التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,872
عدد  مرات الظهور : 162,415,588

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > الله نور السموات والأرض > مرافئ الروح في رحاب الإيمان > شهر رمضان المبارك > شهر رمضان و المناسبات الدينية
شهر رمضان و المناسبات الدينية (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "185")

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 27 / 10 / 2010, 13 : 09 PM   رقم المشاركة : [1]
ناهد شما
مشرف - مشرفة اجتماعية


 الصورة الرمزية ناهد شما
 





ناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond reputeناهد شما has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: صفد - فلسطين

الحج عن الغير .

[frame="7 98"]
الحج عن الغير
الحمد لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه الذي جعل للناس حرماً آمناً وفرض عليهم حجّه وشرع لهم في هذا الحج مناسك وشعائر تقربهم إليه وتحقق عبوديتهم له وتذكرهم بيوم الدين وتدخلهم إن صدقوا في مصاف المفلحين والصلاة والسلام على عبده ورسوله الذي حج في عمره حجة واحدة علّمهم فيها كيف يحجون وأمرهم فيها بأخذ المناسك عنه ليكونوا من المؤمنين المتبعين وعلى آله وأصحابه سادة المبلغين المعلمين ومن سار على نهجه واتبع هداه إلى أن يرث الله الأرضيين ومن عليها أجمعين.
فالجميع يعلم أن العراق يمر بفترة عصيبة وبفتن كبيرة أذهلت العقول وجعلت الحليم حيراناً لا يعلم أين يذهب وكيف يتصرف, وكان من نتائج هذه الفتن الدماء التي سالت على أرض العراق سيولاً على أيدي المحتلين الكفرة المعتدين وأعوانهم المردة المنافقين, وهذه الحالة استوجبت على ذوي القتلى أن يبحثوا عند الشرع الحكيم عن الأحكام التي تختص بهم ومن هذه الأحكام الحج عمن لم يحج منهم وهو ما يعرف عند الفقهاء بالحج عن الغير وقد كثرت الأسئلة من الناس عن هذا الأمر المهم واستجابة منا نحن لجنة البحوث الشرعية لهذه الأسئلة قررنا كتابة بحث عن هذا الموضوع جامعين بين ثناياه كلّ ما يتعلق به من أحكام كلية وجزئية عسى الله أن ينفع به المسلمين, والله الموفق .
فان الله جل وعلا أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وجعله خاتمة الأديان والشرائع فلن يرضى من أحد غيره ولن يقبل من بشر ديناً سواه وسماه الإسلام وجعل له أركانا يقوم عليها ويحكم على من يعتنقه بالتبعية له من خلالها عن طريق اعتقاد وجوبها والقيام بها فعلاً وهذه الأركان منها ما يقوم به البدن متمثلة بالصلاة والصوم ومنها ما يكون بالمال وتتمثل بالزكاة ومنها ما تجمع بين الاثنين وتمثلت بالحج هذا الحج الذي اعتنى به الشرع الإسلامي الحنيف كثيراً وأعلى من شأنه لما له من تأثير ايجابي كثير على واقع الناس ودينهم ففيه اجتماع المسلمين من كل بقاع الأرض وما في هذا الاجتماع من إحياء لحقيقة الإخوة الإسلامية وبروزها بشكل محسوس مع إظهار المساواة واقعاً فلا ميزة لأحد على احد وهو تذكير بأصل هذا الدين وبمن سبق من الأنبياء والمرسلين وبما جرى لسيدنا إبراهيم عليه السلام مع كونه تربية حقيقية وواقعية للنفس على الخشونة والتحمل والخلق على التواضع والنفس على البذل والتضحية والضمير على الطهارة والتزكية وفوق كل هذا هو تذكير بيوم المحشر العظيم.
هذا الحج فرضه الله على المسلمين وألزمهم بالقيام به بشروط معتبرة وضوابط مقررة متى ما تحققت وجبت عليهم المبادرة إلى فعله وبما أن العبد المكلف بهذه العبادة العظيمة القدر الجليلة النفع المتعدية الخير وطيب الأثر قد يعجز عن إمكان أدائها ويتعذر عليه القيام بها لمرض مستعصي مقعد أو كبر ملزم للفراش أو لموت من لزمه الحج فإن الشارع لم يقطع سبيل الخير لمن كان هكذا حاله بل أوجد له بحكمته البالغة سبيل الاستدراك عن طريق قيام الغير المستطيع القادر الحج عنه وأداء هذه العبادة العظيمة .
ونحن بحول الله وقوته في هذا البحث سنسلط الضوء باختصار وضبط لإحكام هذا النوع من الحج موضحين شرائطه ومعدداً أقسامه ومبينين أقوال العلماء وخلافهم في مسائله مرجحين ما نميل إليه موضحين سبب الترجيح .
هذا وقد سرنا في هذا البحث بطريقة وخطة سرنا في البحث على خطاها اشتملت على المحاور الآتية:
بدأنا البحث بالتعريف بالحج عن طريق بيان مفهومه اللغوي والشرعي وأوضحنا حكمه الشرعي وأدلة هذا الحكم وبينا شروط وجوب الحج على المكلف منطلقين من تأصيلها وتقريرها إلى مباحث الحج عن الغير.
شرعنا في بيان الحج عن الغير فذكرنا أقسامه التي يتشكل منها وشروطه التي اعتبرها الشارع والتي لا يصح إلا بتوافرها مقسمين الشروط على مقتضى تقسيم أقسام الحج عن الغير.
تناولنا جملة من أحكام الحج عن الغير وجمعناها في مسائل مختصرة وتعرضنا للخلاف بسرعة واختصار مع الترجيح إن أمكن .
ثم كتبنا النتائج المستخلصة من البحث وأنهيناه بخاتمة بسيطة .
وختاماً نسأل الله العلي القدير أن يبصرنا وجميع المسلمين بأمور ديننا وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يهدينا لما يحب ويرضى وأن يجعل عملنا كله صالحاً وأن يجعله له خالصاً وأن لا يجعل لأحد منه شيئاً .

مفهوم الحج
الحج لغة ...
الحج لغة: هو مطلق القصد يقال لمن قصد شيئاً حج له أو هو القصد لمعظم وقال الخليل هو كثرة القصد إلى من يعظم[1].
الحج اصطلاحاً ...

الحج شرعاً: هو قصد الكعبة بصفة مخصوصة في زمن مخصوص بشروط مخصوصة[2].
ففي الشرع الحج قصد مخصوص يحدد بالتوجه إلى بيت الله الحرام في مكة ولكنه قصد مربوط بزمان محدد ومعين إذ هو محصور بشهر شوال وذي القعدة وعشر من ذي الحجة أو شهر ذي الحجة كله[3]
وهي المقصودة بقوله تعالى: ]الحج أشهر معلومات[[4].
وللحج صفة خاصة وأحكام خاصة وشرائط معتبرة وضعها الشارع كونت ماهيته الشرعية وحققت خصوصيته من بين العبادات كما سيتبين إن شاء الله .

حكم الحج
الحج فرض باتفاق المسلمين وركن من أركان الإسلام التي يقوم عليها لم يخالف أحد في ذلك بدليل الكتاب والسنة والإجماع[5] ولا يجب بأصل الشرع إلا مرة واحدة في العمر وقد يجب زيادة عليها لعارض النذر والقضاء لفاسد[6] .
أما الكتاب فقوله تعالى:]ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاًً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين[[7].
وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما(بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إلا الله وأن محمداًًًً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً)[8].
أما الإجماع فقد اتفقت كلمة علماء المسلمين جميعاً منذ زمن الصحابة وإلى يومنا هذا على فرضيته من غير أن يشذ أحد منهم عن هذا القول[9].
ولذلك حكموا بكفر جاحده لأنه إنكار لما علم من الدين بالضرورة وللثابت بالكتاب والسنة والإجماع القطعي[10].

شروط الحج

الشرط لغة العلامة[11] واصطلاحاً ما تتوقف صحة المشروط عليه وهو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته[12] .
وشروط الحج التي يجب مع توافرها الحج على المكلف خمسة وهي :
الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة وهي ملك الزاد والراحلة [13], وهذه الشروط متفق عليها بين العلماء[14],وزاد بعضهم شرطاً سادساً وهو أمن الطريق[15] ويزيد في حق المرأة شرطاً سادساً وهو وجود المحرم[16], وهو زوجها أو من يحرم عليها على التأبيد بنسب أو سبب مباح[17] أو تكون مع رفقة من النساء مأمونة[18] ويصح حج المرأة بلا محرم مع إثمها[19].
ووجوب الحج عند تحقق هذه الشروط قد يكون على الفور كما عند البعض وقد يكون على التراخي كما عند آخرين .
لكن المتفق عليه أن الحج يجب ويستقر في ذمة المكلف عند تحقق هذه الشروط بحيث إنه متى ما مات أو عجز تماماً عن إمكان القيام بالحج بنفسه وجب عليه إن كان حياً أن يوكل من يقوم مقامه في أداء الحج أو على ورثته إن مات قبل أن يستنيب أن يخرجوا من تركته ما يؤدى به الحج عنه وهذا النوع من الحج يعرف بالحج عن الغير[20] .
وسنسلط الضوء على هذا النوع من الحج مبينين أحكامه الشرعية موضحين الحدود والضوابط التي وضعها الشارع له وكذا الأوجه التي يكون عليها والأقسام التي يتشكل منها مع تناول أقوال العلماء و الأدلة التي اعتمدوا عليها في هذا الشأن .

الحج عن الغير
أقسامه وشروطه

بعد أن أوضحنا الحج وشروطه وأن وجوبه يثبت في ذمة المكلف بعد تحقق هذه الشروط كاملة في حقه وأن هذا الوجوب قد يكون على الفور على ما ذهب إليه البعض بحيث يلزم المكلف أداء الحج مباشرة ويأثم بتأخيره أو على التراخي كما هو مذهب البعض الآخر بحيث لا يلزم الأداء الفوري ولا يأثم المتخلف عن الأداء إذا مات إلا مع عصيانه وذهب البعض إلى تأثيمه[21].
ننتقل بمعيتكم إلى أمر آخر ألا وهو بيان نوع عبادة الحج وتحت أي بند تدخل فالمعلوم أن العبادات التي يقوم بها المكلف تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية[22]:
1
بدنية محضة كالصلاة والصوم .
2ـ مالية محضة كالزكاة .
3ـ مشتركة بمعنى أنها مالية بدنية كالحج .

فالحج عبادة يتقرب العبد بها إلى الله بالمال المتمثل بنفقة الحج والبدن المتمثل بالأعمال التي يقوم بها الحاجّ
من طواف ووقوف بعرفة وسعي بين الصفا والمروة إلى آخر أعمال الحج .
وإن فائدة هذا التقسيم للعبادات تتجلى بوضوح في قضية النيابة عن فعل العبادة بمعنى
أن النيابة في الفعل يتبع الحكم لها بالجواز العبادة نفسها وكذا ما يميز هذه العبادة .
فإذا كانت العبادة بدنية فالواجب أن يقوم بها المكلف نفسه لأن وجوب فعلها تعلق ببدنه على وجه الخصوص
وبالتالي فلا يجوز النيابة مطلقاً فيها ولا يفعلها أحد عن غيره على الصحيح إلا ما كان نذراً في الصوم ومات الإنسان دون فعله صامه عنه وليه فهذا دين تعلق بالذمة لله جل وعلا وجب قضاؤه عن الميت ولا يدخل في ما نحن بصدده من العبادة المكلف بها المسلم[23].
أما إذا كانت العبادة مالية فإن النيابة فيها تجوز وفعلها من قبل الغير لا إشكال فيه لأن المقصود من العبادة هو المال وبدن المكلف لا علاقة له بالأمر[24] .
ولم تبق إلا العبادة المشتركة الجامعة بين البدن والمال فهذه العبادة لها خصوصية وهي أن المقصود الأصلي فيها عبادة البدن والمال وسيلة فعالة ورئيسية لتحقيقها ومن هذه الجهة كان الأصل في هذه العبادة أن يقوم بها المكلف نفسه ولكن بما أن المال له تأثير في قيامها لذا فإذا ما تعذر للبدن القيام بالمطلوب منه بقي المال وعندها تدخل النيابة ويجوز للغير فعل العبادة عن المكلف الأصلي[25].

ومن هذه التقسيم والبيان تتضح لنا صورة عبادة الحج والتقسيم النوعي لها فهذه العبادة تنقسم أصالة إلى قسمين :

1ـ أن يقوم المكلف المطلوب منه الحج نفسه بأداء هذه العبادة وذلك إذا ما كانت الظروف طبيعية و الأمور مستقرة والأحوال مرتبة وبدنه سليم .
2ـ أن ينوب شخص عن المكلف في أداء هذه العبادة وذلك لوجود مانع يقف حائلاً دون قيام المكلف الأصلي بأداء العبادة وهذا القسم يسمى بالحج عن الغير

ونظراً لهذا المانع وتعدد صوره يمكن فرش أنواع أو أقسام الحج عن الغير والتي يمكن عرضها بالشكل الآتي :
أـ أن يكون الأداء عن الغير جزئياً بمعنى أن يتولى النائب أو الموكل القيام بعض أفعال الحج عن المكلف الأصلي
كرمي الجمرات عنه أو أي فعل يتعذر عليه القيام به كفعل الصبي[26].
ب ـ أن يكون الأداء عن الغير كلياً بمعنى أن يقوم النائب أو الموكل بأداء العبادة كاملة عن المكلف الأصلي
من أولها إلى آخرها وهذا النوع من الحج عن الغير يكون على صورتين [27]:

الأولى : أن يكون الحج عن شخص لازال على قيد الحياة ويسمى (المعضوب) .
الثانية : أن يكون الحج عن شخص قد فارق الحياة (الميت).

فهذه هي الأقسام التي يضمها نوع الحج عن الغير والتي تشكل هيكليته العامة وإطاره المطلق بعد أن حددناه
وأوضحنا نقاطه العامة ننتقل إلى موضوع آخر ألا وهو شروط النيابة أو الأحوال الخاصة التي تجوز معها
ويصح فعل الحج عن الغير إذا ما تحققت وثبتت وهذه الشروط سنجد أنها تتنوع وذلك بتنوع متعلقاتها
من جهة وتنوع حال من يناب عنه في أداء هذه العبادة .

شروط الحج عن الغير
الشروط جمع شرط والشرط لغة العلامة[28] قال تعالى:]فقد جاء أشراطها[[29]، أي أماراتها وعلاماتها[30] .
واصطلاحاً هو ما يتوقف صحة المشروط عليه فلا يصح الفعل بدونه[31].
أو هو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته[32].
والشروط هنا يراد منها على التحديد الضوابط التي يتوقف عليها صحة الحج عن الغير
بحيث إذا انعدمت وانتفت لزم منها لذاتها انتفاء صحة الفعل وثبوت بطلانه .
وسنتدرج في إيراد هذه الشروط بحسب أقسام الحج عن الغير التي أوردناها قبل قليل.
فأما ما يخص القيام عن الغير ببعض أفعال الحج فهذا النوع يشترط له عجز المكلف عن القيام بالفعل
لكبر أو صغر أو مرض مع كون النائب أو الموكل مؤهلاَ شرعاً للقيام به .
فمتى ما تحقق هذا الشرط وثبت جاز للغير أداء ما يتعذر على العاجز القيام به فالصبي إذا كان غير مميز
أحرم عنه وليه وان كان مميزاً أحرم بنفسه بعد إذن وليه لأنه صاحب المال الذي يحج به الصبي والمتحمل للنفقة [33] .
وكذا يقوم عنه بكل فعل يتعذر عليه القيام به من رمي ويحمله في الطواف والسعي ويكلف بتجنيبه محظورات الإحرام
فيلبسه لباس الإحرام ويمنعه من اقتراف ما يضاد الإحرام كقص الأظافر والشعر ومس الطيب وقتل الصيد وغيرها
ويتحمل عنه الكفارات وضمان المتلفات وهذا الأمر يثبت كذلك للكبير العاجز والمريض إذا تعذر عليه الرمي جاز
أن يوكل غيره به وجاز أن يحمل ليطاف به وكل ذلك لا مانع منه شرعاً بل هو مشروع وجائز[34].
ودليل ذلك قوله تعالى:]فاتقوا الله ما استطعتم[[35] .

والحاج يفعل ما أمكنه بحسب الاستطاعة وما عجز عنه أوكل به غيره ممن يستطيع القيام به .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)[36] والحاج مأمور بالقيام
بأفعال مخصوصة في الحج وهو يأتي بما يستطيع منها وما عجز عنه أوكل به غيره .
ومما ورد في السنة بخصوص النيابة الجزئية بالقيام ببعض الأفعال في الحج ما روى جابر رضي الله عنه
قال حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فأحرمنا عن الصبيان[37] .
وأيضا روى جابر رضي الله عنه قاللبينا عن الصبيان ورمينا عنهم[38] .
وروي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الرمي وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه طاف بابن الزبير في خرقة [39].
هذا ما يخص النوع الأول من النيابة وهي النيابة الجزئية عن بعض أفعال الحج التي يعجز عن أدائها الحاج.
أما النوع الثاني وهو النيابة الكلية أو الحج الكامل عن الغير بجميع تفاصيله فهو كما اشرنا على صورتين نيابة
حال الحياة ونيابة حال الممات وشروطهما مشتركة وخاصة :

الشروط المشتركة
1ـ ويشترك كل من الصورتين بان النائب في الحج الموكل به عن الغير يشترط في حقه أن يكون قد حج عن نفسه
فلا يصح أن يحج المكلف عن غيره وهو بعد لم يحج حجة الإسلام وهذا الشرط ذهب إليه كل من الشافعية والحنابلة[40]
ودليلهم فيه حديث شبرمة المشهور فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شبرمة قال قريب لي قال حججت قط قال لا قال فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة [41].
أما المالكية والأحناف فلم يعتدوا بهذا الشرط وأجازوا لمن لم يكن قادراً على الحج بنفسه الحج عن غيره معللين قولهم
بأن الحج مما تدخله النيابة عموماً بشروطه فسقط التحديد لوصف النائب وان كان يستحب له أن يحج عن نفسه
أولا ثم بعد ذلك يحج عن غيره[42] .
والذي نرجحه ونميل إليه هو الاشتراط للحديث الوارد في الباب أولا ولان النيابة في الحج قيام بأفعال البدن
عن الذي لم يحج وهذا يحتاج إلى بدن مستوفي آخذ نصيبه من الحج ليصح قيامه عن غيره
أما البدن الذي لم يأخذ نصيبه فيبقى محتاجاً إليه متى ما ظفر به توجه إليه للنيل منه والاستيفاء والله أعلم بالصواب .
2ـ ينبغي لمن يريد أن ينيب في الحج أن يتحرى في من يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة,
حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب فإن الله يحب حسن العبادة والرسول كان يسأل الله أن يعينه على حسن العبادة
ومن ها هنا لزم التحري عن حال من ينوب في الحج ولا ينبغي إنابة من لا دين له باقترافه الكبائر
وتركه الواجبات فهذا لا يؤمن جانبه ولا يطمأن إليه لاحتمال إفساده للحج وعدم إفساد الحج شرط[43]
وهنا الشرط لا نعني به ما ترتب على عدمه العدم ولكنه أمر لازم لتعلقه بالعبادة وصحتها وتمامها.

الشروط الخاصة ونقصد بها هنا الشروط التي بتحققها يلزم المكلف إنابة غيره بالحج عنه.
أـ الشروط الخاصة بالنيابة عن الحي فإضافة إلى ما ذكرنا في الشروط المشتركة هناك شروط خاصة بهذه الحالة وهي :
1ـ العجز عن أداء الحج عجزاً تاماً إما لكبر بحيث لا يتمكن من الركوب على الراحلة أو مرض لا يرجى برؤه[44]
وبالتالي فإن كان المرض يرجى الشفاء منه أو كان العاجز عجزه وقتياً كالمحبوس أو السجين السياسي فإنه لا يجوز
له أن يوكل غيره ليستنيب عنه في أداء فريضة الحج [45].
2ـ هذا المعذور يشترط للزوم إنابته غيره للحج عنه أن تتحقق به شروط وجوب الحج بأن يجد مالاً يكفي لحجه
فإن وجده لزمه أن ينيب من يحج عنه وهذا مذهب الأحناف والشافعية والحنابلة
أما المالكية فقالوا لا يلزمه لأنه غير مستطيع بنفسه[46].
وقد استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من شروط للمعذور الحي في استنابته غيره للحج عنه
بما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج
أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال نعم وذلك في حجة الوداع [47].
أما إذا لم يجد مالاً يستنيب به فلا حج عليه بلا خلاف بين العلماء لأن الصحيح لو لم يجد
ما يحج به لم يجب عليه فالمريض أولى [48].
ب ـ الشروط الخاصة بالنيابة عن الميت فإضافة إلى ما ذكرنا من شروط مشتركة فهناك شروط خاصة وهي :
1ـ أن يكون الحج قد وجب عليه في حياته وتحققت شروطه فإذا مات ولم يحج لزم ورثته أن يخرجوا من تركته
مالاً للحج عنه سواءً فاته الحج بتفريط أو بغيره وهذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة [49].
أما الأحناف والمالكية فقالوا لا يلزم لأن العبادة تسقط بالموت إلا إن وصى بها فتخرج عندها من الثلث [50].
وقد استدل الملزمون بما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أبيها
مات ولم يحج قال حجي عن أبيك [51].
وبما روى أيضا أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال
أرأيت لو كان على أختك دين أما كنت قاضيه قال نعم قال فاقضوا دين الله فهو أحق بالوفاء[52].
2ـ يشترط في الحج عن الميت أن يستناب عنه من البلد الذي وجب عليه الحج فيه إما بلده أو الموضع
الذي أحصر فيه وذلك لأن هذا الحج أشبه القضاء والقضاء كما هو معلوم إنما يكون على مقتضى الأداء
وهذا مذهب الحنابلة وقال الإمام مالك يشترط في حج النذر فقط أما الإمام الشافعي فقال يستأجر
من يحج عنه من الميقات لأن الإحرام لا يجب من دونه [53].
ومن مجموع ما تقدم يمكن أن نحصر أقسام الحج عن الغير مع شرط كل قسم بما يأتي :
القسم الأول: الحج عن المستطيع فإن كانت حجة الإسلام فقد أجمع أهل العلم علىأن الذي عليه حجة الإسلام
وهو قادر على أن يحج لا يجزئ أن يحج عنه غيره .
أماإن كان الحج تطوعاً فالجمهور على أنه لا يجوز أن يحج عنه غيره إن كان مستطيعاً وذهب الحنفية والحنابلة
في رواية أنه يجوز ذلك والراجح القول بالمنع[54] .
القسم الثاني: الحج عن الحي العاجز عن أداء الحج لكبره أو مرضه الذي لا يرجى برؤه فذهب
جمهور العلماءإلى أن من استطاع الحج، ثم عجز عنه لمرض أو شيخوخة فإنه يلزمه أن يستنيب من يحجعنه.
وذهب المالكية بأنه لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الإسلام. والراجح كما ذكرناقول الجمهور.
القسم الثالث: الحج عن المريض الذي يرجى زوال مرضه أو المعذور وقتيا فهذا الصحيحأنه لا يشرع أن ينيب
عنه من يحج عنه حجة الإسلام فإن فعل لم تجزئه ويدخل فيه السياسي الممنوع من السفر للحج .
القسم الرابع: من مات ولم يحج فإن كان في حياته مستطيعاً ببدنه وماله ولم يحجفالصحيح من أقوال أهل العلم
أنه يلزم ورثته أن يخرجوا من ماله من يحج عنه، سواءفاته الحج بتفريط أو بغير تفريط، أوصى بذلك أو لم يوصِ .
أما إذا كان الميت فقيراً ولم يستطع الحج فيشرع لورثته أن يحجوا عنه ولا يلزمهم والحالة هذه الحج عنه، والله اعلم بالصواب .

أحكام الحج عن الغير

بعد أن أوضحنا أقسام الحج عن الغير وشروطه مشيرين إلى تأثير الشروط في كل قسم من الأقسام
وخلاف العلماء في هذا الأمر والذي رجحناه من أقوالهم ننتقل إلى بيان أمر مهم جداً ألا وهو أحكام الحج
عن الغير الشرعية وما الذي يلزم كلاً من النائب في الحج والمنوب عنه من أحكام
وسيكون تناولنا لهذه الأحكام على شكل مسائل .

المسألة الأولى: من حج عن غيره ولم يحج عن نفسه .
سبق أن بينا أن الراجح عندنا من أقوال أهل العلم اشتراط أن يحج المكلف عن نفسه ليصح حجه عن غيره وقلنا
إن هذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة أما الأحناف والمالكية فذهبوا إلى عدم الاشتراط وقالوا بالصحة والحكم
المترتب على حج من لم يحج عن نفسه عن الغير بطلان حجه عند القائلين بالاشتراط عمن حج عنه
ولا ينعقد له ثم إنه بعد ذلك يبطل إحرامه نفسه بالحج عن الغير ويقع عن فرض نفسه
وهذا مذهب الحنابلة والشافعية أما الأحناف والمالكية فقالوا حجه عن الغير صحيح حتى لو لم يحج عن نفسه
مع إثمه بتقديم الحج عن غيره على حج نفسه ودليل الفريقين حديث شبرمة السابق الذكر والذي نرجحه
قول الشافعية والحنابلة لأن الإحرام قد انعقد ووجب والمحل المسند إليه غير صالح فيتوجه عندها إلى محل صالح
ولا يوجد إلا المكلف الحاج نفسه فينصرف إليه حينها لزوماً لانفراده بالصلاحية للقبول والله أعلم بالصواب[55].

المسألة الثانية: ما يلزم الحاج عن غيره ولم يحج عن نفسه أو المخالف في شرط النيابة.
بناءً على القول الذي رجحناه فإن هذا الشخص يلزمه إعادة النفقة التي أخذها للحج عن الغير لأن الحج
لم يقع كما شرط الشارع والنفقة كانت له لا لغيره فوجب إرجاعها للغير وكذا كل مخالف
في شرط النيابة وجب عليه إرجاع النفقة للغير[56].

المسألة الثالثة: حج المرأة عن الرجل والرجل عن المرأة .
يجوز أن يحج الرجل عن المرأة ، كما يجوز أن يحج عن الرجل ، ويجوز أن تحج المرأة عن المرأة وأن تحج عن الرجل .
وعلى ذلك عامة أهل العلم لم يخالف منهم إلا بعض فقهاء الأحناف فإنهم كرهوا حج المرأة عن الرجل
لأن حجها أنقص فهي لا ترمل ولا ترفع صوتاً بتلبية [57]، وقال العلماء عنه هذه غفلة عن ظاهر السنة
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة أن تحج عن أبيها وقد تقدم بنا هذا الحديث[58]
.
المسألة الرابعة: حج الصبي عن الغير.
إن حج الصبي مميزاً كان أو غير مميز لا يجزئ عن الغير وذلك لأن حجه عن نفسه لا يجزئ كما تقدم
في شروط الحج لذلك ينبغي أن يبلغ ويحج عن نفسه ثم بعد ذلك يحج عن غيره وقد خالف البعض في المراهق
وهو من قارب البلوغ فقالوا يجوز[59].

المسألة الخامسة: حكم الذي يحج عن الغير بدون إذنه .
الغير إما أن يكون حياً وإما أن يكون ميتاً فإذا كان حياً فلا يجوز الحج عنه إلا بإذنه فرضاً كان الحج أم تطوعاً
وذلك لأن الحج عبادة تصلح فيها النيابة فلا تجوز عن البالغ العاقل الحي إلا بإذنه .
أما إذا كان ميتاً فيجوز الحج عنه بغير إذن في الفرض آو في التطوع كما يجوز أن يحج عنه الولي وغيره
من الأجانب في أرجح أقوال أهل العلم [60].

المسألة السادسة: حكم من استطاع الحج ومات ولم يحج .
تقدم بنا في الشروط الكلام عن هذه المسألة وقلنا إنه يجب على الورثة أن يخرجوا من تركة الميت
ما يحج به عنه وهذا مذهب الشافعية والحنابلة أما الأحناف والمالكية فلم يوجبوا هذا الأمر
إلا إذا أوصى فتخرج نفقة الحج من الثلث [61].

المسألة السابعة: ما المطلوب من الابن مع والدين لم يحجا .
ذكر أهل العلم أنه يستحب للولد أن يكون هو الذي يحج عن أبويه إذا كانا ميتين أو عاجزين تماماً عن الحج
في حياتهما أما بمن يبدأ فقالوا يبدأ بمن كان الحج واجبا عليه فإن كان واجبا عليهما أو كان الحج نفلا
عنهما بدأ بالأم لأن برها مقدم على بر الأب كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك)[62] وإن حج غير الولد من الأقارب أو غيرهم جاز على الصحيح لحديث شبرمة السالف الذكر[63] .

المسألة الثامنة: الحج عن شخصين في حج واحد.
لا يجوز أن يحج عن شخصين في حجة واحدة وذلك لأن الحج لا يجزئ إلا عن شخص واحد
فإن فعل فعليه الضمان أما إذا حج عن شخص واعتمر عن آخر فيجوز ذلك لأن كل واحد مهما نسك مستقل[64] .
المسألة التاسعة: من يحج عن الغير ما له وما عليه .
الذي ينوب عن الغير في الحج له نفقة الحج كاملاً بحسب العرف المعمول به فتدفع له تكلفة الحج
كما لو أن المكلف يحج عن نفسه فيأخذ مصاريف النقل والطعام والشراب وأي مصروف آخر
دفع عن الحج نفسه الذي يقوم به عن الغير[65].
وعليه أن لا يقصد من حجه عن الغير تحصيل المنافع المادية والمكاسب الدنيوية فإن
هذا مما يحرم عليه قال تعالى:]من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها
وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون[[66] .
بل المطلوب منه المشاركة في الخير ونفع المسلم العاجز عن الحج وابتغاء الأجر والثواب واستحضار نية إسقاط الفرض
عمن ينوب عنه بأحسن وجه وأفضل طريقة قال العلماء من حج ليأخذ فليس له في الآخرة من خلاق
وأما إذا أخذ ليحج أو ليستعين به على الحج فإن ذلك لا بأس به ولا حرج عليه.
وهنا يجب على الإنسان أن يحذر من أن يأخذ الدراهم للغرض الأول فإنه يخشى ألا يُقبَل منه وألا يُجزِئ الحج عمن أخذه
عنه وحينئذ يلزمه أن يعيد النفقة والدراهم إلى صاحبها إذا قلنا بأن الحج لم يصح ولم يقع عن المستنيب[67].
ولكن يأخذ الإنسان الدراهم والنفقة ليحج بها عن غيره ليستعين بها على الحج ويجعل نيته في ذلك
أن يقضي غرض صاحبها وأن يتقرب إلى الله تعالى بما يتعبد به في المشاعر وعند بيت الله.

المسألة العاشرة: الاتفاق على الأجرة وتحديدها .
قال الرسول صلى الله عليه وسلمالمسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حلالاً أو حرم حراماً)[68],
والنائب أمين فإذا ما اتفق النائب عن الغير في الحج على مال محدد وجب الالتزام من قبل النائب
فإن زاد فله وان نقص فعليه وان اتفقوا على رد الزائد وإكمال الناقص رد ما زاد وأخذ ما نقص[69].

المسألة الحادية عشرة: هل يأخذ أجرة وهل له أجر ؟
قال أهل العلم بأن الذي يحج عن الغير يجوز له أن يأخذ الأجرة على خلاف في تسميتها أجرة أو مقابل
ووجه قولهم لأنه يؤدي عملاً للغير يستحق به الأجرة لكن عليه أن يبتغي وجه الله بعمله هذا لأنه إذا
أخلص في عمله كتب له الأجر كاملاً كما لو حج لنفسه[70] .

المسألة الثانية عشرة: الغلط في ذكر اسم من يحج عنه .

ومن وُكِّل في الحج عن شخص فغلط فنواها عن شخص آخر ظنا منه أنه هو المقصود فإن الحج يكون لمن قصده المُوكِّل,
والعبرة بنية المنيب لا النائب ولا تأثير لغلط النائب في الاسم فالحج عن الغير يكفي فيه النية عنه
ولا يلزم فيه تسمية المحجوج عنه وإن تلفظ باسمه عند بدء الإحرام أو أثناء التلبية فحسن [71].

المسألة الثالثة عشرة: الإنابة في عرفات .
من وَكَّل غيرَه ليقوم بالحج عن أحد يوم عرفة من عرفة أو غيرها فحجه صحيح مجزئ إذا أدى المناسك على وجه صحيح لأن
(الحج عرفة)[72] كما قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم[73].

المسألة الرابعة عشرة: من مات وعليه حج للغير.
إن هذه الحجة أو أكثر تعلقت بذمة المكلف كدين يجب قضاؤه لذا وجب على الورثة أن يؤدوا تلك الحجة من تركته
لمن أراد صاحبهم الحج عنه , فإن كان الورثة لا يعرفون عينه أجزأهم أن ينووا عند الإحرام أداءها عمن تعهد والدهم
بها لهم دون تعيين أو ذكر أسماء , لأن العبد لا يكلف إلا وسعه , ولا يجزئ في ذلك سوى أداء هذه الحجج ,
لا ذبائح ولا غيرها من المال , وإذا لم يقوموا بها مع الاستطاعة أثموا جميعا هم ووالدهم [74].

المسألة الخامسة عشرة: التبرع بالحج عن الغير.
إذا تبرع أحدهم بالحج عن الغير جاز ذلك وأجر على فعله هذا سواءً كان من أقاربه أو لا
وهذا يعد في الشرع من أعمال البر والمعروف ويدخل في باب الصدقات والإنفاق في سبيل الله[75].

المسألة السادسة عشرة: إذا برئ المريض العاجز وقد حج الغير عنه .
إذا أقام المريض العاجز من يحج عنه فإنه يجزئ عنه ذلك وإن عوفي لأنه أتى بالمأمور به فيخرج عن العهدة
كما لو لم يبرأ إذ الشارع إنما يكلف العبد بما ظنه وباجتهاده لا بما لا اطلاع له عليه من أمور الغيب
والمعلوم أن الذي عوفي من مرضه له حالات ولكل واحدة حكمها :

إحداها : شفي بعد فراغ النائب فيجزئه بلا ريب لأنه فعل العبادة كما أمر الشارع .
الحالة الثانية : شفي قبل إحرام النائب فلا يجزئه بلا ريب للقدرة على المبدل قبل الشروع في البدل أشبه المتيمم إذا وجد الماء قبل الدخول في الصلاة .
الحالة الثالثة : شفي بعد شروع النائب وقبل الفراغ فللعلماء فيها وجهان أن لا يجزئه كالمتيمم إذا وجد الماء في الصلاة وعلى هذا عليه الحج بنفسه

والثاني يجزئه كالمتمتع إذا شرع في الصوم ثم قدر على الهدي[76] ,والذي أميل إليه عدم الاجتزاء لأن الأكثرين عليه
ولأن الشرط المبيح أزيل فلم يبق للحكم أثر ولأن الدليل ينهض له من جهة القياس على المتيمم والله أعلم بالصواب.

النتائج:
بعد هذه السياحة السريعة والمختصرة في أحكام الحج عن الغير في الشريعة الإسلامية الغراء
يمكن أن نلخص ما توصلنا إليه من نتائج بالنقاط الآتية :

الحج لغة هو مطلق القصد وشرعاً هو قصد بيت الله في مكة لأداء شعائر مخصوصة في وقت مخصوص بشروط مخصوصة.
2ـ إن الحج فرض على المسلمين المكلفين وهو ركن من أركان الدين التي يقوم عليها ويثبت بها .
3ـ إن للحج شروطاً إذا تحققت في المكلف وجب ولزم أداؤه إما فوراً أو تعجيلاً مرغباً فيه وهي الإسلام والبلوغ والعقل والحرية والاستطاعة وللمرأة يزيد المحرم أو الرفقة المأمونة .
4ـ إن شروط الحج إذا ما تحققت كاملة في المكلف ثم عجز عن أداء الحج تماماً لمرض أو مات أنيب عنه من يحج عنه وهذا ما يعرف بالحج عن الغير.
5ـ إن العبادات على ثلاثة أقسام إما بدنية محضة كالصلاة وإما مالية محضة كالزكاة وإما مشتركة كالحج فالأول لا نيابة فيه والثاني فيه النيابة والثالث الأصل فيه عدم النيابة إلا إذا تعذر الفعل بالنفس فعند ذلك تكون النيابة لأن البدن إذا اعتذر بقي المال متعلقاً بالعبادة وطالباً لأدائها .
6ـ النيابة في الحج على قسمين لأنها إما أن تكون نيابة جزئية وذلك بالقيام ببعض أفعال الحج المتعذرة عن الأصيل أو نيابة كلية وذلك بالقيام بالحج كاملاً عن الأصيل وهذا له صورتان لأنه إما أن ينوب في حج عن حي وإما أن ينوب عن ميت .
7ـ النيابة الجزئية كفعل بعض مناسك الحج عن صبي غير قادر على أدائها أو كبير أو مريض يتعذر عليه القيام ببعض مناسك الحج فهذه جائزة بدلالة الكتاب و السنة وشرطها تعذر القيام بالفعل من الأصيل مع أهلية النائب للقيام .
8ـ النيابة الجزئية بصورتيها ورد فيها الخلاف ولكن على ما رجحناه فإن لها شروطاً مشتركة وهي أن يكون النائب في الحج قد حج عن نفسه وان يكون ثقة أمينا ذا دين والخاصة بالحي أن يتعذر عليه القيام بالحج لكبر مقعد ومرض لا يرجى برؤه مع كون الحج قد وجب عليه بتحقق شرائط وجوبه فيه والميت يشترط للزوم إخراج مال حج من تركته على الراجح وأن يكون الحج قد لزمه في حياته ولم يحج وأن يحج عنه النائب من البلد الذي وجب عليه الحج فيه أو من الميقات .
9ـ أقسام النيابة الكلية عن الحج هي :
أ ـ المستطيع لا يناب عنه في حج فرض وفي التطوع قولان والراجح القول بالمنع .
ب ـ المريض الذي لا يرجى شفاؤه والعاجز لكبره الجمهور على جواز إنابته وهو الراجح إن ملك ما يؤدي الحج عنه .
جـ ـ المريض مرضاً يرجى زواله والعاجز وقتياً كالمحبوس أو السياسي لا يناب عنه في الحج .
د ـ من لزمه الحج ولم يحج حتى مات أخرج من تركته ما يحج به عنه على ما رجحناه من أقوال أهل العلم .
10ـ للحج عن الغير أحكام في الشرع كثيرة وذلك لكثرة متعلقاته ووقوع الاختلاف بين العلماء في كثير من أحواله
ومن هذه الأحكام أن من لم يحج عن نفسه وأراد الحج عن غيره لم ينعقد إحرامه للغير ووقع عن نفسه
و لزمه حينها إعادة النفقة الخاصة بالحج إلى أصحابها ويجوز للمرأة أن تحج عن الرجل والمرأة والعكس صحيح
ولا يجوز للصبي الحج عن غيره والخلاف في المراهق ومن حج عن غيره بغير إذنه فإن كان حياً فلا يجوز
وان كان ميتاً فيجوز والميت الواجب عليه الحج أخرج من تركته ما يؤدى به الحج عنه واستحب لمن له أبوان ميتان أو عاجزان
أن يحج عنهما فإن كان واجباً عليهما أو تطوعاً لهما بدأ بالأم وإن كان واجباً على أحدهما بدأ به ولا يجوز لنائب
أن يحج عن اثنين في حجة واحدة وعلى النائب أن يقصد بنيابته نفع الحاج والقربة إلى الله لا الدراهم
وله مصاريف الحج كاملة على ما يتفقون عليه من شروط وله الأجرة إن سميناها أجرة وإن أخلص في عمله له الأجر

ولا يضر الغلط في ذكر اسم من ينوب عنه في الإحرام وتكفي النية وتجوز الإنابة من عرفات والتبرع للغير بالحج عنه
وإذا مات النائب ولم يحج عن الغير أخرج المال من تركته وحج الورثة عن الغير وإذا برئ المريض وقد حج عنه الغير
أجزأه ذلك إلا إذا برئ من مرضه قبل شروع النائب في الإحرام، والله أعلم بالصواب .
الخاتمة

الحمد لله الذي أعاننا على كتابة هذا البحث ووفقنا لإتمامه والصلاة والسلام على رسول الله محمد القدوة الحقة
والأسوة الحسنة للبشر أجمعين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن سار على نهجهم واتبع هديهم إلى يوم الدين .
فها قد تم البحث ولله الحمد والمنة والفضل جمعنا فيه ما استطعنا من مباحث الحج عن الغير المتعلقة بها
واختصرنا وأجملنا ورقمنا ليكون سهل التناول واضح المقصد والمطلب وسرنا في طرحي لمواضيعه
على مناهج علمائنا السابقين رحمهم الله فما كان فيه من صواب وصحة ودقة فهو فضل الله وحده وتوفيقه
وما كان فيه من زلل فمن أنفسنا ونسأل الله أن يعفو عنا وأن يتجاوز عن زللنا
وأن يقيض لنا من يرشدنا إلى الصواب بمنه وكرمه .

وختاماَ نسأله تعالى وهو خير مسؤول بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يتقبل منا ما عملنا وأن يوفقنا للخير
والرشاد والتوفيق والسداد نحن وجميع المسلمين وأن يعصمنا وإياهم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن
وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
.
لجنة البحوث الشرعية[/frame]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع ناهد شما
 
سأنامُ حتى ساعة القلقِ الطويلِ وأفتحُ العينينِ من أرقٍ
يدي إنْ أقفلتْ كلّ الأصابع كي تشدّ على السرابِ
أعودُ مقتول الشروع بغسل أحلامي الصغيرةِ
كم تمنيتُ الرجوعَ إلى الطفولةِ يافعا ويردّني
صوتُ ارتطامي بالزجاج المستحيل على المرايا
أشتري منكمْ صلاتي فامنحوني ما تبقـّى من زمانٍ
وامنحوني كأسَ أحلامٍ تشظـّى في الظلامِ
عبرتُ نحوي كي أردّ قميص وقتي للزمانِ
فتهتُ في وجع النخيلِ ولمْ أنمْ إلا قليلا ..
الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق
ناهد شما غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحج عن الغير


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(( ..... طعنة الغجر ..... )) عادل سلطاني شعر التفعيلة 14 29 / 05 / 2012 04 : 12 AM
أهل الغدر والخيانة دعاة الديمقراطية المزعومة بوران شما اعرف عدوك 0 19 / 03 / 2010 11 : 02 AM
دليل مواقع الحج والعمرة.. أكثر من 40 موقع عن الحج والعمرة .. مازن شما مواقع مفيدة 0 10 / 08 / 2009 32 : 05 AM
ملك الغجر خيري حمدان ملف القصة / خيري حمدان 4 08 / 11 / 2008 35 : 03 PM
صواريخ الغدر خليل حسن قصيدة النثر 1 13 / 03 / 2008 28 : 01 AM


الساعة الآن 48 : 02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|