إلى مريم الطاسيلية
إلى مريم الطاسيلية
ماض إليكِ كما تهوى ملامحنا *** معبقا برمال الوحي و الحلمِ
ماض إليكِ وحر الشوق يلفحني *** والحبّ ما الحبّ إلا لذة الألم
ماض إليكِ قِفِي يا نبض ذاكرتي *** تنهّدتْ عندكِ الأحلام فابتسمي
قد ساقني الشوق في الآماد أمنية *** نحو المتاهات تبكي حافيَ القدم
و الليل يصلبني من مقلتيكِ على *** أبعاده زفرةً من شهقة الندم
يجتاحني شبقٌ من ظلّ غربتنا *** يثغو ويلفظني من عجمة العدم
و العشق من شفق الهقار يزرعني *** شوقا و برعمني في وجنتيكِ دمي
وفي ضحى الطاسلي تحدوكِ قافيتي *** خجلى الخطى شرقتْ من غربة الخيم
يا مريم البدر في ظلماء مغتربٍ *** هل جلجل الصبح يجلو شبقة الظلم
يا ألف ملحمة في خافقي ارتحلتْ *** نحو الينابيع تشكو حرمة الرحم
حالتْ كروم الهوى واحمضّ في عنبي *** طعم السلافة صُبّي كرمة القدم
فالشك خالجني يهوى مسافتنا *** يعلم الريح فن العوم في ألمي
طلي حنانيكِ لو جفت فواصلنا *** أو غرّبتْ في الهوى الحاني يدي وفمي
يا مريم الطهر قد ناداكِ في غسق *** خلف الشجون فؤادي من رؤى حلمي
يا أنتِ نجواكِ في الصحراء راحلتي *** تعثّرتْ بطفوق الرمل و الأكم
تعثّرتْ و مرايا الغيب تلهبها *** تاهتْ بلا قدر في دكنة الأدم
هذي الغوايات تغري بالسراب دمي *** ما إن رفعتُ يدي زلّتْ لها قدمي
حتى تبرعم في أعماق واحتنا *** غصن بزهر الخطايا يشتهي ضرمي
والنخل يرفضه في حلتيكِ وقد *** فاحتْ ورود الضحايا في ربى قممي
فاختال في خاطري طيف يؤرقني *** مذْ كان منكِ الهوى يقتات من ندمي
فربّ شامخة في البيد ناسكة *** تودّ لو رقّ في قيثارتي نغمي
سألتُها حكمة قالتْ محرّمة *** بالحيف مشبوهة يا شاعري حكمي
هنا المبادئ قد ضاءتْ منارتُها *** و صوّح النور يغشى رهبة الظلم
لكنّ من بعدها صارتْ حكايتنا *** كقصةٍ ساقها راوٍ بغير فم
تبرّأتْ من حكايا الشمس سوسنتي *** تنكّرتْني رمتْ بالظن و التهم
أقسمتُ يا شاعري والبيد شاهدة *** إني مبرّأةٌ من ريبة القلم
عشريّةٌ في المدى سوداء عازفة *** للموت لحنا يغني سكرة العدم
تمايلتْ مدني في الأفق غاربة *** وولولتْ مدنٌ عنْها المرام عم
تخايلتْ كل وجهٍ غربةً شرقتْ *** بصدر سامقة تشكو قلى الديم
لكنّني كالألى مازلتُ شامخة *** رغم الرياح التي قد عربدتْ بدمي
مستلّةٌ من رماد العمر قافيتي *** كالنار جدّدتِ العنقاء في الهرم
شخصيّة الحر تأتي من أصالته *** هل ينكر البدر ضوء الشمس في الظلم
ما حمرة الورد قالتْ حين يدهشنا *** إلا عيون الهوى تبكيْهِ بالحلم
ما يملك المنتهي إلا كرامته *** يفنى عليها و أنساقا من القيم
قالتْ أراك صريع الوجد قلتُ أجلْ *** فالعمر ضاع هباء في غربة النغم
ماض لمريم مصلوبٌ على زمني *** في محنتي وطنٌ يقتاتني ألمي
حبستُ شوقي على النايات أسألها *** أجترّ من جزنها نبض الهوى البشم
يا مريم البدر في واحات ذاكرتي *** إخضوضر الدرب تسقيْهِ الرؤى ديمي
أهواكِ فوق جبين العمر مشرقة *** أهواكِ كالشمس ما أغراك محتشمي
يا منتهى العشق أيُّ العشق فسّرها *** هذا الصباح بجرح ضاء للخيم
شذاكِ يا نشوة الريحان عبّقني *** يمدُّ للبدء بذرا يفتدي عدمي
وخصلة الضوء في عينيك تبعثني *** لحنا على شفة الأقدار و الهمم
لو غيّر التيه عن جفنيكِ قافيتي *** لومي كما شئْتِ هذا القلبَ و اتهمي
لومي كما شئتِ فالأوهام تلسعنا *** حتى النخاع و ثوري فيَ وانتقمي
لا تصمتي الآن إنّ الصمت يذبحنا *** يلقي بنا حسرةً في غربة الشيم
وعايري في تشفي بعدما حبلتْ *** أفكارنا من جهيض الفكر والسقم
ما سرّ مأساتنا إلا توهّمنا *** حتى رضعنا الخنى من نشوة الألم
الزيف أدهشنا فابتاع سمرتنا *** حتى انتهينا بلا لون ولا كلم
تزفّنا الريح أحلاما مشرّدة *** كأمة أصبحتْ شتّى من الأمم
تجتاحنا فلسفات الشك تهصرنا *** وبعثرتْنا رؤى الأحقاد و النقم
يا مريم الطهر في بركان قافيتي *** توضّأَ القلب بالأشواق من حممي
صلّي على جثة القلب العليل إذا *** صاحتْ به همّةٌ ثكلى ولم يقم
صلّي على نشوة العشق القديم إذا *** هامتْ بنا وعيون الليل لم تنم
نجوايَ أنتِ كحلم النخل شامخة *** رغم الرياح وبخل السحب بالديم
-----------
الشاعر الصارخ
تمنراست - الجزائر
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|