مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
طائر بلون الشمس - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=justify]حين مدّ جناحين ملونين بضوء الشمس تماما ، كنتُ أنظرُ بالقلب لا بالعينين لوطن مشغول بكلّ حكايات الروح .. كان طائرا من نوع خاص ، وصورة خاصة ، وامتداد خاص.. اقتربتُ منه وأخذتهُ بما يشبه احتضان الروح إلى صدري .. لم أكن أريد أن أقول له أو يقول لي .. فالكلام هنا مجرد صفحة مطوية على الفراغ .. كنت أريد أن أجد في ريشه أو زقزقته المتواترة معنى لهذا اللون الرائع الممتد بكل عنفوانه.. وحين دخل دون أي حواجز إلى قلبي، مشطتُ باب الحلم بروعة الوقت وأشرت له أن افتح كلّ وقتك في وقتي فجميل نداء الوجد حين لا يحد .. ولوهلة ، كنت وإياه سبحة عاشق في يد وطن .. سبحة صوفيّ في يد موله يكرر نداء التضرع أن تطويه المسافة فيكون بين لحظة وأخرى هناك بين يديّ العاشق المعشوق..
هل هي مدينة من مدن القلب ؟؟.. يقول الطائر الساحر المسحور إن فلسطين تمتدّ دون نهاية كي تكون المدينة كل المدن .. لا فرق بين واحدة وأخرى ، بين خفقة قلب وثانية .. تتساوى الخفقات لتجتمع مثل حبات المسبحة مشكلة كامل المسافة والمساحة .. الوطن روح وريحان وخفقة قلب .. وطائر الشمس يكتب قصيدته فتنام في الشمال كما في الجنوب وتنمو .. البحر هو البحر .. والسماء المطلة على عكا هي السماء المطلة على صفد وحيفا ويافا .. وروعة الوطن أنّ التلاقي هو الشيء الوحيد المدرك الذي نؤمن به وندخل في ثناياه ونستنشقه ليكون هواء رئتنا وحياتنا .. ومن يظن أن الفواصل يمكن أن تصنع وطنا فهو واهم ، ومن يخطر على باله أنّ تقطيع القلب يمكن أن يعيد النفس الصحيح للجسد فهو واهم أيضا.. الوطن امتداد لا يرتضي اجتزاء ، والوطن اتصال لا يرضى افتراقا.. وهو الوطن الذي كان ويبقى فلسطينيّ العروبة والهوية والملامح .. الوطن الذي كتبته الروح على ورقة من ذهب الشمس فأبى أن يتسلح بغير الاستمرار في كل الكريات وطنا لا فاصل فيه بين النبض والنبض ..
تعالَ يا طائر الشمس كي تغتسل بضلوع مدينة تشتاق لأختها ، عندها تعرف معنى أن تجتمع الريشة بالريشة مشكلة هذا الجناح الذهبيّ المشغول بخيوط النور .. لكل ريشة وقعها ونغمها وصفاؤها وحلو امتزاجها مع ما تبقى .. ساءلتني وهي تشعل دهشة العين رمشا جارحا : هل تحب أن تكون قصيدتك مكتوبة على ساعة الجدار أم على صفحة الوقت الممتد أم على جدار وطن ؟؟.. قلت : كل الدروب واحدة ، المهم أن تكون قصيدتي مشغولة بالوطن، ذاهبة للوطن ، رائعة بما ينبض فيها من حب الوطن .. بعدها لتكن ما تريد ولتكتب على أي صفحة تريد .. فالخيوط الممتدة من قصيدتي ستصل إلى مبتغاها وغايتها ومصبها ما دامت فلسطينية الوقع .. القصائد التي تكون فلسطينية الوقع لا يمكن أن تشبهها قصائد أخرى .. ضحك طائر الشمس بزقزقة الحلم ومضى يشرب من دقات القلب موسيقاه مصرا على أنّ الشمس تشرق كما تشاء حين تصب أبوابها كلها ، وخيوطها كلها في اتجاه واحد هو فلسطين..فالوطن حين يكون مصبا وغاية ومبتغى يصبح كل شيء ممكنا بل يصبح كل شيء قابلا لأن يكون أحلى وأجمل وأقرب وأشدّ غليانا وفورانا بالنور من أي زمن سابق .. طائر الشمس قال إن الوطن لا يكون وطنا إلا حين نعلق كل حكاياتنا على بابه ليس إلا ، ولا نرضى سواه مهما كان..