قدم رئيس الوزراء الكندي، ستيفن هاربر في البرلمان اعتذارا رسميا لسكان كندا الأصليين، الأربعاء، على انتهاكات تجاوزت قرنا من الزمان في المدارس الداخلية. وكانت تلك المدارس فتحت لتحويل أطفال السكان الأصليين عن ثقافته، واستيعاب الثقافة البيضاء، حيث انتهكت حقوق آلاف الأطفال. وسيكون الاعتذار جزءا من الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة مع السكان الأصليين لكندا، حيث وافقت الحكومة على دفع تعويضات، وإظهار الحقيقة، وستتولى لجنة المصالحة المساعدة على الاعتذار بما يسمح بمعالجة الجراح الناتجة عن هذه الانتهاكات. ولكن حتى الطريقة التي تم بها إعداد الاعتذار أصبحت مصدرا للألم بالنسبة للسكان الأصليين.
كان نظام المدارس الداخلية قد وضع خلال سبعينات القرن التاسع عشر. وكانت تنفق عليه الحكومة الكندية، وتديره عدة كنائس. وخلال أكثر من مائة عام، تم إجبار حوالي 150 ألف طفل على الانتقال من عائلاتهم إلى هذه المدارس. حيث تم انتهاك الآلاف منهم جسديا، جنسيا، وعاطفيا. حيث لم يسمح لهم بالتحدث بلغتهم الأصلية. وكان يتم مخاطبتهم باعتبارهم خنازير وكلاب، ويتعرضون للضرب، ويحذرون من أنهم سيذهبون إلى الجحيم إلا إذا تحولوا إلى الديانة المسيحية.
التفهم وليس العقاب
في مايو 2006 توصلت الحكومة الكندية والسكان الأصليين، إلى اتفاق يضع حدا لسنوات من الدعوى القضائية المرفوعة من قبل الضحايا. ويعتبر الكثير منهم أنهم نجوا من تلك المدارس، مثلما ينجو المرء من كارثة خطيرة. ويشمل الاتفاق تعويضا يقدر بحوالي 1.9 مليار دولار (أكثر قليلا من مليار يورو). وكانت آلاف الصكوك المصرفية قد صرفت إلى أولئك الذين كانوا ذات يوم تلاميذ في تلك المدارس. كما يشمل الاتفاق إنشاء لجنة للإنصاف والمصالحة، والتي بدات أعمالها يوم 1 يونيه من هذا العام. وكان قد تم اختيار القاضي هاري لافورم رئيسا لهذه اللجنة:
"نحن نعرف ما حدث. وما نود سماعه الآن هي القصص من الناس أنفسهم. ليس من أجل فرض عقوبة، ولكن أيضا من أجل أن نتقدم نحو المستقبل لبناء علاقة جديدة، وتفهم أفضل."
ليست المصالحة فقط من أجل السكان الأصليين للبلاد، ولكنها من أجل كل الكنديين. يقول الوزير الاتحادي لشئون الهنود الحمر، تشوك ستراهل، إنها تربية وتثقيف للمواطنين غير الأصليين، ومعرفة ماذا جرى بالضبط:
"حسنا، ما يحتاج إليه الكنديون هو نوع من التحديق في الوجه وأن يقولوا أن هذا ما حدث، وكيف نستطيع الآن العمل معا من أجل التقدم إلى الأمام."
مأساة أخرى
وافق معظم قادة السكان الأصليين بأن مفتاح مداوة الجراح هو الاعتذار الذي تتقدم به الحكومة الكندية. ولكن التلميذ السابق في المدارس الداخلية، فيل فونتانا، الذي يعتبر واحد من قادة السكان الأصليين الآن، يقول بأن هذه الخطوة الأخيرة من العملية جرت بطريقة خاطئة:
"لاستكمال هذه العملية نحتاج إلى اعتذار كامل من الحكومة الكندية. اعتذار لابد أن يعلنه رئيس الوزراء بنفسه في احتفال عام ذي دلالة وأهمية. وأن يشارك ضحايا تلك المدارس في صياغة كلمات الاعتذار. وحتى الآن، لم نشارك مع الحكومة في صياغة الاعتذار. وأخشى أن يحدث الأسوأ إذا عرضت الحكومة علينا اعتذارا وتم رفضه من طرفنا."
وفي طول البلاد وعرضها نظم السكان الأصليون (يوم عمل) مؤخرا للفت الانتباه للمأزق الذي يعانون منه. وكانت الاحتجاجات سلمية بشكل عام. ولكن العديد من القادة الأصليين يقولون بأن تراث المدارس الداخلية لا يزال موجودا: في المحميات التي تعاني من ظروف معيشية فقيرة، وفي ظروف التعليم والصحة البائسة، وفي نقص البيوت الملائمة، ومياه الشرب الصحية، وأيضا في ارتفاع معدل البطالة بين السكان الأصليين، وارتفاع معدل الانتحار والجريمة بينهم. ويقولون أن ما تم في عهد المدارس الداخلية كان يؤشر إلى أكثر الأفعال المخزية والمشينة، والعنصرية المؤذية في التاريخ الكندي. ولكنهم يضيفون بأنه قد تكون هناك مأساة أخرى إذا رفض الكنديون الاستماع إليهم الآن، أو ببساطة تجاهلوا صرختهم التي تدعو إلى المساعدة في إتمام المصالحة والإنصاف.
أي اسم سيتم استخدامه؟
السكان الأصليون "هم مجموعة عرقية تشير إلى السكان الأصليين لكندا، أكثر مما تشير إلى (الاسكيمو) وشعب الميتس (وهم خليط من الكنديين من أصول فرنسية والهنود الحمر). ويتركز السكان الأصليون في منطقة أونتاريو وكولومبيا البريطانية، ولكنهم يتواجدون في الأقاليم الأخرى أيضا. وبالرغم من أن اسم (السكان الأصليون) يشير إلى أول من استعمر الأرض المعروفة الآن باسم كندا، فالاسكيمو هم أيضا من السكان القدماء لهذه البلاد. وكان مصطلح السكان الأصليون قد استخدم للمرة الأولى عام 1980 ليحل محل مصطلح جماعة الهنود."
في الوقت الذي يوجد فيه مصطلح قانوني، يعتبر استخدام كلمة (الهنود) شاذ ومحط من القدر في كندا. والبعض يرى المصطلح عدواني بينما يفضل آخرون مصطلح مثل كلمة (بدائي). ثمة سبب آخر يعبر عن الحط من قدر السكان الأصليين عند استخدام هذا المصطلح وهو سبب عملي: وفقا للإحصاء الرسمي لعام 2006، هناك المزيد من الكنديين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم من أصول هندية شرقية، مثل الباكستانيين، وهم لا ينتمون للسكان الأصليين.
المجلس الوطني للمندوبين، هو المجلس الذي يمثل السكان الأصليين. ويجادل رئيسه، فيل فونتانا، وعدد آخر من أعضاءه بأن حق المواطنة تستند على عضوية أي شخص للسكان الأصليين، بدلا من العضوية المؤسسة على الدم، وعلى نظريات العرق، وسجلات الأسلاف. إذا كان احد ما ربع أو ثمن هندي، فإنه مع الوقت سيتم الاختلاط بالآخرين، وعندها سيكون هناك عدد قليل من السكان الأصليين. يمكن أن تستند المواطنة على عوامل أخرى، مثل الولاء لأحدى المجموعات، والمعرفة بالتاريخ والسياسة لتلك المناطق والأراضي التقليدية، كما يمكن أن تستند على الإلمام باللغة، والروابط العائلية والصداقة مع أعضاء المجموعة.
12-06-2008
تقرير: دان كاربنشوك من تورنتو/ اذاعة هولندا العالمية
[/align][/frame]
اهداءات نور الأدب
13 / 06 / 2008, 32 : 01 AM
المواضيع المتشابهه
