السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وسننتهج في هذا التفسير الاختصار والاكتفاء بالحديث الواحد على كل اية والله المستعان.
ولنبدأبحول الله بتفسير البسملة
عن ابن عباس، قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).رواه ابو داود بسند صحيح
(بسم الله) بمعنى: بذكر الله وتسميته أبدأُ وأقرأُ
و قوله تعالى (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ):
وأخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد، ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة، ما قنط من جنته أحد" وأخرجه البخاري بنحوه وأطول . والرحمن مشتق من الرحمة، وهو قول الجمهور
فضائل سورة الفاتحة
أخرج مسلم بسنده عن ابن عباس، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . سمع نقيضا من فوقه. فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم. فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك. فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته .
وأخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد بن المعلى قال مر بي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت، ثم أتيت فقال: ما منعك أن تأتي، فقلت: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُول، ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج من المسجد فذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليخرج من المسجد فذكَّرته فقال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
قوله تعالى (الحمد لله):
روى مسلم في صحيحه بإسناده عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) ما بين السماوات والأرض... الحديث.
قوله تعالى (رَبِّ الْعَالَمِينَ)
أي رب السماوات السبع والأرضين ومن فيهن وما بينهن حيث بين الله تعالى ذلك عندما ذكر مناظرة فرعون لموسى فقال تعالى (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا) .
وأخرج الطبري عن بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة : (رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال: كل صنف عالم
قوله تعالى (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
قال ابن كثير: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ورحمن أشد مبالغة من رحيم.
قوله تعالى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
بين الله عز وجل يوم الدين بأنه يوم الحساب كما في قوله تعالى (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ثنا محمود بن غيلان، ثنا سفيان بن عيينة، عن حميد الأعرج في قول الله: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال: يوم الجزاء .
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة في قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال: يأمركم أن تخلصوا له العبادة، وأن تستعينوه على أمركم.
قوله تعالى (الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
وهو: دين الإسلام. وقد بين الله تعالى ذلك في قوله: (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) . فقد ذكر الله عز وجل أن الصراط المستقيم هو دين إبراهيم كما في الآية الأولى ثم بين أن هذا الدين هو الإسلام كما في الآية الثانية، وقد ثبت هذا التفسير عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قوله تعالى (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
والذين أنعم الله عليهم هم: الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، قال الله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً) .
قوله تعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم)
والمغضوب عليهم هم: اليهود. قال الله تعالى فيهم (فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ) . وقال أيضاً: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) .
وثبت ذلك أيضاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله تعالى (وَلا الضَّالِّينَ)
والضالون: هم النصارى كما قال تعالى: (وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)
ذكر آمين وفضلها
أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا آمين، فمن وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه
.