[د. نوال بكيز]

الهمسة الاولى:
حينما تنصت لقوله تعالى: ((الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا)) سورة الكهف آية:1.
تحس ان هذه الآية توقظ قلبك لتهمس لك بكثير من الأشياء، اهمها على الإطلاق، أن القرآن الكريم نعمة تستوجب الحمد و الثناء و الاجلال لله عز و جل. فتذكرك بقيمة عظيمة هي قيمة " الشكر " . فنحن نتقلب في نعم الله الظاهرة و الباطنة، التي لا تعد ولا تحصى، و التي تستدعي منا شكر الله عليها، و على راسها نعمة "القرآن الكريم"، الذي انزل هداية و رحمة للعالمين، ليخرجهم من ظلمات الجهل و الضلال الى نور التوحيد و الإيمان.
هذا الكتاب المستقيم للذي لا باطل في لفظه، و لا نقص في معناه، و لا تناقض في هداه.
هذا الكتاب الذي لا ميل و لا عوج فيه، في زمن تميل فيه القلوب، و تضيع فيه البصائر بين ضجيج و ضوضاء الدنيا الفاتنة. و اذا كان الأمر كذلك فكيف يكون شكر الله على هذه النعمة العظيمة؟ هل بحمله في سيارة او حقيبة يد؟!!ام بوضعه على حافة سرير طفل نائم؟!! ام باقتنائه وجعله ديكورا يزين اجمل مكان في المنزل؟ ام بهجره؟!! و أنواع هجر القرآن الكريم عدة : احدها: هجر سماعه و الإيمان به. ثانيها: هجر العمل به و ان قرأه و آمن به. ثالثها: هجر تحكيمه و التحاكم اليه. رابعها: هجر تدبره و تفهم معانيه. خامسها: هجر الاستشفاء و التداوي به في جميع أمراض القلوب. وكل
هذا داخل في قوله تعالى: ((ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا)) وان كان بعض الهجر اهون من بعض. (1)-
"ان هذا القران لا يمنح كنوزه الا لمن يقبل عليه بهذه الروح ، روح المعرفة المنشئة للعمل،انه لم يجي ليكون كتاب متاع عقلي ، ولا كتاب أدب و فن ، و لا كتاب قصة و تاريخ و ان كان هذا كله من محتوياته انما جاء ليكون منهاج حياة."(2)
اذن فشكر هذا الكتاب الذي اراده الله تعالى أن يكون ملاذا لمن أراد الطمأنينة، و مناعة لمن خاف الانحراف، و حصانة لمن أراد الاستقامة لن يتحقق إلا بالتعبد بتلاوته "من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، و الحسنة بعشر امثالها، لا أقول الم حرف، و لكن الف حرف، و لام حرف، و ميم حرف."(3)
وتدبر اياته ((افلا يتدبرون القرآن ام على قلوب اقفالها )) سورة محمد آية 24. (( كتاب انزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب )) سورة ص: آية 29.
و العمل باحكامه ((انا انزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله)) سورة النساء،ص:105.
((ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الظالمون)) سورة المائدة ، ص : 45.
ثم الاعتبار بقصصه: ((لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )) سورة يوسف،ص: 111. ((فاعتبروا يا اولي الأبصار )) سورة الحشر، آية 2.
فهل نحن من الشاكرين ، المتعبدين، المتدبرين، العاملين، المعتبرين؟؟...
نسال ألله ان يتجاوز عن تقصرينا في التعامل مع كتابه، وانجعلنا ممن يتعهدونه بالقراءة و الإستماع و التدبر و التخلق و الاعتبار.....

****************************


المصادر و المراجع:
-القرآن الكريم.
(1) - محمدعلى الصابوني، صفوة التفاسير، جزء 2، دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت، لبنان، ص: 333.
(2) - سيد قطب ، معالم في الطريق، دار الشروق، ص:15
(3) - سنن الترمذي،33/5، 2910.

[خولة السعيد]

جميل ما كتبته لنا مما همست لك به الآيات صدقا..