رائحة برنين
هذه نادرة تروى في سواحل أفريقيا الشرقية ، وفيها يتحدثون
بعملتهم المحلية " الروبية " وهم يقصدون نقود بغداد ، عاصمة
الدولة العباسية .
يروى أن تاجرا ذبح عنزة ومر به مسكين فجلس إلى جانب القدر
لعله يستسيغ الخبز الحافي بإستنشاق رائحتها .
وفي الغد لقى التاجر فقال له : انك أيها السيد قد احسنت إليّ أمس
إذ منحتني رائحة عنزتك فاصطنعت بها هنيئا ، فأخذ التاجر بتلابيب
المسكين وهويقول له : الآن عرفت كيف ضاعت النكهة من لحمها،
فقد اختلستها أنت وأنا لا أدري ، وساقه إلى هارون الرشيد وقد كان
شديد المحاباة للتجار ، فحكم على المسكين بتغريمه إثنتي عشرة روبية
يعطيها للتجار ثمنا لنكهة ذبيحته .
خرج المسكين يبكي لأنه لا يملك فلسا واحدا لدفع هذه الغرامة ، فوجد
أبا نواس في طريقه ، فعطف عليه هذا الأخير حين علم بقصته واعطاه
مبلغا بمقدار الغرامة واوصاه أن لا يؤديها إلا إذا حضر هو( أ.نواس)
مجلس الخليفة .
ولمّا كان الغد حضر المسكين المجلس كما حضره بعده بقليل أبو نواس ،
واخذ منه الدراهم ورنّها على الأرض ، وسأل التاجر : أسمعت رنينها ؟
قال : نعم ، ومد يده إلى الدراهم ليأخذها ، فرده أبو نواس وصاح في
وجهه : حسبك ، لقد وصل إليك الثمن رنينا برائحة ، فإذا كان المسكين
قد شبع برائحة طعامك فأحرى أن تملأ يدك برنين دراهمه، وترك الروبيات
للمسكين ، وانصرف إلى داره .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|