انكسار
أُمَّةُ الفَجرِ الغَريدْ
أُمَّةُ المَجدِ العَرِيقْ
كَيفَ هَانَتْ
فِي عُيُون الطِّفلِ شَابَتْ
وَتَهَاوَتْ مِثلَ أورَاقِ الخَرِيفْ
أَينَ بَدرٌ أَشعَلَ اللَّيلَ نهارًًا
قَبَّلَ الحُلمَ وَأمسَى بَينَ آهَاتِ الخَلِيلْ
عِندَ قُدسٍ قَد تَبَاكَتْ
صَرخَ أَحزَانِ الأَيَامَي والثَّكَالَى
فَامتَطَى ظَهرَ الغَيَامْ
وَمَضَى يَبكِي عَلَى دَمعِ الفُرَاتْ
فَاستَغَاثَ اللَّيلُ صَمتًا
وَاسْتَدَامَ الصَّمتُ قَهرًا
أَعلنَ البَحرُ الحِدَادْ
كَي يَعودَ البَدرُ يلهُو بينَ أموَاجِ المسَاءْ
أُمَّةُ الأَمسِِ السَّعِيدْ
طِفلُكِ البَّارِ جَرِيحْ
بينَ أنيابِ الأفاعي ، وذئابٍ وغزاةٍ ودمارٍ
هل تخلَّى القومُ عنهُ ؟!ِ
أينَ إخلاصُ أخيِهْ ؟!ِ
والرِّجالْ
والنِّساءْ
أُمّةُ الأَمجادِ مِنْ عُمرِ الوُجُودْ
طِفلُكِ الشَّادي سَجِينْ
قيَّدُوهُ ، عَذَّبُوهُ
سَجَنُوهُ ، ثُمَّ أَلقُوهُ بِلا سِترٍ يَقِيهِ
يَنزِفُ الجِسمَ الشَّرِيفْ
يَنزِفُ الجُرحَ المُمِيتْ
بينَ صَمتٍ كَالقُبُورْ
أُمَّةُ العَهدِ المَجِيدْ
طِفلُكِ الآنَ قَتِيلْ
قَتَلُوهُ ، قَتَلُوهُ
شَامِخًا رُغمَ الأَنينِْ
حَاملاً وَعدَ السَّماءِ
أَغْمَضَ الجفنَ علَى حُلمِ اللِّقاءْ
يَا إِلهَ العالمِينْ
إنَّني أَبكِي ، وَأبكِي ، ثُمَّ أبكِي
بينَ أحزَانٍ وَيأسٍ ، فَوقَ أطلالِ التَّمنِّي
أحتَسِي وَهمَ الوُعُودْ
أَذكُرُ الأمسَ الشَهيدْ
وَأنَا الطِّفلُ الصَّغيرْ
بينَ خُبزي وَالكِتَابْ
وَحُرُوفٍ ، وَنَشيدٍ ، وَاعْتِدَادْ
وَزَفِيرٍ ، وَشَهِيقٍ ، وَزَئِيرٍ، وَهِتَافٍ
وَوَعِيدٍ يَمحِقُ الأَعداءَ ، وَعدًا
يَسحِقُ الأَشرَارَ سَحقًا
يَستَعِيدُ الأَرضَ ، حَقًّا
سَوفَ يَغدوُ البَحرُ قَبرًا ، لِلأعَادِي
كَانَ حُلْمًا أَم سَرَابًا ؟
أمْ خَيَالاً وَتمَنِّي ؟
حيِنَ نَصحُو بَينَ أَشلاءِ اليَقينْ
وَانكِسارٍ قَد غَشَى قَلبًا وَدَربًا
كُلَّ أزهَارِ الرَّبيعْ
كُلَّ آمَالِ الشَّبَابْ
كُلُّ أَحلامِ الصِّغارْ
والرِّجَالِْ
والنِّسَاءِْ
والطُّيورِْ
والرَّوابي وَالمُرُوجْ
والبَرَاري والنُّجُوعْ
أُمَّةٌ تَحسُو المَخِيفْ
وَرَمَادَ الوَعدِ في عَينِِ الرِّيَاحْ
اُمَّةٌ شَابَتْ هِتَافًا ، وَنَشيدًا
وَسُقُوطًا ، بينَ صَمتٍ يَسَتَغِيثْ
كَيفَ آلَ الوَعدُ أطلالاً وَوَهمًا
بَعضَ حُلمٍ ، وَخَيالٍ
فامتطى دَربُ المُنَى ظَهرَ الغَيَامْ
قَد غَرِقنَا فِي بُكاءٍ وَنَحِيبٍ كَالصَّريعْ
وَالغُزُاةْ
أَطبقُوا ، كَالقَيدِ حَولَ المِعصَمِ ، حِينَ استَبَاحُوا الأرضَ جَهْرًا
قُدسَنَا ، أشجَارنَا ، أنهَارَنَا ، أَحلامَنَا ، قَهرًا وَغدرًا
كُلُّ دِارٍ ، كُلُّ سَفحٍ ، كُلُّ وَادٍ قَد تَهَاوَى
كَم شَهيدٍ ، كَم جَريحٍ ، وَصُدُورٍ فِي العَراءِ
فِي شَتاتٍ ، وَضَياعٍ ، وَصَريخٍ ، وَعَويلٍ ، وَرَجاءٍ
وَعَزَاءْ
نَكسةٌ أَمْ نَكبةٌ حَلَّتْ بنَا صوبَ الفَنَاءِ
مِنْ سِنينٍ لَم تَزلْ جَمْرًا وَنارًا
تَصطَلي أَرضًا وَقلبًا
ثُمَّ أُخرى مِنْ قََريبٍ يَا عِرَاقٌ كَالجَحيمْ
لَستُ وَحدِي ، لَستُ وَحدي
صَدَّق الحُلمَ الجَمِيلْ
سوفَ نَزهُو كَالشُّمُوسْ
لَستُ وَحدي
أَنشَدَ الوَعدَ المَهيبِ
فَوقَ جُدرَانِِ الأَمَانِي ، وَالقُلُوبِ
لَستُ وَحدي
قدْ رَأى الحُلمَ يَمُوتْ
خَلفَ أَعذَارِ المجُونِْ
فوقَ أشلاءِ الزُّهُورْ
والغُصُونِْ
قَد تَلاشَتْ أُمنيَاتٌ
وَاستفَاقَتْ ذِكرَياتٌ للخَوَالي
حَلَّقَتْ بينَ الأَيَامَي وَالثََّّكَالى
تُشْهِدُ الأَمسَ البَعيدْ
تَسألُ الفَجرَ الشَّريدْ
أُمَّةُ القَلبِ الكَسِيرْ
هَلْ يَعُودُ البَدرُ يَومًا
يَمسَحُ الدَّمعَ الحَزِينْ
يَشتَفي الجُرحَ المُمِيتْ
وَيُوَاري طِفلَكِ البَّارِ الشَّهيدْ
هَلْ يَعُودْ؟
هَلْ يَعُودْ
شعر : مراد الساعي