الأدب الذي يبقى
[align=justify]
ما يكتب كثير، وما ينشر أكثر من كثير، لكن ما يبقى قليل، وما يترك للتاريخ حقاً أقل من قليل.. مشكلة الأديب، أي أديب، تتحدد في أنه لا يريد أن يسمع، ولا يريد أن يعرف، وأن يتعلم.. كل واحد يظن أنه الأفضل، والأصلح، وصاحب القلم الذي لا يشق له غبار.. وحين تحاول مجرد محاولة، أن تضع النقاط على الحروف، تقوم القيامة، ويأخذ الجميع في تسفيه رأيك، لأنك ببساطة وضعت يدك على الجرح، وأشرت إلى أماكن الخطأ في هذا النص الإبداعي أو ذاك.. وكأن الإبداع صار فوق الخطأ والنقد والقول مهما كان.. وتسأل: لماذا؟؟.. يقال لك: يا أخي أنا أمضيت عمري في الكتابة وتحبير الصفحات.. وينسى القائل أن الإبداع العظيم يحتاج إلى موهبة عظيمة، وأن التعلم لا يتوقف عند حد، وكل أديب صغر عمراً وإبداعاً أو كبر، بحاجة إلى أن يتعلم.. والعيب كل العيب، ليس في أن يقبل النقد والإشارة إلى أماكن الخطأ، ولكن في أن يصر على إغماض العين، ورفض كل إشارة مهما كانت..
أحد القاصين من الأصدقاء، استطاع أن يصل بقصته إلى درجة متقدمة وضعت اسمه بجدارة بين الأسماء المعروفة لكتاب القصة في الوطن العربي.. وعرفته منذ سنوات، يعمل على قصته دون كلل أو ملل، يبني ويرفع ويقرأ ويتعب ويعرق.. وحين يقرأ قصته الجميلة الرائعة، يستمع بإصغاء إلى كل من يعلق مصراً على أن يستفيد من كل رأي، لأن المبدع حسب رأيه لا يصل مهما فعل إلى الكمال، لذلك فهو محتاج إلى التعلم.. ومن محاسن هذا المبدع الكبير، شغله الدائب على نصه، وكأن التطوير والدفع والشحن والاطلاع على الجديد ديدنه، فهو لا يقرأ لنا قصة جديدة، إلا لنرى كم سبق قصته التي قالها من قبل.. وأجمل ما فيه، حبه لأن يكتب كل واحد منا نصاً متفوقاً، كل ذلك بطبيعة الحال جراء حب المبدع في داخله، وجراء الثقة الكبيرة بأدبه العالي..
بعض الصغار، وما أكثرهم، يحاولون الانتقاص من قيمة هذا الصديق المبدع بكل شكل وكل صورة.. يتسلقون جدران إبداعه العالية بقاماتهم الضئيلة وحين يسقطون سقوطهم المدوي، تعلو الشتائم التي لا صلة لها بالأدب.. ويتضح أمام القريب والبعيد، أن الصغار صغار مهما فعلوا، وأن الكبار كبار مهما كانت أسلحة الصغار وأساليبهم، هذه الأساليب الصبيانية المضحكة.. وحسناً يفعل صديقي وتحمد تصرفاته حين يقف من الصغار غير مبال، لأن قامته الأدبية العالية، الجميلة، الرائعة، لا تستطيع أن تهزها أصابع الغيرة من أدباء ما استطاعوا أن يكونوا شيئاً في عالم الأدب!!..
تمنيت دائماً ومازلت أن يكبر الإبداع بالتفات المبدعين إلى رفد إبداعهم حتى لا يبقى في قاع النسيان.. فالإبداع الكبير يحتاج إلى جهد كبير، ولا يصدقن أحد أن الموهبة وحدها تكفي، إذ نعرف حاجة الموهبة إلى العمل والمثابرة والاطلاع.. طبعاً لا نختلف، ولا يمكن أن نختلف حول قيمة الموهبة الكبيرة في تميزها عن الموهبة الصغيرة، لكن في كثير من الأحيان تتفوق الموهبة الصغيرة عند إنسان يعمل ويبذل جهده على موهبة كبيرة عند إنسان يترك كل شيء دون عمل.. وطبيعي أن الزمن حكم مرعب، لأنه يأخذ الجيد ويترك السيء.. ومن يظن أن الزمن يمكن أن يحابي فهو مجنون لا يفهم معنى الزمن ولا يعرف قانونه الجميل الجليل المنصف..
اقتربوا من ساح الإبداع بحب.. اقتربوا من ساح الأدب بعمل متواصل لا يعرف السكون.. عندها يكون حكم الزمن لصالحكم.. ولا تغرقوا في أشياء تضركم ولا تفيدكم.. وثقوا أن الأدب الكبير يبقى كبيراً مهما حاولتم أن تقللوا من قيمته..!!..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|