لن أختبئ اليوم في دفء عينيك ، وقلبي المكلوم لن يشفيه إلا قطع من الثلج ، ونزيف قلبي على باب بيتك لن تجففه أشعة من سراب .
منذ الآن سألقي بصورك الممتدة في مخيلتي إلى جمر ذلك الموقد ، سأهبها غذاءً للنيران ، ورسائلك المعبقة بأنفاسك العطرة سأهبها للريح كي تنثرها على قبور العاشقين الباحثين عن الحب في ناطحات السراب.
لن ألحق سرابك بعد اليوم ولن أستسقي منه قُبل المساء ، وعناق الريح عندي اليوم أدفء من ذراعيك الراحلتين عبر الفراغ .
لن أهرب بعد اليوم ، فأنا صخرة لا ينبت فيها الورد ، لا يستظلها عصفور ولا تناجيها أسراب الحمام .
صخرة أنا لا أخشى الريح مهما عربدت في الأفق ، ولا تدغدغني أمواج البحر المنسابة
عشقا ًبين أناملي ولا يلسع قلبي وهج عينيك
ولهيب النظرات .
إختبئ أنت في ظلامك ، وأنا هذه الشمس الأرجوانية تقف بانتظاري لتشرق في صباحاتي كما كانت قبل أن يحجبها ظلك الرمادي وطيفك الممتد لأقبية السماء .
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: لن أهرب بقلم : ميساء البشيتي
هاهي خاطرة أخرى جاءت لتروي ظمأنا .. أو ربما ، عند نهايتنا من قراءتها ستزيد منه في انتظار خاطرة أخرى في مثل هذه الروعة أو - لم لا - أروع منها .
الهروب .. موضوع الخاطرة .. هروب منفي .. بمعنى أنه لن يكون هناك هروب .. وإنما هناك عملية صد لهذا الهروب . توضع المتاريس لمنع الهروب ، وما أصعبه .. لأنه كان فيما مضى ملاذا في أحضان الحبيب وانغماسا في دفئه .. أشعر بالكلمات تتوالى زخات زخات.. لا تترك للآخر ولو متنفسا ليقول شيئا .. وهي تذكرنا بمقولة " أنطقها الحق وأخرسه " والدليل هو أن عدد المرات التي ذكرفيها الضمير "أنا " 12 مرات .. بينما ذكرالضمير "أنت".. مرة واحدة .. وكأنها تقول له : اخرس .. ليس لديك ما تقوله .. و ما عساك تقوله بعد أن صرت وكل ما كان لديك سرابا ؟
لن تكون هناك بعد اليوم دموع .. فالدموع تذرفها العين شوقا وربما عتابا .. أما الآن فقد انتهى كل شيء ..
ألاحظ هنا تضادا بين البرودة المفرطة والحرارة المتقدة .. ويظهرذلك جليا في عبارات الجليد / قطع الثلج ***جمرالقبلات / جمر ذاك الموقد / غذاء للنيران / وهج عينيك / لهيب نظراتك .
إذن كل شيء انتهى مادام كل شيء صار سرابا .. أرى عزما على عدم الاستسلام للقنوط والبكاءعلى الأطلال .. وهذا الجليد المتراكم في دربي سأحفره أنا ، بأناملي أنا ، وسأصل إلى مرفئي بأمان .
ستبقى صامدة في وجه اليأس والإحباط : أنا منذ الآن صخرة تتحطم عليها وقع الخطوات.
الحب ؟ لم يبق هناك سوى شبح حب لا يساوي شيئا .. وهو بدوره آيل للزوال :ريح عاتية أنا تبدد كل عصافير الحب ، تشتتها ، تبعثرها في الأفاق.
حتى ذاك الصمت القاتل الذي يعقب الفراق كما يعقب السكون مرور العاصفة ، لن يتأتى له الاستمرار :
لحن صاخب أنا يخرق آذان الصم ، يمزقها ، يراقص أعنف الأوتار .
ولكي لا يبقى هناك مجالا للأمل في إعادة الأمور إلى مجاريها ونسيان مافات و العودة إلى الذكريات :منذ الآن سألقي بصورك الممتدة في مخيلتي إلى جمر ذلك الموقد ، سأهبها غذاءً للنيران ، ورسائلك المعبقة بأنفاسك العطرة سأهبها للريح كي تنثرها على قبور العاشقين الباحثين عن الحب في ناطحات السراب.
وتنتهي الخاطرة بالتأكيد على أن شمس الأمل ستظل ساطعة في النفس رغم عدم الهروب إليه ، و على الأصح رغم الهروب منه .. بينما هناك تأكيد على أن الآخرهو الذي سيعيش اليأس وظلامه :
إختبئ أنت في ظلامك ، وأنا هذه الشمس الأرجوانية تقف بانتظاري لتشرق في صباحاتي كما كانت قبل أن يحجبها ظلك الرمادي وطيفك الممتد لأقبية السماء .
عشنا هروبا موظفا في معنيين : عدم الهروب إليه / وفي نفس الوقت الهروب منه ..
أختم بقولي إنني ارتويت من ماءالخاطرة الزلال .. لكنني متعطش للمزيد .. ولا أظن ميساء سوف تضن علينا بخاطرة أخرى تضاهي هاته روحة وسحرا .
لله ذرك .. وسلم يراعك
لك كل المودة
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم
رد: لن أهرب بقلم : ميساء البشيتي
الغالية ميساء
غريب أمر هذا المنتدى (الخاطرة) يحتوي السحر .. لا يمكنني الهرب منه، وكأنّ المشعر تولد على شاطئ خاطرة نور الأدب.
تقول ميساء:
[frame="1 98"]
لن ألحق سرابك بعد اليوم ولن أستسقي منه قُبل المساء ، وعناق الريح عندي اليوم أدفء من ذراعيك الراحلتين عبر الفراغ .
[/frame]
هذا يبدو إعجاز يا ميساء. كيف يكون عناق الريح أكثر دفئاً من ذراع راحلة عبر الفراغ؟ والأحرى كيف يكون غير هذا الشعور بالتحديد.
أنت رسمت مشاعر قادرة على تحطيم الصخر الجامد في بحار متلاطمة.
لقد أبدعت .. أشكرك على هذا النصّ المتميّز
دمت بكلّ خير ومحبّة
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد حسن
هاهي خاطرة أخرى جاءت لتروي ظمأنا .. أو ربما ، عند نهايتنا من قراءتها ستزيد منه في انتظار خاطرة أخرى في مثل هذه الروعة أو - لم لا - أروع منها .
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد حسن
الهروب .. موضوع الخاطرة .. هروب منفي .. بمعنى أنه لن يكون هناك هروب .. وإنما هناك عملية صد لهذا الهروب . توضع المتاريس لمنع الهروب ، وما أصعبه .. لأنه كان فيما مضى ملاذا في أحضان الحبيب وانغماسا في دفئه .. أشعر بالكلمات تتوالى زخات زخات.. لا تترك للآخر ولو متنفسا ليقول شيئا .. وهي تذكرنا بمقولة " أنطقها الحق وأخرسه " والدليل هو أن عدد المرات التي ذكرفيها الضمير "أنا " 12 مرات .. بينما ذكرالضمير "أنت".. مرة واحدة .. وكأنها تقول له : اخرس .. ليس لديك ما تقوله .. و ما عساك تقوله بعد أن صرت وكل ما كان لديك سرابا ؟
لن تكون هناك بعد اليوم دموع .. فالدموع تذرفها العين شوقا وربما عتابا .. أما الآن فقد انتهى كل شيء ..
ألاحظ هنا تضادا بين البرودة المفرطة والحرارة المتقدة .. ويظهرذلك جليا في عبارات الجليد / قطع الثلج ***جمرالقبلات / جمر ذاك الموقد / غذاء للنيران / وهج عينيك / لهيب نظراتك .
إذن كل شيء انتهى مادام كل شيء صار سرابا .. أرى عزما على عدم الاستسلام للقنوط والبكاءعلى الأطلال .. وهذا الجليد المتراكم في دربي سأحفره أنا ، بأناملي أنا ، وسأصل إلى مرفئي بأمان .
ستبقى صامدة في وجه اليأس والإحباط : أنا منذ الآن صخرة تتحطم عليها وقع الخطوات.
الحب ؟ لم يبق هناك سوى شبح حب لا يساوي شيئا .. وهو بدوره آيل للزوال :ريح عاتية أنا تبدد كل عصافير الحب ، تشتتها ، تبعثرها في الأفاق.
حتى ذاك الصمت القاتل الذي يعقب الفراق كما يعقب السكون مرور العاصفة ، لن يتأتى له الاستمرار :
لحن صاخب أنا يخرق آذان الصم ، يمزقها ، يراقص أعنف الأوتار .
ولكي لا يبقى هناك مجالا للأمل في إعادة الأمور إلى مجاريها ونسيان مافات و العودة إلى الذكريات :منذ الآن سألقي بصورك الممتدة في مخيلتي إلى جمر ذلك الموقد ، سأهبها غذاءً للنيران ، ورسائلك المعبقة بأنفاسك العطرة سأهبها للريح كي تنثرها على قبور العاشقين الباحثين عن الحب في ناطحات السراب.
وتنتهي الخاطرة بالتأكيد على أن شمس الأمل ستظل ساطعة في النفس رغم عدم الهروب إليه ، و على الأصح رغم الهروب منه .. بينما هناك تأكيد على أن الآخرهو الذي سيعيش اليأس وظلامه :
إختبئ أنت في ظلامك ، وأنا هذه الشمس الأرجوانية تقف بانتظاري لتشرق في صباحاتي كما كانت قبل أن يحجبها ظلك الرمادي وطيفك الممتد لأقبية السماء .
عشنا هروبا موظفا في معنيين : عدم الهروب إليه / وفي نفس الوقت الهروب منه ..
أختم بقولي إنني ارتويت من ماءالخاطرة الزلال .. لكنني متعطش للمزيد .. ولا أظن ميساء سوف تضن علينا بخاطرة أخرى تضاهي هاته روحة وسحرا .
لله ذرك .. وسلم يراعك
لك كل المودة
أخي استاذ رشيد
انا مستغربة اعجابك بالخاطرة او بالاحرى الطريقة التي اعجبت بها بالخاطرة
هناك خروج عن المألوف يا رشيد فكأني بك معجب بهذا الهروب وليس كعادتك
تترك دائما الباب موارب على أمل العودة مع انه دائما تكون الأمور منتهية الا
إن رشيد الايجابي يأبى الا ان يترك الباب موارب على امل العودة .
اليوم لم توارب الباب حسب ما فهمت بل انك مع هذا الهروب ومع انها صامدة
وستستقبل الشمس ، بالتأكيد انا معك في هذا التشجيع ولهذه النقطة بالذات
ولكن لم تترك الباب موارب يا رشيد لمااااااااااااااااذا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
اشكرك يا رشيد ودمت بالف خير ولك مني كل الاحترام والتقدير
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيري حمدان
الغالية ميساء
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خيري حمدان
غريب أمر هذا المنتدى (الخاطرة) يحتوي السحر .. لا يمكنني الهرب منه، وكأنّ المشعر تولد على شاطئ خاطرة نور الأدب.
تقول ميساء:
[frame="1 98"]
لن ألحق سرابك بعد اليوم ولن أستسقي منه قُبل المساء ، وعناق الريح عندي اليوم أدفء من ذراعيك الراحلتين عبر الفراغ .
[/frame]
هذا يبدو إعجاز يا ميساء. كيف يكون عناق الريح أكثر دفئاً من ذراع راحلة عبر الفراغ؟ والأحرى كيف يكون غير هذا الشعور بالتحديد.
أنت رسمت مشاعر قادرة على تحطيم الصخر الجامد في بحار متلاطمة.
لقد أبدعت .. أشكرك على هذا النصّ المتميّز
دمت بكلّ خير ومحبّة
أشعر بالأحراج منك استاذي هل هي غير واضحة أم فيها لبس أم غير منطقية ؟
أنا قصدت مقارنة الشيء المستحيل وهو معانقة الريح ومن ثم أنها وأبالغ في الأستحالة
انها أدفأ من ذراعيه وليست ذراع واحدة بتفرق استاذي لأنه و كله على بعضه راحل عبر الفراغ
من وجهة نظرها طبعا لأنها تراه هكذا ، أصلا هو سراب شفت الموضوع تعقد كتير فلذلك هي قارنت
معانقة الريح والتي هي محسوسة وليست ملموسة افضل من معانقة ذراعات السراب .
يا رب تكون وضحت على فكرة انت مش مجبر تعطيني علامة كاملة او عالية عن جد على قد النص ما بيستحق
واشكر جدا مرورك البهي وكلماتك الرقيقة بحقي وحق منتدى الخاطرة وكله من ذوقك وبعض ما عندكم استاذي
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: لن أهرب بقلم : ميساء البشيتي
روعة الخاطرة تتمثل في تعدد قراءاتها .. وحين أقول إني أعجبت بالخاطرة ، فلأن أسلوبها جاء معبرا ومميزا، بغض النظر عن تأييدنا لما يقال فيها أو لا .. أنا أرى أن الخاطرة حلقة من سلسلة تضم ( اسمح لي أن أغدربك - سأخلع ذاتي - حب تحت الصفر - أنا و الغرام - كفاك تمثيلا ).. وفي كل مرة يكون هناك عتاب وصد ،بينما تبقى هناك فسحة ضيقة من الأمل .. إما تصريحا أو تلميحا أو نستشفها نحن من الخاطرة ولو لم تكن موجودة فيها..
أنا أؤيدك في أنني ربما سهوت عن ترك باب الأمل مواربا رغم الهروب ( مع أنه ليس هناك هروب ). ربما لأنني تعاطفت مع هذا اللاهروب وأعطيته التبرير الوارد بالخاطرة .. لكنني أظل على يقين من أنه لاهروب مؤقت .. ينتظراللحظة المناسبة لتحل محله عودة لتبدأ صفحة جديدة من الوئام ..
أشكرك من الأعماق