المواقع العربية في العالم الافتراضي
[align=justify]
حين نتحدث عن العالم الافتراضي ( الانترنت / الشبكة العنكبوتية) ندخل دون شك فضاء واسعا ما عاد يحدّ عالميا وحتى عربيا بما يضمّ من مواقع ومنتديات ومدونات ، وهي الأنواع الثلاثة المنتشرة حتى الآن بشكل قد يطغى فيه شكل على الآخر حسب النوع والتكون والحاجة للرفد من مادة وصور وما إلى ذلك .وإذا كان الموقع يتبع لتنظيم يخضع لرقابة إدارة قد تكون جماعة أو فردا،حسب حجم الموقع واتساعه ونظامه،ولا تنشر فيه المادة إلا بعد موافقة هذه الإدارة ومن خلالها بما أنها القادرة على السماح بدخول لوحة التحكم ، وقد يشمل هذا حتى مداخلات القراء ، حيث تسمح الإدارة بالنشر الفوري أو بعد الموافقة ، فإن المنتديات متروكة للقارئ أو المبدع كلية ، وله حرية الحركة نشرا أو حذفا وإضافة حسب الصلاحيات التي تعطى له من مالك المنتديات أو صاحبها ، بينما تأتي المدونات بشكلها الفردي والمجاني لتكون الأكثر قبولا للانتشار من جهة والفوضى والتداخل والانفلات من جهة ثانية .. وسنركز في هذه الزاوية على المواقع العربية الثقافية كونها الأشهر والأكثر والأغنى تنوعا ، على أن نركز في مرات أخرى على زوايا مختلفة من العالم الافتراضي عربيا..
إنّ دخول الصحافة بكل أنواعها في مجال المواقع ، إلى جانب العدد الكبير والواسع جدا من المواقع الثقافية العربية التي تخصصت بمجال ما أو تركت الباب مفتوحا لتنوع المادة وتلونها ، فإن هذه المواقع قد فتحت المجال واسعا لجعل القراءة غير محدودة أو مقننة ، فكل موقع يفتح أبوابه للقارئ في كل مكان من العالم ..وهذا ما جعل الصحيفة المحلية التي توزع في بلد ما ، قادرة على كسر الحواجز والوصول إلى العالمية من خلال نشر المواد المنشورة ورقيا لتكون على صفحات موقع هذه الصحيفة أو تلك افتراضيا، بما يجعل عدد القراء أضعاف مضاعفة من خلال متابعة هذه الصحيفة على صفحات الشبكة العنكبوتية لمتابعي هذه الصحيفة ، والذي يضاف لهم قراء جدد باستمرار من خلال عملية البحث عن طريق محركات البحث الكثيرة .. وهذا لا يبتعد طبعا عن بعض المواقع العربية التي تخصصت وكبرت وصارت معروفة كمواقع مرجعية للقصة أو الشعر أو النقد أو الرواية أو الأعلام وما إلى ذلك .. يأتي هذا إلى جانب مواقع صارت تضمّ ثقافة غنية من خلال وجود أسماء كبيرة معروفة في الوطن العربي .. وطبيعي أن يكون كل ذلك مفيدا رافدا للثقافة العربية فاتحا الأبواب واسعة أمام انتشار المادة الجيدة بشكل قد يتجاوز كثيرا توزيع الكتاب أو الصحيفة الورقية وما إلى ذلك .. وقد فتح العالم الافتراضي ، خلال سنوات قليلة ، الباب واسعا للتعريف بأسماء كثيرة كان إبداعها محددا أو محصورا في منطقة جغرافية ما .. هنا لم يعد هناك حد للانتشار ، ولم يعد هناك من يقف في وجه هذا الانتشار ، كل هذا مفيد ورائع بالنسبة لما هو ثقافي عربي جيد ومدروس ومفيد في وجبته للقارئ العربي حتى في البلاد الأجنبية .. ولا ننسى أنّ هذا الانتشار قد ساعد على ترجمة بعض هذه الأعمال للغات أخرى.. حتى الآن نتحدث عن الوجه المشرق للعالم الافتراضي ووجود المواقع العربية فيه .. فماذا عن الوجه الآخر ؟؟..
لأنّ العالم الافتراضي ، عالم مفتوح ، وسهل وغير مكلف - كما يتخيل البعض-، فقد كثرت المواقع العربية وتكاثرت وفرخت بشكل لم يعد معقولا..وأكبر عيوب ومضار وأخطاء هذه الكثرة بل طغيان الحضور، أنه غير مدروس أو منظم أو محدد المعالم ..مما يفتح الباب واسعا أمام التكرار والتساهل والفوضى والتشابه والتطابق والسرقة والنقل وعدم حماية حقوق المؤلف ، وما إلى ذلك من مضار كان يفترض أن تدرس أو يصار إلى وضع نظام لها ..
من يدخل عالم المواقع العربية سيصاب بالذهول لتعددها وكثرتها وفوضى الكثير منها ، إلى جانب اعتماد بعضها على الإسفاف والتهاون والتساهل طلبا للانتشار .. فكل شيء مباح في بعض المواقع ما دام هناك مادة تجلب عددا اكبر من الزوار دون السؤال عن ماهية ونوع هذه المادة التي تشوه وتنسف وتهدم .. نتحدث عن الفضائيات التي نمت كالفطر وصارت مرعبة ، والحديث عن المواقع في هذا المجال يعني الحديث عن عالم يتجاوز بعدده عالم الفضائيات بآلاف المرات .. فلنتصور مثل هذا العالم الذي لا ضوابط فيه ولا شروط ولا حدود كيف يكون ومدى تأثيره .. هو ثمن باهظ علينا أن ندفعه مؤمنين بأنّ الصحيح هو الذي يبقى آخر الأمر .. لكن حتى ذلك الحين ، ستكون الخسائر في صراع دائم مع الفوائد .. وليس أمامنا إلا الانتباه ومحاولة رفد الإيجابيات قدر استطاعتنا ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|