قصة للأولاد
ابنتي حبيبتي لين :
اليوم ، وأنت على أعتاب انتظار مولودك الأول ، وجدتني أتذكر بحماس أيامك السابقة ، فتمتد يدي إلى دفتر مذكراتك القديم القديم ، فأستلف منه هذه الأوراق ، وأعيد إهداءها إليك .
مذكرات لميس
السبت :
هذا اليوم مزعج من أوله .. أختي الصغيرة فاطمة وأخي عبدالله لم يكفا عن إزعاجي.. فمنذ الصباح الباكر أخذا يعبثان بلعبي وكتبي وأشيائي الخاصة .
بكيت كثيرا . وعندما صحت في وجه أخي ، قال لي ببرود : - إذا لم تعجبك تصرفاتي , فافعلي ما بدا لك .
ماذا أفعل ؟ أمي منعتني من مشاهدة برامج الأطفال ، وقالت لي :- أنت الكبيرة ، ولن أسامحك أبدا .
لكنني في نهاية اليوم ، راجعت نفسي ، وقلت : أمي معها حق، ولو تحدثت مع أخويَ بهدوء , لكسبت رضا أمي وحافظت على أشيائي .
الاثنين :
لماذا أشعر بالحزن وبالوحدة ؟ أختي فاطمة الصغيرة وأخي عبدالله قلبان باردان ، لا يشعران بمن حولهما .. وأنا منسية
ذهبت إلى غرفتي وبكيت كثيرا , رغم أنني موقنة أن البكاء لن يفيدني ، إلا أنني أرى أن البكاء أفضل من الحديث لمن لا أذنين له .
الأربعاء :
أصبحت والدمع صديقين .. دائما أبكي ، ودائما تنزل دموعي لأتفه الأسباب .. والمشكلة أن لا أحد في المنزل يسألني ما بك ، أو ما الذي أصابك ، أو ماذا جرى لك !؟
لا أحد يهتم بي ، ولا أحد يريد أن يعرف ما بي !
أشعر بالألم ، وبالأسى ، وبالوحشة , وكأنني أعيش وحدي .
الجمعة :
اليوم فوجئت برسالة على مكتبي من أمي ، أحدثت ضجة وأسئلة كثيرة في نفسي .
ولأنني قرأتها أكثر من مرة ، وأعدتها مرات ومرات ، كدت أحفظها .
كتبت لي أمي : لماذا لا تسألين نفسك لماذا أبكي دائما ؟ ماذا ينقصني ، وأهلي يعطونني كل ما أريده ، ويبذلون جهدهم لإسعادي؟ هل تنقصني الثياب الجميلة ؟ أم هل ينقصني المال لأشتري به ما أريده ؟ أم هل أفتقد إلى المدرسة الجيدة ؟ أم ماذا أريد ؟
من يهتم بتفاصيل حياتي ويحوطها برعايته ؟
لماذا لا تعرفين أن هذا نوع من الأنانية ومحبة النفس وإرادة كل شئ لها ؟
أليست فاطمة وعبدالله بحاجة إلى العطاء أيضا ؟
قولي لي ماذا تريدين ، بصوت عال واضح ، وحددي بدقة بماذا تفكرين . فالكبير يتكلم بصوت عال ، والصغير يتكلم بلغة الدمع والصراخ .. فاختاري ما تريدينه ، واصنعي حياتك ومستقبلك : إما دمعا واتكالا ، وإما قوة وعزيمة .
ولأعترف أنني ساعتها شعرت بخطأي، وغفلت بحكم إلف الأشياء قيمة ما أنا عليه من خير .
فعانقت أمي بحنان ، وأنا أقول بصوت حازم : لن أبكي ثانية لأي سبب تافه ، وسأكون منذ اليوم كبيرة حقا .