وصية أم لإبنتها
وصية أمامة بنت الحارث لإبنتها أم إياس
من أجمل ما قرأت في حياتي هذه الوصية التي قالتها إمرأة عربية تدعى أمامة بنت الحارث الشيباني , وكانت جاهلية- أي قبل ظهور الإسلام – وكانت سيدة فصيحة و نبيلة.
قالت لإبنتها ( أم إياس ) هذه الوصية الرائعة , ليلة زفافها إلى ملك كندة ( الحارث بن عمرو ) . وبقراءة متفحصة واعية لهذه الوصية , ندرك حكمة الأم و فصاحتها , ووصاياها لإبنتها التي ترشدها كيف تحقق لزوجها ولحياتها الحياة الأسرية السعيدة , وتكون زوجة مثالية.. تعال معي نقرأ الوصية :
" أي بنية , إن الوصية لو تركت لفضل أدب , تركت لذلك منك .. ولكنها تذكرة للغافل و معونة للعاقل . ولو أن امرأة إستغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها , كنت أغنى الناس عنه. لكن النساء للرجال خلقن , ولهن خلق الرجال .
أي بنية , إنك فارقت الجو الذي منه خرجت , وخلفت العش الذي فيه درجت , إلى وكر لم تعرفيه , وقرين لم تألفيه , فأصبح بملكه عليك رقيباً و مليكاً . فكوني له أمة , يكن لك عبداً .
يا بنية , إحملي عني عشر خصال , تكن لك زخراً و ذكراً :
الصحبة بالقناعة , والمعاشرة بحسن السمع و الطاعة , و التعهد لموقع عينيه , والتفقد لموضع أنفه , فلا تقع عينيه منك على قبيح , ولا يشم منك إلا أطيب ريح . والكحل أحسن الحسن , و الماء أطيب الطيب المفقود , و التعهد لوقت طعامه , والهدوء عند منامه . فإن حرارة الجوع ملهبة , وتنغيص النوم مغضبة . و الإحتفاظ ببيته و ماله , والرعاية على نفسه وحشمه و عياله . فإن الإحتفاظ بالمال من حسن التقدير , والرعاية على عياله و حشمه من جميل حسن التدبير .
ولا تفشي له سراً , ولا تعصي له أمراً. فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره , وإن عصيت أمره أوغرت صدره .
ثم إتقي منه ذكر الفرح إن كان ترحاً , و الإكتئاب عنده إن كان فرحاً . فإن الخصلة الأولى من التقصير .. والثانية من التكدير .
وكوني أشد ما تكونين له إعظاماً , يكن أشد ما يكون لك إكراماً . وأشد ما تكونين له موافقة يكن أطول ما تكونين له مرافقة . و إعلمي أنك لا تصلين إلى ما تحبين , حتى تؤثري رضاه على رضاك , وهواه على هواك فيما أحببت و كرهت , والله يخير لك ".