أم أحمد سيدة لبنانية فاضلة , لا يملك كل من ينظر في عينيها ذلك البريق اللامع العجيب , إلا أن ينحني لها إجلالا و مهابة . أم أحمد تتقن أمرين لا أحد من النسوة يتقنهما سواها . زغرودة الفرح , وطبق التبولة .
يحكي أهل البلدة أنهم استفاقوا ذات ليل حالك من ليالي الحرب , على لعلعة زغرودة ملأت الدنيا , وأطبقت ما بين السماء و الأرض . كانت زغرودة متواصلة , تشق العلا , وتهتك ستار الليل المجنون . علت الزغرودة , وعلت وعلت فوق رؤوس الروابي . لم يوقفها سوى إعلان أذان الفجر على الصوامع .
مات أحمد , وآن لأم أحمد أن تزهو , وتفخر بلقب أم الشهيد . مات أحمد , دون أن يأكل من طبق التبولة الموضوع بعناية على السفرة , بانتظار عودته . وبدل أن تبكي أم أحمد , وأن تذرف دموع اللوعة , أطلقت زغرودتها المجلجلة ’ وانتظرت إشراقة الفجر الأولى , ثم شرعت تطوف على أهالي البلدة , وفي يدها طبق تبولة . كانت تلقم منه الصغار لقمة واحدة , وهي تقول ضاحكة : " هاي تبولة الشهيد , إنشا الله تكبرو وتصيرو مثلو " .
تناقلت الألسنة كيف أن كل الأطفال الذين تذوقوا من طبق تبولة أم أحمد , كبروا في الحين , وحملوا السلاح , وتوجهوا نحو ساحة المقاومة , وكيف أن أم أحمد , لم تزل كل يوم تزغرد عند الفجر , وتعد طبق تبولة تتخطفه الأيادي , لتشم فيه رائحة الجنة .
بالأمس , جمعت إسرائيل الناس ليوم مشهود . إستدعت قنوات التلفزيون , وأحضرت الصحفيين والمصورين , ثم قالت : إشهدوا أن التبولة أكلة إسرائيلية , سنقوم بتحضير أكبر طبق تبولة في العالم , وسنسمح لجيراننا بتذوق طبقنا , عربونا على المحبة والتسامح .
سمعت أم أحمد بالحدث , فعلقت ساخرة : " شو ها الحكي يا ربي ؟؟؟ يسرقو البندورة من مزارع شبعا , ويقولو التبولة إسرائيلية ؟؟؟ " .
سرقت إسرائيل التبولة .
قتلت إسرائيل أحمد .
ماتت أم أحمد .
لعلعت زغرودة في السماء .
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
رد: زغرودة وطبق تبولة
الله الله عليك أستاذ حسن
هذه القصة التى نحتها القاص بشكل فنى مازجا فيها بين الواقع والحلم ومظفا الواقعية السحرية بمهارة جاءت لتقدم فكرة حية وجميلة وهى أن اسرئيل اصبحت تسرق حتى أحلامنا وتهزمنا بفعل اعمالنا معك حق سيدى ان ام احمد خنساء العصر بقوتها وعزمها تخلق فينا الحلم والأمل من جديد زان ماتت أم احمد فستولد أم أحمد مرة أخرى
رائع أخى الكريم ولك كل محبتى وتقديرى
الأديب الغالي : عبد الحفيظ بخيت متولي
الشكر الجزيل والمتواصل لك سيدي على كلمتك المؤثرة
نعم , إسرائيل أخذت منا الماضي والحاضر وتصر على أن تأخذ المستقبل , لكن زغرودة الشهيد مازالت تلعلع في سماء ذلنا ومهانتنا , لعلها تصادف صلاح الدين في البرزخ .
لعلها توقظ ضميرا عربيا يحتضر منذ أمد بعيد . لعلها تصحي نخوة ماتت بموت الشهداء .
دمت سيدي مبدعا بكل المودة والتقدير
سيدتي الفاضلة : ميساء البشيتي
هربت مني كل التتمات , ولم أفلح في القبض على إحداها حية أو صاحية حتى .
كل النهايات مؤلمة ومضمخة بلون الحمرة القاني , فعذرا عن الغياب , وعذرا عن الإجتفاف في الحلق , وفي المداد .
أنا سعيد للغاية بتشريفك هذه الصفحة , وتوقيعك البهي .
دمت سيدتي مبدعة خلاقة بكل التقدير والإحترام .
كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)
رد: زغرودة وطبق تبولة
رائع .. رائع و بديع أخي العزيز حسن الحاجبي ..
إشتقنا إليك كثيراً .. وعدت إلينا بهدية جميلة .. قصة واقعية مؤثرة هادفة .. أحببنا فيها زغرودة أم الشهيد .. الحي في السماء ..
لقد سمعناها مجلجلة في الفجر .. من الغرب للشرق .. في كل أرجاء الوطن العربي ..
سلم فكرك .. و سلمت يداك ..
د. ناصر شافعي
التعديل الأخير تم بواسطة د. ناصر شافعي ; 27 / 07 / 2010 الساعة 58 : 02 PM.
سيدي الفاضل : الدكتور ناصر شافعي
إسرائيل سرقت الحلم, إسرائيل سرقت التاريخ والجغرافيا والحضارة .
إسرائيل سرقت البندورة وصنعت طبق تبولة مزور .
تبا لهذا العجز العربي المخزي , وفي جنان الخلد للأغيار الشهداء .
شكرا جزيلا لك سيدي على توقيعك البهي , ودمت مبدعا بكل المودة والإجلال .
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: زغرودة وطبق تبولة
الأخ الأستاذ حسن الحاجبي
قصة رائعة وهادفة أبكتني واقشعر لها البدن . نعم هذه هي خنساء هذا العصر .
وخسئت (إسرائيل ) التي تسرق كل شيء , وتنسب إليها كل مالنا , أن تستطيع
أن تقف في وجه مثل هذه الأم الشجاعة والقوية .
شكرا لك أستاذي , وبانتظار المزيد من الإبداع .
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم
رد: زغرودة وطبق تبولة
الأديب حسن الحاجبي
لا بد وأن نتناول التبولة يوما ما في الوطن وسنأكل بندورة الحاكورة ممزوجة بابتسامة الفرح والحياة الكريمة الحرة.
أشكرك على هذا البوح الوطني النبيل
دمت
مودتي