التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,840
عدد  مرات الظهور : 162,285,386

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > الله نور السموات والأرض > مرافئ الروح في رحاب الإيمان > الأحاديث النبوية، السيرة ومكارم الأخلاق والشمائل > شخصيات إسلامية مشرقة و قصص هادفة
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04 / 01 / 2009, 10 : 04 PM   رقم المشاركة : [1]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

غزة- وكالة معا: ولاء نزار ريان متزوجة ولديها طفلة وحيدة، يكنيها الآخرون بأم نزار حيث تأمل أن ترزق بطفل تسميه على اسم والدها كما فعل اخوتها المتزوجون الثلاثة بلالوبراء ومحمد، فالثلاثة يكنون بأبي نزار وقد اسمى اثنان ابناءهما ابراهيم وهو شقيقهم الذي استشهد قبل اعوام من لحاق عائلته به في غارة استهدفت منزلهم في جباليا قبل يومين.

لم تصدق ولاء انها ستفقد أسرتها بالكامل كما انها لم تستوعب بعد حجم الدمار الذي طال منزل والدها والمنازل المحيطة به، وبقيت مدهوشة غير ملمة بما جرى من هول صدمتها، قالت بعد نفس عميق لـ "معا": "لقد ربّانا والدنا على حب الشهادة في سبيل الله ولو سألتم شقيقتي شوشو- وتقصد عائشة ذات الاربع اعوام والتي قضت مع والدها- لقالت لكم كم انها تحب ان تموت شهيدة فداء للدين ولفلسطين".

نزار عبد القادر ريان دائما عرّف عن نفسه لطلابه الجامعيين بأنه "نزار عبد القادر ريان العسقلاني النعلواني الفلسطيني" ونعلواني كناية عن بلدته نعليا الواقعة إلى الشمال من قطاع غزة والتي هجر منها الفلسطينيون من بينهم والداه في العام 1948.

تقول عنه ابنته ولاء: "والدي لم ينس نعليا في حياته فقد كانت دائما في قلبه وعقله، حتى أن اخوتي الصغار كانوا يقولون لبعضهم عندما نعود لنعليا سوف نقوم بكذا وكذا"، وبدت الفتاة فخورة بوالدها الذي قاد المقاومين في تصديهم لاجتياحات الاحتلال في مناطق القطاع المختلفة.

وتضيف "لم يستطع والدي النوم في الليالي الاخيرة فقد قدمت الى المنزل سيدة واشتكت له من سوء اوضاعها المعيشية قائلة، انها قامت بغمر الخبز بالمياه واطعام ابنائها، ومن هول ما قالت لم يستطع والدي النوم سائلا الله ليل نهار أن يرفع عن الشعب الفلسطيني الحصار ويفرج كربته" وتتذكر ولاء حين قال والدها: "قال أبي يا الهي هل وصل بنا الامر الى هذه المرحلة الا تجد سيدة ما تطعم اطفالها؟!".

قبل ان يستشهد بساعة واحدة توجهت زوجة ابنه الاكبر بلال ايمان عصفورة إلى منزله حيث استقبلها ضاحكا: "هل تريدين ان تستشهدي معنا؟"، فأجابته نعم، فقال لها: "اللهم تقبلنا جميعا شهداء"، وآخر ما رأته عصفورة هو أطفاله يلهون حوله وأحدهم يساعد والدته في مهام المنزل.

قنبلة واحدة تزن طناً كاملاً أتت على منزل الشيخ البروفيسور الجامعي نزار ريان بالكامل ولأول وهلة من شدة الضرر الذي لحق بالمنازل المطلة على الشارع ظن فريق "معا" أن منزل الشيخ واحداً منها، إلا أن التوغل قليلاً بين المنازل المدمرة يشير الى وجود شيء ما كان يسمى منزلاً وقد سوي بالارض.

والدته المسنة والتي جلست في بيت أكبر ابنائها تستقبل المعزيات باستشهاد ابنها نزار واطفاله وزوجاته الاربع قالت لـ "معا": "وقاكم الله شر اليهود" وعادت لتتبادل السلام مع النساء اللواتي حملت عيونهن معاني التبجيل لصبر سيدة فقدت سابقا حفيدين واليوم عائلة ابنها نزار ريان كاملة.

الشهيد الذي يحوز على درجة الدكتوراة في علم الحديث قال في آخر أيامه لأطفاله كما تنقل عنه زوجات ابنائه بلال وبراء ومحمد إنه كان يمازح اطفاله قائلا: "من يحب ان يستشهد معي" فأجابه جميع اطفاله: "نحن يا بابا إما ان نموت معا أو نعيش معا"، حتى أن ابنه الصغير عبد الرحمن قال: "لا استطيع ان اتخيل يا والدي ان تستشهد ولا أراك بعدها اريد ان استشهد معك".

ايمان عصفورة الكنة الاكبر التي بدت مجللة بالصبر، قالت "لقد تعرفت الى كافة ابناء عمي الشهداء وزوجات عمي وكان الشهداء جميعا كأنهم احياء مبتسمين لقد رأيتهم قبل استشهادهم بدوا لاعبين وكأنهم حلقة من بلور بالقرب من والدهم في منزلهم قبل استهدافه".

وتروي عن عمها الشهيد قوله لأبنائه: "أحب ان استشهد واذهب مباشرة للجنة" فقال له اطفاله: "يا أبانا انهم يضعون الاطفال بالثلاجات"، فأجابهم: "لا اريد سأشعر بالبرد ثم أن ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم أنا أريد أن أُدفن مباشرة وأذهب للجنة".

استشهد الدكتور نزار ريان مع أسرته المكونة من زوجاته الاربع هيام تمراز ومعها ابناءها غسان 17 عاما وعبد القادر، ونوال الكحلوت ومعها اطفالها اية 12 عاما، ومريم 11 عاما، وزينب تسعة اعوام، وعبد الرحمن اربع اعوام، وعائشة ثلاثة اعوام، وزوجته ايمان كساب مع طفلتها حليمة وزوجته الرابعة شيرين عدوان مع طفليها اسامة بن زيد وريم

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05 / 01 / 2009, 27 : 08 PM   رقم المشاركة : [2]
فريال بيبرس
كاتب نور أدبي مشارك

 الصورة الرمزية فريال بيبرس
 





فريال بيبرس is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: algerie

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

[align=center]
انا لله و انا اليه راجعون
رحمه الله هو و عائلته و جميع الشهداء الابرار و ادخلهم فسيح جنانه
ان فلسطين الحبيبة لم و لن تخلو من هذه الشخصيات التي يمكنها فعلا تحقيق المفارقة
ان الشعب الفلسطيني شعب ابي الذي يضحي بكل ما لديه من اجل الاراضي الطاهرة
يا رب ابعث في قلوب عبادك المستضعفين القوة و الشجاعة و حب الشهادة في سبيلك
دمت استاذتي الكريمة و دام قلمك المبدع الحق
تحية محبطة تنتظر الامل
[/align]
توقيع فريال بيبرس
 
Voix comme la lumière de cette petite chandelle porte loin ! de la même façon, une bonne action perce l’obscurité d’un monde mauvais
فريال بيبرس غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 01 / 2009, 56 : 07 PM   رقم المشاركة : [3]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

رحمة الله على شهداء غزة الأبرار, أسر بل عائلات كاملة أضحت شهيدة فتبا للشر و الجبن و الخوف و التآمر!!!
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 01 / 2009, 06 : 09 PM   رقم المشاركة : [4]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

عندما تناهى لمسامعي نبأ استشهاد د. ريان واسرته

رحمهم الله وأثابهم الجنة دخلت في صراع مع ذاتي ايهم اغلى

الحياة أم الموت ؟

ولكن بعد ان ثبت إلى رشدي ونظرت إلى الحياة ليست في غزة انما التي نحياها

نحن قلت الشهادة في سبيل الله أغلى وهذه حياة لم يعد يؤسف عليها

صدقيني يا استاذة نصيرة اننا بتنا نخجل من انفسنا ... بتنا نخشى ان يصبح

علينا الصباح ونحن احياء ... اصبحت اشعر ان بقاءنا على قيد الحياة

هو وصمة عار حين أرى اطفال بعمر الورود والزهور تقصف اعمارهم قصفا

وهم لم يروا من هذه الحياة شيء وليس لهم اي ذنب

الله يرحم د. ريان وجميع الشهداء وينولنا الشهادة في سبيله

آمين يا رب العالمين

استاذة نصيرة ....شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 01 / 2009, 01 : 10 PM   رقم المشاركة : [5]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

أمر من موت الصغار الذين يرحلون كالملائكة من قذارة هذا العالم من خلقهم الله بصحة و جمال ليشوههم المجرمون ليعيشوا بقية حياتهم بتشوهات وعاهات دون ذنب..
رحم الله الشهداء و الصبر و الثبات لمن أصيبوا بدون و جه حق..
تحياتي لك أستاذة ميساء
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 01 / 2009, 37 : 01 AM   رقم المشاركة : [6]
راضية الزهراء
كاتب نور أدبي
 




راضية الزهراء is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

رحم الله شهداءنا الابرار واسكنهم فسيح جناته. وتبا للعملاء والخونة اذناب اليهود وسوف تدور الدائرة عليهم.اللهم انصر اهلنا في غزة ودمر اليهود وارنا فيهم يوما اسودا كيوم فرعون وهامان.
راضية الزهراء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 01 / 2009, 32 : 06 PM   رقم المشاركة : [7]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

رحمة الله على شهداء غزة صغارا و كبارا إناثا و ذكورا, بدمائهم الزكية و الطاهرة أعطوا القدوة و المثل في التضحية من أجل تراب الوطن.
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 01 / 2009, 25 : 08 PM   رقم المشاركة : [8]
نجية بوحسون
كاتب نور أدبي ينشط

 الصورة الرمزية نجية بوحسون
 





نجية بوحسون is on a distinguished road

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

بسم الله الرحمن الرحيم:"....و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءا عند ربهم يرزقون..." إن لله و إن اليه راجعون.
رحم الله شهداءنا الابرار و أسكنهم فسيح جنانه و ألهم ذويهم الصبر و السلوان و نصرهم الله على اعدائهم.
نجية بوحسون غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02 / 01 / 2011, 54 : 12 PM   رقم المشاركة : [9]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: د. ريان ممازحا اطفاله قبل استشهاده: ثلاجة الموتى لا تتسع لجسدي الضخم

في ذكرى استشهاد الشيخ الدكتور نزار ريان و16 من أفراد عائلته


الكاتب: براء نزار ريان


1-1-2011



ما أصعب تلك الأيام.. تتنافس أصوات القصف وسيارات الإسعاف وأخبار النعي أيها يطرق أذنك أولًا!
والواعية لا تستطيع مواكبة الأسماء التي ترد تباعًا من أحباب وإخوان وأصدقاء وجيران وزملاء ورفاق درب!
الحياة صعبة.. مجرد أن تحيا كان مقاومة وجهادًا! أن تأكل أو تشرب أو تنام أو حتى تقضي حاجتك!
سادس أيام الحرب، بين الظهر والعصر، قلت لها: أريد أن أجمع ساعتي نوم .. إياك أن توقظيني مهما كان! أريد أن أنام!
نمتُ وكنت أشعر بالقصف في جميع أنحاء مخيمنا، ودارُنا تميد وتترنح مع كل ضربة، كأنما ترتعد خوفًا أو تتضامن مع ما يقصف من بيوت!
لم يطل نومي، عادت أم إبراهيم لتوقظني، قالت لي: أمك بالداخل .. تريد أن تسلم عليك!
قلت: ألم أنبهك.. يغفر الله لك!
قالت: إن عمتي قالت بنص العبارة: "تعبان مش تعبان .. قوميه! بدي أسلم عليه"!
قلت في نفسي: يا فتى! الدنيا حرب.. لعل الليلة القادمة تكون لك الأخيرة.. قم سلم!
فقمت.. سلمت يرحمها الله وقبلتني قبلتين، لن تنساهما وجنتاي حتى يذوبا في التراب!
قاسمتها كوب الشاي، وتبادلنا الحديث.. حدثتها عن غسان وجهاده وإصراره على الرباط أيام الحرب كلها.. فترضت عليه ودعت له بخير.. ثم قلت لها: طار النوم من عيني.. ونفد الغاز لدي .. سأخرج لشراء "بابور"..
قالت: الله يرضى عليك يما.. بدي إياك هيك.. ماشية بغاز أو بكاز!
فكانت آخر نظرة نظرتُها من أمي يرحمها الله!
في طريقي مررت بعمي .. سبقني في نية شراء "بابور" فأحببت أن نشتري سويًا..
قال لي: اجلس! انتظرني دقائق..
وبينا أنا جالس أنتظره سمعت قصفًا قريبًا..
نظرت من الشباك وبيتنا يبعد عن بيت أهلي خمس دقائق.. فرأيت القصف ناحيتهم.. أحثثت خطوي نحوهم وفي بالي فكرة واحدة:
يجري علي ما يجري عليهم!
كان قصفًا جزئيًا بصواريخ "الزنانة"! ولما صرت بعيدًا عن البيت نحوًا من مائتي متر ارتجت الأرض تحت قدمي ودوى صوت انفجار لم أسمع له من قبل مثيلًا.. وعلا الحارة سحابة من غبار كأنما هبطت من السماء!
انقبض قلبي وصرت أجري .. لم أكن أحسنت ارتداء ثيابي .. فمرضت من تلك اللحظة .. وسرت في جسدي الحمى!
لما صرت على مقربة من بيت أهلي عثرت بمحمد.. فقلت: الخبر؟
قال: والدي في المنزل.. أهلي كلهم فيه!
كلمته لحظة القصف.. قال لي: "احنا مش طالعين.. احنا مستشهدين.. أشهد ألا إله إلا الله.. وأن محمدًا رسول الله"!
أسرعت جريًا نحو المنزل.. وكان الناس على أطراف الشوارع المؤدية إليه ينظرون ولا يقدمون!
فدخلتُ وخلفي الناس.. كنت أبحث عن حي! قلت في نفسي: إن عثرت بأحدهم حيًا فكلهم أحياء وإن عثرت به شهيدًا فكلهم شهداء! لا يتركون بعضهم!
فلما درت حول المنزل.. وجدت والدي! محطم الرأس ممددًا بين الركام بعضه فيه وبعضه خارجه!
أمسكتُ بيديه.. لم يبردا بعد! شعرت بيديه يحتضنان يدي! يدفئان روحي! ويكلماني!
أما أنا فكان جوابي: الله يسامحك يابا!
والناس من حولي يهتفون: والدك ليس بالمنزل.. وأنا أحلف لهم: "والله هادا أبوي"!
رفعت يده اليمنى.. فإذا في حجره أسامة! آه يا أسامة الصغير لم يفرق بينكما الصاروخ! كان والدي يقبض على رأس أسامة بيده.. وبين رجليه رجلا أسامة!
تناول الناس الجثمانين فقلت لهم: أروني وجه الصغير! إي وربي لقد كان أسامة! ولم تمنع يد والده الكبيرة شظيتين أن تخترقا جبينه! فأغرقتاه بالدم!
إلى جواره كانت آية! كالبدر تمامًا وجمالًا! لم تكمل الثانية عشرة فلم تلبس الجلباب والحجاب! لا عجب.. رباها والدها أن تكون كبيرة! قلت: الله يرضى عليك يا أختي يا آية!
وإلى جوارها أمها.. كان حجابها قد انكفأ فغطى وجهها.. بيدي والله كشفت عن وجهها حتى أرى من تكون القتيلة؟! فكأنما أضاء.. وكان خداها طريين كأنما هي نائمة! قلت: الله يرحمك يا خالتي!
في حجرها كان أسعد ذي العام الواحد! لم يفطم بعد من حليب أمه.. ولا من دمها!
على شرفة المنزل المقابل رأيت جثامين أطفال! كانت الجثامين في المكان أكثر من أتفحصها قبل أن تنقل للمستشفى.. فقلت: خذوني إلى المستشفى.
وهنالك عثرت ببعض من لم أر! وقفت على باب ثلاجة الموتى.. وكانت الجثامين تفد إليها لا تنقطع.. وما فيها غير حبيب!
على البعد رأيت الناس يحملون جثمانًا .. يسيرون به نحوي أو نحو الثلاجة! قلت في نفسي: هذه أمي.. إنها والله أمي.. وتساءلتُ ألم أتركها في بيتنا! كيف وصلت دار أهلي؟!
فلما وصلوا باب الثلاجة.. قلت: أريد أن أتعرف عليها.. إي وربي كانت أمي.. بجلبابها وحجابها وتحت الجلباب جلابية.. وتحت الجلابية بنطال.. وتحت البنطال بنطال! قلت: رحمة الله عليك.. سترك الله في الدنيا والآخرة! حية وميتة!
كل ما مر على قلب آدمي من مشاعر الاستغراب والعجب وتكذيب ما يرى الناظر لم يكن كمثل ما حل في قلبي، قلت في نفسي: أيحدث مثل هذا في الدنيا؟!
أيحدث مثل هذا!
هنالك كنت أبحث عن حي.. فلم أجد.. فقلت لمن حولي: أريد بلالًا!
طيلة عمري كنت أحسب أنني أَجلَدُ من بلال وأشد! يغفر الله لي! وعند الشدائد تتميز معادن الرجال! لقد رأيته.. أكبر مني كما كان دائمًا وأقوى كما لم أتوقع..
احتضنني كوالدٍ وقال لي والدموع تخنقه: الرجال مواقف! وقد كان والدي رجلًا! عاش رجلًا وكذلك مات!
لكنه لما فُتح باب الثلاجة أمامه عَقرَ فما أقلتْهُ قدماه.. وقعد على بابها لا يقوى على القيام!
ورأيت محمدًا.. لم أر في جسده الضخم إلا وجه طفل يتيم!
اشتعلت في جسدي الحمى! وشعرت بالألم في قلبي.. قلبي الذي في صدري! وحينها فقط .. عرفت تفسير قوله تعالى: "وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا"! إي وربي عرفت تفسيرها أو هو عرفني!
أخذوني إلى دار سيدي (جدي لوالدي أبو زياد رحمه الله) وفي المتر الأول من باب العمارة كان كل أهلها ينتظرون الخبر! فلما رأوني قالوا:
إيش يا براء؟
قلت: كل أهلي ماتوا!
لم يصدقوني.. قالوا: مين يعني؟
قلت: كل أهلي.. كلهم.. كلهم!
قالوا ثانية: مين؟ فقلت فيما يشبه الهذيان: أبوي مات! إمي ماتت! غسان مات! عبود مات! مين بدكم كمان؟!
لم يصدقوا وتهامس القوم: إنه يهذي!
ليلتها تكلمت في الجزيرة.. قلت للناس: في أي عالم نعيش.. وإلى أي أمة ننتمي .. حتى تهدر دماؤنا بهذه الطريقة؟
وجوابها: في عالم حقوق الإنسان نحيا.. وإلى أمة قال نبيها: "لا يُطَل دمُ مسلم قط"! (يعني: لا يُهدر) ننتمي!
بت ليلتها .. الدموع تحرق وجهي.. والعبرات تخنقني ومن حولي زوجتي وولداي.. لأول مرة يراني إبراهيم أبكي.. بكاء ليس كالبكاء!
كان الطفل مذهولًا.. يسألني بكل براءة: ليش بتصيح يابا؟
وأنا أجيب بسذاجة: عشان أهلي ماتوا!
ثاني يومٍ قالت لي ولاء: إياك أن يدفن أهلي دون أن أودعهم!
قال لي الناس: لا ينبغي أن تسمع كلامها! لا يحسن بها أن تراهم! غير أنني آثرت أن أسمع لها والأمر إن تم فلا مرد له! ولا خط رجعة!
فوعدتها وكنت عند وعدي!
وفتحت لها باب الثلاجة على ستة عشر إنسانًا هم أحب الناس إليها وأقربهم إلى نفسها والد ووالدة وخمسة إخوة وست أخوات كلهن أصغر منها تركنها وحيدة كما كانت بداية فهي كبرى البنات! وثلاث خالات كن أمهات!
أذكر إذ أعرفها بهم وهي بهم أعرف! وأقول: هذه أمي يا ولاء وهذا عبود.. أترين أسعد؟! إنه نائم! انظري آية كأنها صبية كبيرة أو عروس!
فما سمعتها قالت كلمة لا ترضي الله! بل ما كان قولها إلا:
لا أقول إلا كما علمتني أمي: الحمد لله ويا الله الصبر!
وخرجت بها من الثلاجة تتهادى متكئة علي والناس من حولنا ينظرون! هذه تقول: الله يصبركم يا خالتي! وآخر لا يدري ما يقول أو يفعل!
صغرت من حولي الأشياء لحظتها فما كنت أرى إلا ولاء.. أو عيني ولاء قد بدتا من النقاب محمرتين باكيتين! كانتا والله أكبر من أي شيء في العالم لحظتها! بل أكبر من العالم.. لم أر غيرهما.. لم أر!
بعد ساعة كانت الجنازة.. وفي ساحة المسجد المهدوم اجتمع الناس.. رأيت أبا مصعب فوق سيارة الإذاعة رغم الخطر الشديد يخطب في الناس.. أراه! عيناه الحزن ووجهه الغضب ولا أسمع من كلامه شيئًا.. غير أنني أذكر أنه قال: إن شيخنا هو من أشعل الانتفاضة الأولى!
وكان يوم جمعة فخطبنا أبو البراء، فلم أع مما قال شيئًا غير أنني أذكر أنه لما كان يتحدث عن الوالد وهو بين يديه مسجًى يقول: كان شيخنا! فلفتني كلمة كان! وحمدت للرجل أنه يقول شيخنا مع أنني أعلم أنه قرينه وزميله، وقد قال لي والدي مرة: كان أبو البراء أعلانا في الدرجات!
صغرت الدنيا ثانية أمامي.. ولم أر إلا جثامين أهلي! عن يميني أمي وعن يساري أبي وبين يدي عبود وعلى مقربة غسان ومن حولهما حليمة وريم وغير بعيد آية ومريم!
ندبتهم كما كان يفعل العرب! كان مما قلت: هذا عبود .. كان والله مؤدبًا .. كان مطيعًا!
وهذه حليمة عمرها خمس سنين.. كانت والله مدلعة! وكانت تخاف! أتراها خافت الصاروخ! وقلت: هذه ريم تصغر حليمة قليلًا! كانت ذكية مدبرة.. تفهم كالفتاة الكبيرة!
أشفق علي جدي أبو ماهر! وقال لي: نعرفهم يا براء!
كنت أنتقل بينهم لا أصدق أنها نظراتي الأخيرة! ولا أقنعُ أن تكون قبلاتي الأخيرة! احتضنت والدي.. وقبلت يده.. مرغت وجهي عليها.. بللتها بدموعي.. وما أبعدني عنها إلا الناس!
كانت باردة يابسة ولطالما قبلتها دافئة ناعمة!
مر عامان..
وكلما خلوتُ بنفسي.. واستعرضت ما يسميه الناس شريط الذكريات لم أر إلا نظرات أمي وخطواتي نحو بيت أهلي ويدي والدي الدافئتين وليس فيه النفس! وجبين أسامة المضرج بالدم.. وحجاب آية ووجه أمها وجلباب أمي واحتضان بلال وكلمات ولاء وبكاء محمد وذهول جدتي أم زياد و….
مر عامان .. وشيءٌ في لم يغادرني خلالهما ولو للحظة.. حين أقرأ .. حين أكتب .. حين أسمع.. حين أحضر.. حين أحاضر.. حين أَدرُس.. حين أُدَرس.. حين أفرح .. حين أحزن.. حين أضحك.. حين أبكي.. حين أفتر.. حين أقوم.. حين أصوم.. حين أصلي.. حين ألهو.. حين أعمل.. حين أفرغ.. حين أجالس .. حين أخلو .. كل حين..
شيء يهتف في.. يصرخ في أعماقي:
مهما فعلت وأين ذهبت ومتى عشت .. لست إلا هذا..
هذا الثاكل!

الأسماء الواردة في المقال:
بلال ومحمد وولاء = الباقون من ذرية نزار ريان.
أم زياد = جدتي لوالدي.
أبو ماهر = جدي لأمي.
أبو مصعب = أ. فتحي حماد.
أبو البراء = د. عبد الرحمن الجمل.

ملحوظة مهمة:
ما سبق ليس وصفًا لحال كاتب المقال وحده..
هو وصف لحال بلال ومحمد وولاء وأم زياد (والدة نزار ريان) وفلان وفلان ممن فقد أبًا أو أمًا أو ابنًا أو أخًا أو أختًا أو زوجًا أو زوجةً أو بعض هؤلاء أو معظمهم!
هو وصف أهالي الشهداء.. وتجلية لمشاعرهم
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ناجي العلي في ذكرى استشهاده بوران شما موسوعة.كتّاب.وأدباء.فلسطين.... 0 23 / 09 / 2017 57 : 07 PM
ناجي العلي في ذكرى استشهاده بوران شما موسوعة.كتّاب.وأدباء.فلسطين.... 0 23 / 09 / 2017 57 : 07 PM
هوّة الخلاف تتسع بين مؤيّدي الإجهاض ومعارضِيه بالمغرب زين العابدين إبراهيم الشؤون المغاربية 0 12 / 03 / 2015 00 : 01 PM
كشف قتل ياسر عرفات بمادة البولونيوم هدى نورالدين الخطيب جرائم إسرائيل منذ ما بعد النكبة و حتى اليوم 5 04 / 07 / 2012 04 : 02 PM
من أين جاء دحلان بمادة ’’البولونيوم’’ التي سمم بها عرفات؟!.. مازن شما اعرف عدوك 0 20 / 07 / 2009 52 : 10 PM


الساعة الآن 26 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|