أديب وقاص معروف ومتميز حاصل على عدد من الجوائز (انتقل إلى رحمة الله)
القفص الذهبي - أقصوصة - نزار ب. الزين
القفص الذهبي
أقصوصة
نزار ب. الزين*
في أواخر العشرينيات من عمرها ، لو دخلت مسابقة الجمال لتربعت على عرشه ، و لكن وجهها لا يخلو من الحزن ؛ كانت في بداية سكناها إلى جوارنا منعزلة في شقتها ، متقوقعة ، غامضة ؛ لم ير أحد لها زوجا ، ولم يشاهد أحد لها زائرا أو زائرة ؛ فأخذ سكان العمارة يتهامسون و قد استبد بهم الفضول و كل منهم يخمن فرضية ما عن حالتها ، إلى أن جاء يوم قرعت فيه بابنا في ساعة متأخرة من الليل : " آسفة لإزعاجكم و لكن هاتفي معطل و أحتاج لمكالمة ضرورية و مستعجلة " - حبيبي ، أكثر من أسبوعين مضى على آخر زيارة ؟ حقيقة أقلقتني ... - مشغول ؟ أعلم أنك مشغول و أعلم أنك تحمل مسؤوليات جساما ، و لكنك حتى لم تهاتفني ! - صحيح أنك لم تقصر في مأكل أو ملبس ، وصحيح أنك تهديني في كل زيارة هدية ثمينة ، و لكنني أشعر أنني في قفص - تقول قفص ذهبي ؟؟ إنه قفص على أي حال يا حبيبي ، أنت تمنعني من محادثة أحد ، و تمنعني من الخروج من باب الشقة ، إنني أعيش في سجن يا فؤاد بلا ذنب اقترفته ، حرام عليك !!! فجأة ، تخرج منها شهقة و كأنها حشرجة منازع ، ثم .. ينبثق الدمع من عينيها هتونا ، ثم ... تلتفت نحونا : " لقد أنهى المكالمة و أغلق في وجهي هاتفه " قالت ذلك و هي تجهش بالبكاء .... تنهض زوجتي إلى جوارها ، تحاول تهدئتها ، ثم.... تسألها بعد أن كفت عن البكاء : " ليس فضولا مني يا سيدتي ، و لكنني أشعر أن وراءك سر كبير و مؤلم ، نفثي عما يثقل صدرك و سيكون سرك في بير" تزفر زفرة حسبتها نارا متأججة ، ثم..... تبدأ بالبوح : هو قائد كبير في إحدى المنظمات ، لديه أربع زوجات و قبيلة من الأطفال ، لذا تزوجني عرفيا و سرا ، و نظرا لمكانته الكبيرة ، وافق أهلي بلا تردد ، ثم ...... صحبني بعيدا عنهم ليسجنني في قفصه الذهبي ---------- * نزار بهاء الدين الزين سوري مغترب عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العربArabWata الموقع :www.FreeArabi.com