحلة، و انطلقت السيارة أخيرا بعد وصول العم أحمد لتسير السيارتان معا كأنهما في موكب عروس والكل في فرح يغنون بنشاط وبهجة ومرح، ما إن غادروا المدينة سائرين في الطريق الوطنية حتى تغيرت وجهة الرحلة إذ صادف أن وقعت حادثة سير بين شاحنة وسيارتهم، مما أدى إلى إصابة الجميع ، كان سائق الشاحنة في حالة خطيرة، أما نسرين فقد غيبتها الآلام عن وعيها وهي تحس أنها تسمع عظاما بجسمها تنكسر، وهالها منظر المصابين والدماء، فكانت وجهة الرحلة " المستشفى" بعد تلقي العلاجات الأولية و عندما فتحت نسرين عينيها وجدت أن الكل ما يزال على قيد الحياة ولكن الإصابات كان بعضها خطيرا أما هي فقد كسرت عظام جزئها الأيسر، ولم تعد قادرة على تحريك يدها ولا رجلها ولا حتى رأسها مدة طويلة، تفاءلت خيرا بعد تعافيها، و فرحت لأنها صارت بخير هي وكل من كان معها، إلا أنها ما تزال ترتعد ويهتز قلبها وينفطر كلما سمعت صوت الفرامل ، فتظل تبكي و تكف عن الحركة ولا تستطيع أن تأخذ نفسا إلا بآلة بخاخ الربو ، ليصل الهواء إلى جسدها فتحيا، وتعود بسمتها للحياة
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|