التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,822
عدد  مرات الظهور : 162,222,805

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > الجمهوريات العامة > هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية)
هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) هيئة المثقفين العرب والأخبار الثقافية + صالون أدبي ومساحة إضافية للحوارات والنقاشات الأدبية تعتمد على المواضيع الأدبية والثقافية لا على الضيوف - مساحة نناقش فيها كل ما يتعلق بالأدب والثقافة.

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07 / 02 / 2009, 02 : 12 AM   رقم المشاركة : [1]
هشام البرجاوي
ضيف
 


المعجزة الإلهية و العقل الإنساني.

[align=justify]
لا شك أن المتابعة المتأنية للقصص الواردة في النصوص الدينية تسمح لنا بوضع استفهام مشروع حول ظاهرة :"المعجزات"، و الملاحظة الإنطلاقية هي أن المعجزات أدوات اثبات و اقناع عزز بها الله عز و جل أنبيائه من أجل النجاح في استمالة البشر إلى المنظومات الدينية التي يدعون إليها. التناقض الأول و الأساسي يتراءى في خصوصية السلوك الذي يتعاطى بواسطته الإنسان مع مادية أو لامادية التعجيز، فالإنسان منذ مطلع القرن العشرين صار عبدا للآلة التي غزت كل مناحي حياته اليومية و تحضر حتى في اللحظات الأكثر حميمية من مساره الخاص. مادية المعجزة تؤدي إذا إلى استجابة متباطئة لدى المستهدف بها، و قد تعرضت هذه النظرية للتطبيق في علاقة الإنسان باجتياح الآلة حتى لكيانه البيولوجي الخاص (زرع رقاقات الكترونية داعمة لبعض الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان كالقلب). فلماذا لم تقع نفس الإستجابة في حالات مشهورة ذكرت في القرآن الكريم، كقصة النبي موسى مع فرعون، و انشقاق القمر، و قصة النبي صالح...؟ هل يجيب التباطؤ الزمني عن هذا التساؤل؟

لقد شكلت المعجزات تأكيدا أوليا على اعتراف الله أو عالم الغيب حسب التعبير الإسلامي بالمصطلحين الرئيسيين في معجم العقل الإنساني و هما :"النقد و المنطق" و هي تسقط بذلك الإتهام الذي أصدره اللادينيون على النصوص الدينية بكونها تمارس "الإستهواء" على المؤمنين بها، لأن البحث عن الأداة الإقناعية مؤشر دال على جهد مبذول من أجل تغليف الخطاب بطبقة فوق-موضوعية و يستهدف الحوار مع العقل و ليس مع المواقف العاطفية الزائلة. فالفرق بين القناعة العقلية و مثيلتها العاطفية يتجلى في الزمن أولا و في ظروف الإقتناع ثانيا. من البديهي أن الارتباط العاطفي بفكرة ما مؤقت بينما يتصف الإيمان العقلاني بالإطلاق الزمني و هكذا فإن الإنسان عندما يعي باستخدام عقله من أجل استيعاب قضية معينة، فتراجعه عن القناعة التي كونها يثبت أن بناءها تأسس على مزيج لا شعوري أو مستتر بين العاطفة و العقل، و قد تعني العاطفة ضمن معانيها الممتدة المصالح بكافة أنواع خلفياتها و لا يصح أن يؤول التغيير في القناعات إلى قصور في الوظيفة العقلية. هذه الفرضية تختصر في مقولة :" الضمير مزيج تقاربي بين الممارسة المنطقية و الإنتماء الإنساني العاطفي". و تعد هذه المقولة ديباجة للتعاطي الكوني مع التداخل الحتمي بين العاطفة و العقل، إذ قد يذهب البعض إلى إقامة التطابق بينهما و اعتبارهما مفهوما واحدا تعرض للتجزيء المعرفي. غير أنه في اعتقادي فإن الفرق في الظروف و في الزمن فضلا عن النتائج، كلها عوامل تؤدي إلى الفصل بين العقل و العاطفة على مستوى الغايات.

الفرق بين العقل و العاطفة سيساعدنا على فهم الإطار الفلسفي للمعجزات التي أيد بها الله عز و جل الأنبياء.

حين نوظف الفرق الزمني بين العاطفة و العقل سننتهي إلى صياغة فرضية جريئة مؤداها أن المعجزات الإلهية كوسائل إثبات تخاطب العقل و لا تخاطب العاطفة، هذا الإفتراض ليس انتقاصا من التمامية البنيوية للدين التي ترتكز على ركنين محوريين : الترغيب و التهديد، أضيف إليهما الركن الثالث و هو :"الإقناع" و يعتبر الركن الأكثر أهمية و أولوية، فالإسلام لا يختزل في الجنة و النار، هو نمط حياة و حضارة و مجال للتأمل البناء و هذا ما يجعل منه رسالة تتسم بالكونية و الإنسانية. و من هنا جاز التمييز دائما بين النظرية و التطبيق، و هو المخرج الممتاز من الإتهامات التي كالها المؤرخون لنظريات عديدة كالشيوعية و فكر الفيلسوف الفرنسي سان سيمون الذي تحول فيما بعد إلى وضعية تلميذه أوكوست كونت. على هذا الأساس، يصبح اتهام المعجزات باستغلال خاصية الإنبهار التي سماها القرآن :"الهلوع" في قوله تعالى:"خلق الإنسان هلوعا إذا مسه الشر جزوعا"، اتهاما باطلا. بل إن الله استخدم الإطار البشري للوصول إلى ثوابت تسمو فوق الممكن الموضوعي البشري على الأقل، أما نظريا فالكتابات التي قرأتها للسيدة هدى الخطيب تدفعني إلى افتراض أن المستطاع الروحاني قد يكون قادرا على تقديم افتراضات أخرى لا أستطيع التوسع فيها لأنها تنطوي تحت طائلة التجربة الشخصية، و الرأي الشخصي كما تقول السيدة حنا أرندت أصعب مجال يسمح لنا بافتحاص ظواهر لا تنسجم مع المادة، فهي فضاء لا متناهي يتماهى مع المخيال و السايكولوجيا و الرغبة في إبراز كفاءة الذات و لو بتحويل التعقيد المعرفي إلى إنجاز عبقري

لقد اختصر القرآن قوة خطابه الإقناعي عبر مفهوم:"الجحود" الذي يعني رفض الحق رغم إدراكه، و التبريرات و المواقف المنبثقة عن الجحود تخرج من نطاق النقد و التنقيب المشروع عن الحقيقة، إلى نطاق الأيديولوجيا الذي يهدف إلى تزييف الحقيقة.
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)

التعديل الأخير تم بواسطة هشام البرجاوي ; 08 / 02 / 2009 الساعة 34 : 10 PM. سبب آخر: تعديل
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أدب الخطاب والسلوك الإنسانى عبد الحافظ بخيت متولى قاعة الندوات والمحاضرات 1 19 / 05 / 2013 09 : 11 PM
قليلات العقل وكاملو العقل.. نبيل عودة الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 2 27 / 07 / 2012 46 : 10 AM
الاذان ... المعجزة فريال بيبرس الإعجاز القرآني بكافة فروعه 2 13 / 12 / 2011 20 : 02 AM
الطفلة المعجزة .. فلسطينية أصغر طالبة طب في العالم بوران شما فلسطين في القلب ( منوع) 1 19 / 03 / 2010 01 : 03 AM
المعجزة الالهية في ماء زمزم د. ناصر شافعي الإعجاز القرآني بكافة فروعه 3 27 / 05 / 2009 01 : 02 AM


الساعة الآن 13 : 04 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|