الموضوع في الإبداع
[align=justify]
لا يخرج عنها في كتابته وكأنه يلازمها وتلازمه منذ البداية حتى النهاية .. ونعرف أن نقاد الشعر العربي في القديم قد حصروا الشاعر العربي بسبعة أغراض يدور في بوتقتها دون القدرة على تجاوزها .. ومثل هذا التضييق لم يتسع مداه في الشعر الحديث عربيا فكأن الشعر يحقق مقولة الرغبة والرهبة دون الخروج عن ذلك .. وإذا حاول الخروج عن الغزل والمديح والوصف ومشابه ، تراه يغرق في الغريب مما يجعل خطاه غير ثابتة على أرض الموضوع الذي يكتب فيه .. ولا بد من سؤال كبير يقول : لماذا ؟؟..
الشعر الأجنبي يتجول بحرية ليأخذ الحياة بطولها وعرضها فكل شيء حاضر في الشعر من أصغر الأشياء حتى أكبرها .. هناك أشياء قد لا تلتفت لها على الإطلاق لكنك تجدها في الشعر .. الصورة ، المشط، الحذاء ، صنبور الماء ، الخطوات على الرصيف ، العتمة ، نور الصباح، الحياة اليومية بكل تفاصيلها الصغيرة ولا تستغرب أن تكون الذبابة موضوعا لقصيدة .. فلماذا كل هذا الانفتاح ومقابله عندنا كل هذا الانغلاق ؟؟..
نقول بفخر إن شعرنا أعظم بكثير من الشعر الأجنبي !!.. وهي وجهة نظر تنطلق منا لا من سوانا أي أنها تعريف نصدره نحن لنا لا لغيرنا .. ونقف حائرين لماذا يصل شاعر أجنبي إلى الأعالي ولا نفعل نحن الشعراء العرب ؟؟.. والوصفة الجاهزة عندنا هي التحيز الأعمى وافتراء الغرب علينا في كل شيء .. ولا نحاول لمرة واحدة أن ندرس ونقارن ونقول لماذا يحدث ما يحدث . ولماذا أدبنا ميت في أرضه أو شبه ميت ، بينما هو شديد الثراء في الآداب العالمية ؟؟..
تعالوا نأخذ أي مدرسة من مدارس الأدب التي صارت نسيا منسيا عند الآخرين ونرى كيف يتبارى أدباؤنا ونقادنا للحديث عنها وكأنها اكتشفت البارحة .. قد يتعلق هذا بالحداثة والبنيوية وما شابه .. فنقادنا مازالوا مولعين بهذه المدارس التي صارت مثل الديناصورات المنقرضة في أماكن أخرى!! .. تدور نقاشات ومعارك والكثير من الأخذ والرد دون فائدة لأن السيوف الخشبية ما عادت تجدي بعد أن تجاوزها الزمن .. وقد يقول قائل ما المطلوب إذن؟؟..
ببساطة شديدة هناك حاجة لمسايرة الغرب في حاضره لا في ماضيه .. أي أن ننتبه إلى ما ينتج الآن من إبداع ، لا أن نعود إلى البدايات التي قامت عليها النهضة الأدبية والإبداعية الغربية .. علينا أن نأخذ الجديد دون ترك القديم أو تجاوزه ، فالمهمة ثنائية تتطلب منا جهدا كبيرا هذا لا شك فيه .. لكن مثل هذا الجهد مثمر وسيعطي الكثير بعكس الجهد الذي يبقى في الخلف لا يرضى غبر التبعية ومحاولة اللحاق بما أنجز .. فمن خلال السير مع الحاضر والتأكيد على هضمه والبناء على أساسه نستطيع أن نوسع قاعدة الموضوعات والفن وكل شيء بقدرتنا الذاتية بعد أن نستفيد من قردة الآخرين وما وصلوا إليه .. ولا عيب في ذلك .. بل العيب أن نبقى في الخلف لا هثين وراء ما انتهى منه الآخرون وتجاوزوه منذ فترة طويلة .. هذه الدائرة من التمثل والانحصار فيما كان قاتلة ، بينما كل الخير في التماهي مع الحاضر ومعطياته.
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|