يقول اﻟﺬﺋﺐ ﻟﻠﺠﺪي اﻟﺬي ﺗﺪﻟﻰ عنقه إﻟﻰ اﻷﺳﻔﻞ ﻛﺪول نامية
يشرب اﻟﻤﺎء ﺑﻐﺰارة ﻣﻦ ﻧﺒﻊ ﻣﻠﻲء بالجراثيم المعوية
والكبريت:
- أﺧﻲ اﻟﺠﺪي، ﻣﺎذا ﺗﻔﻌﻞ هناك؟ أﻇﻨﻚ ﻻ ﺗﻌﻠﻢ
بأنه وﺣﺴﺐ رﻏﺒﺘﻨﺎ ﻗﺪ عُقد اﺟﺘﻤﺎع كبير ﻓﻲ استوكهولم
حيث ﺗﻘﺮر فيه اﺗﺨﺎذ التدابير اﻟﺼﺎرﻣﺔ والجذرية
ﺿﺪ ﺗﻠﻮث اﻟﺒيئة هذا اﻟﻌﺪو اﻷﻛﺒﺮ واﻟﻮﺣيد اﻟﺬي يهدد البشرية،
وها أﻧﺖ اﻵن ﺗﻠﻮث مياهي النقية اﻟﺘﻲ ﺳـﺄﻣﻸ بها اﻟﺴﺪود
الشبيهة بالصناديق الشبيهة بالصناديق الكلسية اﻟﻀﺨﻤﺔ،
إﻧﻚ ﺗﻠﻮث مياهي التي ستدير طواحيني المنوعة ومراكزي
الكهربائية - النووية العديدية،
وﺑﺬﻟﻚ ﺗﻠﻮث مياهي النقية وبيئتي الغالية، أيها الغبي،
يا ليتك لم تكن نامياً وجاهلاً...
واﻵن كيف ﻟﻲ أن ﻻ آﻛﻠﻚ
وأن ﻻ أﺣﺘﻠﻚ ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ ﺑﺎﻟﺘﺴﻠﻞ إليك رويداً رويداً،
وكيف ﻟﻲ أن ﻻ أﺣﺸﻮ اﻟﻌﺸﺐ ﻓﻲ ﺟﻠﺪك ﻣﻊ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ
ﺷﻜﻠﻚ اللطيف
وذﻟﻚ ﻛﻌﻀﻮ ﻟﻠﺪول غير اﻟﻤﺘﺤﺪة،
وأﻧﺎ آﺧﺬ ﻓﻲ اﻋﺘﺒﺎري ﺻﻌﻮﺑﺎت الهضم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ومشاكله
الكثيرة
وﻛﻞ هذا ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻘﻂ، ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﻼم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ
وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ البشرية...
يثغو اﻟﺠﺪي، وهو اﻟﻤﺼﺎب ﺑﺎﻟﺴﻞﱢ ﻣﻦ اﻟﺪرﺟﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ
اقتصاديا:
- أﺧﻲ اﻟﺬﺋﺐ، أهلا ﺑﻚ، أﺳﺮع، أﺳﺮع والتهمني، وإﻻ...
ﻓﺈﻧﻲ ﺳﺄﻣﻮت.
ﺳـﺄﻛﻮن آﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻚ وأﻧﺖ اﻟﺬي ﺳﺘﻜﻮن غير
ﻣﺮﺗﺎح بالتأكيد،
وأﻇﻦ ﱠأﻧﻨﻲ أﺳﺘﺤﻖ ﻛﻞ هذا... وﻟﻜﻦ ﻟﻲ ﻋﻨﺪك رﺟﺎء أﻻ
ﺗﻠﻤﺲ ﺟﻠﺪي
وﻣﻦ الطبيعي أن علينا أن ﻧﻨﻘﺬ المظاهر... وﻣﻦ ﺛﻢ ﻟﻦ
يُعرف أﺑﺪًا ﺑﺄﻱ ﺷﻲء أنقذناها
**
اﻟﺸﻄﺮﻧﺞ
ﻟﻌﺒﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻵن، ﻧﺤﻦ أيضاً
ﻧﻤﻠﻚ ﻣﻜﺎﻧاً - وﻟﻮ صغيراً - لكنه ثمين
ﻋﻠﻰ الوجه اﻟﻤﺎﺋﻞ ﻟﻠﺨﺸﺒﺔ الكبيرة ﻟﺸﻄﺮﻧﺞ اﻟﻌﺎﻟﻢ
رﺑﻤﺎ ﻛﻨﺎ ﻗﻠﻌﺔ الزاوية
أو ﻛﻨﺎ جندياً متواضعاً
يلعب دائماً بطريقة « هجوم اليسار»
مهما كنا، قلعة أو جندياً،
علينا أن ﻻ نشبه اللذين ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ عنهما ﻗﺒﻞ أﺳﻄﺮ،
إﻧﻨﺎ، ﻓﻲ النهاية، ﻧﻌﺮف كيف ﻧﻠﻌﺐ هذه اﻟﻠﻌﺒﺔ
- أﻟﻢ ﻧﻌﻂ لها بطاطين ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ -
وبالتأكيد نستطيع أن ﻧﺤﺒﻂ ﻣﺆاﻣﺮات الطامعين
وتخريب حسابات الأقوياء...
اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ هي أن علينا أن ﻧﺒﻘﻰ صامدين
وﻻ نذهب ضحية ﻟﺤﺠﺮ أﺳﻮد،
وﻻ ﻧﻨﺰﻟﻖ وﻧﺴﻘﻂ إﻟﻰ اﻷﺳﻔﻞ
ﻣﻦ هذه اﻟﺨﺸﺒﺔ اﻟﻤﺎﺋﻠﺔ
ذات اﻟﻤﺮﺑﻌﺎت واﻷﻟﻮان الكثيرة...
**
اﻟﻐﺮوب
ﻓﻲ حين يزداد اﻟﻐﺮوب ﺟﻤﺎﻻ، يموت ﻣﻦ حوله ﻛﻞ ﺷﻲء
وﻋﻨﺪﻣﺎ يموت اﻟﻐﺮوب يزداد ﻣﻦ حوله ﻛﻞ ﺷﻲء ﺟﻤﺎﻻ،
اﻟﻐﺮوب يموت ﻣﺜﻞﻛﻞ الأشياء الجميلة،
اﻟﻐﺮوب جميل ﻣﺜﻞ ﻛﻞ الأشياء اﻟﺘﻲ ﺗﻤﻮت
اﻟﻐﺮوب جميل ﺟﺪاً لأنه يموت
اﻟﻐﺮوب يموت سريعاً لأنه جميل
****
زاريه خِراخوني شاعر أرميني ولد ﻓﻲ اﺳطﻧﺒﻮل عام 1926. اسمه الحقيقي أرﺗﻮ ﺟﻮﻧﺒﻮشيان.
درس اﻟﺤﻘﻮق وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﻓﻲ كلية اﻵداب ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﺳطﻧﺒﻮل، له العديد ﻣﻦ اﻟﻤﻘﺎﻻت واﻟﺪراﺳﺎت الأدبية والنقدية، ﻋﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ أيضاًً ، وﺗﺮﺟﻢ الكثير ﻋﻦ اﻷدب اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ.
في البداية ﻋﻤﻞ ﻓﺘﺮة ﻓﻲ ﻣﺠﺎل التعليم، ثم ﻓﻲ تحرير اﻟﻤﺠﻼﱠت الأدبية وﺷﺠﻊ العديد ﻣﻦ اﻟﺸﻌﺮاء اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ خطواتهم اﻷوﻟﻰ.
ﺣﺼﺪ العديد ﻣﻦ اﻟﺠﻮاﺋﺰ الأدبية، وﺗﺮﺟﻤﺖ أعماله إﻟﻰ عدد ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت، وﻟﺤﻦ بعضها وﺣﻮل إﻟﻰ أﻏﺎن. ﻣﻦ أهم دواينه:
«ﻗﻄﺮات حجرية»، اﺳطﻧﺒﻮل، 1964 .
«حديقة اﻷﻧﻮار»، بيروت، 1968 .
«ﻇﻞﱠ وﺻﺪى»، باريس، 1973 .
«أﻧﺎ واﻵﺧﺮون»، يرينمان، 1982.
«ﺣﺠﺎرة أرمينية»، إتشميادزين (أرمينية ) وبيروت، 1997.
«كالأزهار»، اسطنبول، 2000.
له أﻋﻤﺎل مسرحية وﺑﻌﺾ اﻷﻋﻤﺎل النثرية أيضاً.
تسيطر اﻟﺮوح الفلسفية ﻋﻠﻰ ﻗﺼﺎﺋﺪ خيراخوني، وهو يصور ﻋﺎﻟﻢ اليوم وهموم اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ: ﻣشكلات اﻟﺴﻼم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻌﻠﻤﻲ، اﻟﺘﺂﺧﻲ بين اﻟﻨﺎس واﻟﺸﻌﻮب، اﻷﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ تهدد البشرية إﻟﻰ آخره...