[align=justify]
أورد المقال كاملا مع التحفظ على بعض الافكار (الخاصة بقضية الشعب الفلسطيني وحق العودة والقدس.. ) للتعرف على وجهة نظر الطرف الآخر
هل تنفض ’’إسرائيل’’ رماد المحرقة عن نفسها؟
تقرير عبير صراص / اذاعة هولندا العالمية
زار هولندا مؤخرا السياسي الإسرائيلي السابق أفراهام بيرغ لعرض كتابه الجديد بعنوان "المحرقة انتهت، فلنصعد من رمادها". تسبب الكتاب في إثارة نقاش واسع ودعوة للتأمل في الذات في أوساط الجاليات اليهودية حول العالم. يرى بيرغ في كتابه أن المحرقة يجب أن تبقى ذكرى لجميع اليهود لكنه يقول أن ’’ إسرائيل’’ تستخدمها كأداة سياسة.
وفقا لبيرغ فأن الصدمة النفسية التي خلفتها المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية قبل أكثر من ستين عاما وسمت المجتمع الإسرائيلي للأبد ولا زالت آثار الصدمة قائمة حتى الآن. يقول بيرغ أن آثار الصدمة واضحة إذا ما نظرت إلى الخطاب السائد في المجتمع الإسرائيلي. فالجندي الإسرائيلي الذي يجلي المستوطنين عن البؤر الاستيطانية غير الشرعية يلقب بالنازي، والعربي الذي يقتل اليهودي يصبح هو أيضا نازي. ولا يقتصر الأمر على ذلك إذ أن السياسيين غالبا ما يستخدمون المصطلحات المتعلقة بالمحرقة مثل بنيامين نتنياهو الذي يقارن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بأدولف هتلر. ويستنتج بيرغ في كتابه أن شبح المحرقة ما زال يخيم على الإسرائيليين حتى أولئك الذين لم يمروا في تجربة المحرقة.
يقول بيرغ:
"إنه أمر ضروري أن نحمل معنا ذكرى المحرقة ونحترم ما تعرض له آبائنا وأجدادنا لكننا لا نستطيع أن نجعلها أداة سياسية تعطي ذريعة لكم ما نفعله. لقد حان الوقت للتفكير، ربما ليس للفعل، أن نترك المحرقة وراءنا ونخطو نحو الثقة بالمستقبل".
ويتابع بيرغ قائلا إنه إذا تأملت في المجتمع الإسرائيلي فلا بد أن ترى كيف جعلت الصدمة من ’’إسرائيل’’ مجتمعا خائفا يعيش حالة دائمة من البارانويا التي تؤدي إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة، وهذا ما نراه يحدث الآن في عملية الرصاص المصبوب التي شنتها ’’إسرائيل’’ على قطاع غزة.
انسخ واُلصق
يكاد يكون من المستحيل أن تعيش حياتك اليومية في ’’إسرائيل’’ دون أن تُذكر بالمحرقة. يشدد بيرغ أن المحرقة ذكرى مهمة وينبغي احترامها، لكن الحكومة الإسرائيلية تسيء استخدامها عندما تعمل جادة على نقل الصدمة من جيل لآخر. تبعث وزارة التعليم الإسرائيلية جميع طلاب المدارس الثانوية اليهود لزيارة معسكر الإبادة أوشفتز في بولندا. وهذا ما حصل مع أبناء السياسي بيرغ نفسه:
"لدي ستة أبناء. فشلت في إقناع خمسة منهم بألا يذهبوا في هذه الرحلة. أما الابن السادس فتمكنت من إقناعه. قلت لهم أنه من الخطأ أن يذهبوا. المحرقة صدمة كبرى وفصل مهم في تاريخنا لكن طلاب المدارس ليسوا ناضجين وكلهم مراهقين. وهذا ليس توقيتا جيدا للزيارة وخصوصا أنهم يلتحقون بعد الدراسة بالخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي. اعتبر هذه الزيارة نوعا من التلاعب بمشاعر وأفكار هؤلاء الطلاب من قبل الحكومة".
اقترح بيرغ في السابق على الوزارة أن يغيروا برنامج الرحلة بمنظور أوسع. وهو أن يأخذوا الطلاب الإسرائيليين عربا ويهودا سواء إلى أسبانيا لدراسة تاريخ التعايش الإسلامي اليهودي، ومن ثم الإطلاع على مأساة الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال، هذا إلى جانب زيارة معسكرات الإبادة.
لا لمحرقة أخرى.
يقول بيرغ أن الحل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي واضح لكلا الطرفين. وينبغي أن يشمل العودة إلى حدود عام 67، وتفكيك معظم المستوطنات، وتقسيم مدينة القدس، وحل مشكلة اللاجئين. لكن الحل في رأيه ليس حلا سياسيا فحسب. لكنه أيضا يناشد بحل إنساني ويقول أن الشعار الذي ينادي به اليهود "لا لمحرقة أخرى" يجب أن ينطبق على اي معاناة إنسانية حتى ولو كانت على الجانب الفلسطيني. يقول بيرغ موضحا:
"ما يميز الصراع في الشرق الأوسط في السنوات الستين الأخيرة أنه نزاع على الماضي وتنافس على موقع من عاني صدمة أكبر من الآخر. والقائد الحكيم هو من يتجنب تكثيف الصدمات وإثارة الفتنة بين الأطراف. يجب على الطرفين أن يجلسا معا ويعترفا بالمعاناة التي يمر بها الطرفان. احترام معاناة الماضي واجب، لكن علينا أن نعمل معا من أجل مستقبل أفضل وألا نتنافس على الماضي.
رسول
تلقى بيرغ انتقادات من إسرائيليين يتهمونه بأنه ادار ظهره لإسرائيل. ليست هذه المرة الأولى التي تثير فيها بيرغ الجدل في الأوساط الإسرائيلية، فقد كتب في العام 2003 مقالا بعنوان "نهاية الصهيونية" نشره في جريدة يدعوت أحرنوت الواسعة الانتشار. جاء في المقال:
"إن إسرائيل، التي لم تعد تكترث بمعاناة الأطفال الفلسطينيين، لا ينبغي أن تفاجأ عندما يأتون متأججين بالكراهية ليفجروا أنفسهم في المراكز الإسرائيلية"
وعن ردود الفعل الإسرائيلية لكتابه يقول بيرغ أن رسالته لم تكن مثيرة للجدل بقدر ما أثارت شخصية الكاتب وتاريخه الجدل. كان بيرغ عضوا سابقا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) والمتحدث باسمه كما ترأس الوكالة اليهودية، وخاض الانتخابات لقيادة حزب العمل. يعتبر بيرغ سياسيا مخضرما ويحظى باحترام الشارع الإسرائيلي وخاصة بعد أن شغل منصب رئيس الدولة بشكل مؤقت بعد أن استقالة الرئيس عازرفايتسمان من منصبه. وفي العام 2003 غادر بيرغ الساحة السياسة احتجاجا على انعدام الرؤية وفقدان البوصلة الحياة السياسية حول مستقبل الدولة العبرية. ومنذ ذلك العام نشر كتابين تحليلين في العوامل التي شكلت المجتمع الإسرائيلي الحديث.
[/align]