[مازن شما]

[align=justify]باحث عربي يكشف حقائق خطيرة حول الهجمة الإسرائيلية على القدسأخبار فلسطين
مع الأستاذ سمير سعيد، الباحث الفلسطيني المختص والمحاضر في قضية القدس.. حاوره/أحمد أبو عقلين
كثفت الدولة العبرية خلال العامين المنصرمين وحتى يومنا هذا من عمليات تهويد القدس المحتلة بأشكال وأساليب تنوعت بين حفريات تهدف لتفريغ باطن الأرض تحت المسجد الأقصى، وهدم منازل المقدسيين بحجة عدم الترخيص، وسرقة آثار تاريخية تدلل على عربية المدينة المقدسة، وإطلاق يد المستوطنين المتطرفين للعربدة داخل أسوار البلدة القديمة، وتنظيم زيارات لسائحين وسائحات يرتدين أزياء فاضحة تثير غضب المسلمين، وتربية الأطفال على فلسفة "القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة"...

كل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من الأمة العربية والإسلامية، بكافة مستوياتها الرسمية والشعبية والأهلية، دون أن يحرك أحد منهم ساكنا، فيما تستفيد حركات الاستيطان الإسرائيلية والحكومات المتعاقبة للدولة العبرية منذ العام 1967 من "صمت القبور" في إثبات يهودية القدس، وتزوير التاريخ والحقائق لفرض واقع جديد، حتى إذا هدم المسجد الأقصى، أقيم الهيكل المزعوم على أنقاضه، وأصبحت القدس مدينة يهودية بطرد سكانها المقدسيين وضاعت أولى القبلتين وثالث الحرمين، ومسرى خاتم الأنبياء...

ومما يثير الاستغراب أن الكثير من أبناء الدول العربية والإسلامية لا يعرفون شكل المسجد الأقصى الحقيق، إذ أن إسرائيل أوهمت العالم بأن المسجد ذو القبة الصفراء الذي نراه على كافة وسائل الإعلام عند ذكر المسجد الأقصى، هو نفسه الأقصى، فيما باقي مساحة المسجد الحقيقية غائبة عن الكثيرين، حتى من أبناء فلسطين المحتلة..ولعل هذا الأمر تهدف من وراءه إسرائيل للتقليل من أهمية هدم المسجد الأقصى الحقيقي إذا انهار لا قدر الله.

التهديدات الإسرائيلية الإستراتيجية التي تحيط بالمسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس المحتلة، ودور الأنظمة العربية وعلماء الأمة، وحقائق كثيرة حول هذا الموضوع ناقشها مراسل "أخبار فلسطين" مع الأستاذ سمير سعيد، الباحث الفلسطيني المختص والمحاضر في قضية القدس المقيم في السعودية..والذي أظهر حديثه استحضار القدس والأقصى الدائم أمام ناظريه، وفي لبه وقلبه، وحجم المعلومات القيّمة التي يمتلكها ولم يبخل علينا بها..

مساحة المسجد الأقصى..
في البداية يرى أ.سعيد ضرورة إثبات مساحة المسجد الأقصى التي يجهلها الكثيرون، معتقدين أن المسجد عبارة عن أربعة جدران وقبة ومأذنة، وهو الأمر الذي تسعى إسرائيل لتسويقه من أجل تحقيق أطماعها في المدينة المقدسة والاستيلاء على الجزء الشرقي من القدس المتمثل بالبلدة القديمة وطرد السكان الأصليين تحت ذرائع مختلفة.

يقول الباحث السعودي المختص في قضية القدس إن اليهود ينظرون على كل مساحة المسجد الأقصى على أنها "هيكلهم المزعوم"، فيما وسائل الإعلام والعلماء يرددون أن مسجد قبة الصخرة هو الأقصى، أو المسجد القبلي هو المسجد الأقصى، بينما مساحة المسجد هي كامل ما يوجد داخل المستطيل أو شبه المنحرف بكل ما فيه من معالم، فالمسجد القبلي هو جزء من المسجد الأقصى، ومسجد قبة الصخرة جزء، والمصلى المرواني جزء، والساحات والقباب والأسبلة والمعابد داخل ذلك المربع تتبع للمسجد الأقصى، أي أن مسحة المسجد الأقصى هي 144 دونم تحتوي كل ما سبق ذكره..".

ويسوق أ. سعيد أدلة دامغة على حديثه قائلا: الدليل الأول أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما أسري به إلى المسجد الأقصى دخل من الجهة الغربية، ولما وصل ربط "البراق" في الحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخل وأمّ في الصلاة المعروفة 124 ألف نبي، فميا مساحة المسجد القبلي لا تتعدى 55×80 متر مربع، وهذه المساحة لا تكفي إلا لخمسة آلاف مصلّ فقط، ويدلل ذلك أن الأنبياء الـ124 ألف كانوا يقفون على كافة مساحة المسجد التي ذكرناها "144 دونم"، والتي تكفي 700 ألف مصلّ.."

ويضيف: ثم إن الذي بنا المسجد القبلي هو عمر بن الخطاب، والذي بنا مسجد قبة الصخرة هو عبد الملك بن مروان، أي بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في إشارة إلى أن إطلاق اسم المسجد الأقصى الذي باركنا حوله في سورة الإسراء تعني كامل المساحة وليس المسجد ذو القبة والمأذنة الذي بني بعد وفاة النبي محمد".

وفي دليل ثالث، يتابع الباحث أن الفاروق عمر بن الخطاب سأل "كعب الأحبار" أين أبني مصلى المسلمين، وكلمة مصلى أطلقت على جزء من المسجد الأقصى، فقال كعب :اجعله خلف الصخرة، بمعنى أن تكون الصخرة بينه وبين القبلة، فقال عمر لـ"كعب" خالطتك يهوديتك، بل أبنيه أمامنا، فإن لنا صدور المساجد، وبهذا حدد عمر بن الخطاب الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى، وهي صدر المسجد".

ويستطرد بالقول: عبد الملك بن مروان شيّد مأذنة في الجهة الشمالية الشرقية للمسجد، ومأذنة في الجهة الشمالية الغربية، ومأذنة في الوسط، ومأذنة في الجهة الجنوبية الغربية "القبلة"، أي أنه حدّد جهة الشمال والغرب بالمآذن التي تعتبر جزء من المسجد..".

وكشف أ. سعيد أن الإسرائيليين يقولون للمقدسيين خلال التحقيقات معهم: المسجد القبلي ومسجد قبة الصخرة والمرواني يمكننا تركهم لكم، لكن الساحات ليست من ضمن المسجد، أي أن إسرائيل تطمع بكامل مساحة المسجد لبناء الهيكل عليها، موضحا أن طول المسجد من الغرب 513 متر، ومن الشرق 492 متر، وعرضه من الجنوب 281 متر، ومن الشمال 321 متر، وهذه الأطوال من كل اتجاه تعد الساحات التي يطمع بها اليهود، ويدعون أنها لهم، وذلك بهدف أن تكون البلدة القديمة كلها تحت مسئولية "بلدية القدس" وليس تحت سيطرة الأردن أو الفلسطينيين، لتتحكم إسرائيل بمصير المدينة المقدسة بالكامل.

دور الأنظمة والعلماء والشعوب..
وبعد هذه الحقائق التاريخية، وإثبات المساحة الحقيقية للمسجد الأقصى التي يرى ضرورة التمسك بها والنضال من أجل عدم سرقتها وتزوير التاريخ، ينتقل أ. سمير سعيد للحديث عن حجم المساندة العربية والإسلامية لقضية القدس، ودور علماء الأمة في هذا الإطار.

يقول الباحث في هذا الصدد: هناك فرق بين المتابعة الخارجية وبين من هو متخصص في قضية القدس، وبين العلماء والباحثين وطلبة العلم، وبين من ليس له شأن للاهتمام..ويتابع مفسرا: المتابع المختص يستمع لقضية القدس باهتمام، يتحدث ويحاضر ويحرك الناس، بينما هناك قسم يشعر بأنه ليس لديه قدرة على العطاء، وهذا أدى إلى ضعف الأداء تجاه نصرة القدس، وقسم إذا سمع يتحرك ويتأثر لحظيا فقط، وهناك تحركات شبه رسمية كتحرك رابطة علماء العالم الإسلامي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، إلا أنها تظل غير كافية".

ويشير أ. سعيد إلى أن العدوان الأخير على غزة، والذي حاز تغطية إعلامية كبيرة، لفت انتباه الكثيرين إلى القدس وفلسطين، فأصبحت شغلهم الشاغل، وأبدوا اهتماما بالمعرفة والبحث والعطاء. إلا أنه أعرب عن خشيته من حدث تاريخي، قد يتمثل في هدم الأقصى أو استكمال تهويد القدس. وأضاف: لسنا بحاجة إلى 1500 شهيد في القدس لكي يتحرك العالم، مطلوب تحرك عربي حازم يوقف أطماع ومخططات إسرائيل قبل أن يفوت الأوان".

ويرى الباحث المختص في شؤون القدس أن بطء التحرك لدى العلماء يعود إلى ضعف المعلومات المتوفرة لديهم، وأنهم بحاجة للتحريك من خلال وسائل الإعلام واللقاءات والفضائيات، حيث أن الكثير من العلماء غير مهتمين بمتابعة ما يحدث للقدس وللمسجد الأقصى" منوها إلى أن القرارات السياسية الرسمية لدى الأنظمة أيضا تكبّل التحركات شبه الرسمية والشعبية، واصفا هذه القرارات بأنها "أمر خطير".

ويبيّن أ. سعيد أن العلماء يقع على عاتقهم تحريك الأمة وتحريض الشعوب لمواجهة الأعداء، إذا أنه إذا لم يقم العلماء بواجبهم الحقيقي سيكون هناك ضعف لدى الناس وقادة الدول، مذكّرا أن التاريخ أظهر بأن من حرك الأمم تجاه أعدائها كانوا العلماء.
دور الإعلام..
وفيما يتعلق باهتمام الإعلام بالقدس، أضاف أ. سعيد أن من بين وسائل الإعلام والفضائيات من يخدم قضية فلسطين، ووسائل أخرى مغرضة على النقيض تماما، وهناك إعلام وسطي ليس لديه برامج وثائقية عن فلسطين، وليس لديه وجهة لتكون القدس القضية رقم 1 لديه، يقدم المتوفر لديه، ولكن إذا وفرنا لهذه الوسائل الإعلامية المعلومات الكافية يمكن دفعها لتكون القدس القضية المركزية لديها، كونها لا تتعلق بالفلسطينيين وحدهم، بل هي قضية العالم الإسلامي بأسره.

وأردف بأن المطلوب من الفضائيات أن تقوم بواجبها نحو الدين، وأولى هذه الواجبات الاهتمام بالقدس وفلسطين، لندخل في إطار المواجهة الحقيقية مع العدو الصهيوني الذي يصرف مئات المليارات لتحسين الوجه اليهودي، بمعنى أن اليهودي مقتنع بأن وجهه قبيح وكالح، وتكرس هذا الوجه القبيح بعد الحرب على غزة".

عمليات التهويد منذ عام 67..
وفي تطرق لعمليات الحفر تحت المسجد الأقصى، ومساعي تهويد المدينة المقدسة، يقول أ.سمير سعيد إن اليهود منذ العام 1967، أي منذ احتلال القدس، لم يتوقفوا عن الحفريات تحت المسجد الأقصى بحجة البحث عن أثر لهم تحته، إلا أن التقارير الإسرائيلية منذ ذلك العام وحتى يومنا هذا أثبتت عدم وجود أي أثر لليهود تحت المسجد، فانتقل اليهود إلى مرحلة جديدة، وهي "إيجاد المعدوم" من خلال تزوير التاريخ، حيث استمروا في الحفريات بالجهات الغربية والجنوبية والشمالية، معتمدين على فتاوى الحاخامات عند حفر أو افتتاح كل نفق جديد، ليحشدوا العالم حول هذا الأمر".

ويوضح أن التقارير تثبت أنه بعدما نخر اليهود بطن المسجد الأقصى من الأسفل أصبح من السهل انهيار المسجد حال تراكمت فوقه ثلوج بنسبة 30-40 سنتمتر، أو حدثت هزة أرضية مصطنعة أو طبيعية خفيفة، أو حتى مرت من فوقه طائرة حربية تخترق حاجز الصوت. وحذر أيضا من هزات أرضية مصطنعة قد تنفذها جهات إسرائيلية لهدم الأقصى. وقال إن الأمر جد خطير ويحتاج وقفة حقيقية من الأمة الإسلامية والعربية على المستوى الرسمي وعلى مستوى العلماء والبرلمانات لوقف المشروع الصهيوني.

وعن أشكال التهويد التي تآذارها إسرائيل بحق القدس المحتلة، قال الباحث السعودي في شؤون القدس إن أشكال التهويد كثيرة جدا، وهي في تجاذب منذ قيام الدولة العبرية، أحيانا تنقص وأحيانا تزداد، فمنذ العام 67 بدأ اليهود بإصدار القوانين ضد القدس أرضا وإنسانا ومقدسات وهوية، فابتدعوا قانون أملاك الغائبين، والقدس عاصمة دولة إسرائيل، وقانون الهوية الزرقاء.

وأضاف بأن الاعتداءات على القدس والأقصى تعددت على مر السنين، فمثلا من عام 67 إلى العام 2000 تم تسجيل 114 اعتداء، ومن العام 2000 حتى العام 2004، تم تسجيل 143 اعتداء، أي أن المدة الزمنية نقصت وزادت الاعتداءات، ومن عام 2004 وحتى 2006، سجل 66 اعتداء، بينما من 2006 وحتى يومنا هذا سجلت مئات الاعتداءات. وأوضح أنه لو قصد بكلمة اعتداء أيضا ضرب المواطنين وإطلاق النار، والعربدة لتخطى الرقم فوق الآلاف.

القدس تدفع ثمن هزيمة إسرائيل بغزة ولبنان..
وكشف أ.سعيد أن القدس دفعت ثمن هزيمة قوات الاحتلال في غزة خلال الحرب الأخيرة، كما دفعت ثمن هزيمة إسرائيل عقب هزيمتها في حرب لبنان صيف 2006، حيث تابع: بعد الحرب على لبنان التي هزمت فيها إسرائيل دفعت القدس ثمن هذه الهزيمة بإزالة حي باب المغاربة، وإزالة تلة المغاربة، وبعد الحرب على غزة دفعت القدس أيضا ثمن هزيمة الإسرائيليين بهدم وإخطار عشرات المنازل في أحياء البستان والشيخ جراح والجهالين وشعفاط والعباسية، والتهديد بإزالة الأحياء الخمسة بأكملها والتي تشكل مساحتها 70 ألف متر مربع وطرد سكانها الأصليين بحجة عدم الترخيص. لافتا إلى أن كل شخص يسكن منزلا منذ قبل العام 1948 تعتبره إسرائيل يسكن بناء غير مرخص، بمعنى أن صاحب البيت القديم هو المعتدي والإسرائيلي هو صاحب الحق.

وبحسب الباحث أ.سعيد، فإن كل رئيس وزراء إسرائيلي لديه أجندة معينة باتجاه القدس المحتلة والمسجد الأقصى، بحيث أن الحكومات المتعاقبة زادت مساحة الأراضي المسلوبة في المدينة وضمتها إلى الجزء الغربي، وتوسع اليهود في الشمال والشرق والجنوب حول القدس القديمة، والهدف الموحد لدى الجميع هو ضم القدس الشرقية للقدس الغربية بحيث تصبح المدينة يهودية بحتة وعاصمة للدولة العبرية.

ولفت إلى أن إسرائيل تخطط بأن يتم في العام 2020 تهويد البلدة القديمة من خلال احتلال البيوت تدريجيا، فمثلا بعض البيوت يحتل فيها المستوطنون غرفة واحدة، وأخرى يحتلون فيها الصالون أو الحديقة، ومن ثم يتم ضم هذه الأمتار إلى بعضها البعض وصولا للسيطرة الكلية على المنطقة، وللتنغيص على السكان الفلسطينيين وحملهم على المغادرة يآذارون طقوسا شاذة ومشبوهة، كالطقوس الجنسية وشرب الخمور وغيرها.

وأضاف بأن المخطط الإسرائيلي لعام 2050 هو أن تكون القدس كاملة يهودية وضمها إلى داخل الجدار العازل وتفريغها من الوجود الفلسطيني كليا. معتبرا أن (القدس تتحمل ما يتحمله أهل غزة من اعتداءات بالصواريخ والمدافع).

أصناف اليهود..
ويقول أ. سعيد إنه بعد الحرب على غزة تضاعف عدد السياح الذين يدخلون باحات المسجد الأقصى، بحيث يدخل 3000 سائح يوميا، ومنهم سيدات يرتدين ملابس خليعة تثير حفيظة المصلين ويدخلن مسجد القبة للتصوير. بينما يقسم أصناف المستوطنين الذين يقتحمون القدس وباحات الأقصى إلى ستة أصناف هي:-
1-حاخامات: وهو يعتبر قدوة لغيره عندما يدخل الأقصى.
2-السياسيون.
3-الرجال والشباب والأطفال العاديون، حيث بدأت المؤسسة الصهيونية تصدر شهادة تقدير لكل طفل يدخل المسجد الأقصى.
4-النساء: ويدخلن ساحات المسجد الأقصى بشكل مبتذل وينتهكن حرمة المسجد.
5-رجال الشرطة، والذين بدأوا الدخول إلى المسجد الأقصى بأعداد كبيرة.
6-رجال المخابرات، الذين يعتبرون الصنف الأكثر خطورة، وتظهر لهم تحركات مريبة جدا.

وتسائل: لماذا يدخل رجال المخابرات الإسرائيلية المسجد الأقصى؟؟ ربما تكشف الأيام المقبلة السبب وتتضح الإجابة.

واختتم أ. سعيد حديثه بالقول: إن القدس في خطر شديد جدا يحتاج من كافة المسلمين التحرك العاجل والسريع قبل أن يهدم الأقصى ويظفر اليهود بالمدينة المقدسة.[/align]