الحياة تبدأ من هناك
حين تشرق الشمس، يشتعل الأفق ولا يفيق النرجس خجلاً ودلالاً. ويدلي القمر حباله. يشتاق القلب ويندثر الحلم. أين أنتَ يا وطناً شاب الشيب على رأسه، فاض القلب دمعاً وبصمت صاحت عذراء أين حياتي؟ تاهت رصاصة في لجّة الكوابيس الصاعدة من أصل الحلم، أصابت مقتلاً وتغنّى الحادي في حقول القمح لم تهدأ لم تسكن قريحته يوماً.
الشعراء ينحنون نحو أديم الأرض، يقبّلون ما تبقّى من حياة في جذور الزيتون المجرّف! وأنا أقبّل يدي أمّي البعيدة كقرص الشمس، تهذي باسمي تلعن الفقر والغربة وضعفي وقدرتي على الهرب والطيران نحو مدارات لا تعترف ببيتها وصبحها وفنجان قهوتها!
آهٍ يا بلادٍ رحلت عن أبناءها وتركت في الانتظار ما يزيد عن مترين قبراً مفتوحاً للوهم للجموح! يا ربيع العمر انتظر قليلاً، لا تمضِ، ما يزال في العمر متّسع لقفزة نحو كوكبٍ آخر. آهٍ يا وطن الغرباء، تصارع من أجل امتطاء سحابة يتيمة عاقر. لا تنتظر بعض المطر فهل تخشى الجفاف والعطش؟
حياتي بدأت هناك، ابحثي عن شهادة الميلاد، ستجدون اسمي واسم قريتي ودندنة العندليب ورقصة احتفاءُ بولادتي ويمضي قطار العمر بعيداً نحو الشمال. دائماً نحو الشمال! لا أدري هل بات متّسع لجسدي في بحر الشمال أم ابتلعته الحيتان المتعبة والعيون العسلية تلاحقني، دعيني أكمل أغنيتي. غطّيني .. اشتقت للماندولين والناي لا يتوقّف عن النحيب يقطعه العود رخيماً يشحذ مشاعري ويرميني نحو البدايات كلّما بكى وجه القمر.
سمعت صوتاً منادياً عند السحر يصرخ باسمي قال بأنّ الرحيل قد انتهى وحان الوقت لجمع متاعي والعودة نحو البدايات حيث ولد الأنبياء قبل خليقة من الزمن. كيف أعود والبندقية ما تزال مصوّبة نحو جبيني! هل أرتدي ثياب الحداد سواداً على ذكرى انقضت أم أرحل نحو الشمال ثانية حيث الأنهار المتجمّدة والمشاعر المعلّبة وعينين زرقاوين كالزجاج تنظر عبري تقرأ جيناتي ولا تقدر أن تفكّ حروف هجائي، لا تقدر على ممارسة الرحيل في جسدي الغارق مسافات وبحار وذكرى وعيون عسلية.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|