رد: أبويـــــــــــات أدبيــــة. . !
[align=justify]أبتي الحبيب
ها هي رسالتك بين يدي وكل حرفٍ منها يعانق رمش عيني الرمشة تلو الأخرى فإذا بأجفاني تعانقه عناق ولد لأبيه لم يذق شهد عناقه من أعوام ، نعم كأنها أعوامٌ لأنني أحسب لحظات فراقي أياماً وأياماً ، فما فرغت من حرف حتى أعيد قراءته تارة أخرى .
كنت قبل هنيهات من إستلامي لها في غمرة من أحاديث الذكرى مع نفسي ، أتذكر كيف تغدو صباحاً وأنت مبتسماً تمازحني بألا أسترق من عطرك لأوفر من عطري وكيف أنك تحُضني أن أقبل جبين ويدي والدتي قبل خروجي إلى المدرسة وكيف كنت تعاندني وتخفي عني مفاتيح السيارة رغم أنك كنت تعلم أجيد قيادتها ، ووصيتي لك بأخواتي اللاتي لا يرقن لهن الذهاب إلى المدرسة إلا وهن برفقتي ، كنت أتعجب لماذا كنت تلزمني بتلك الدروس برهفٍ وإن أمرتني أمراً لالتزمت لك إلتزام الشعاع للشمس ولكن علمت أنك ما كنت تفعل ذلك حتى ترسّخ دروسه في نفسي رسوخ الجبال ، حينها علمت أنّ رحيق الزهر لا يمتصه نسرٌ ، فجعلتني كالفراش لا أبحث إلا عن مواطن الجمال ، علمت منك بعد فضل الله كيف أجعل لهجير الشمس ظلاً برمش عيني ، علمتني كيف أطأ بقدمي على الرمضاء ووجهي مبتسم ، علمتني كيف أتصدى لجروح القلب فأطلي من دمائها أنشودة الصبر لأضمد بها ألمي . . . أبتي لن ينضب مدادي طالما أردت سرد أفضالك . .
ولكن قل لي يا أبتي كيف هي والدتي هل هي ما زالت تحتسي قهوتها الصباحية تحت ظل نخلتها التي كنت تتأبط منها غيرة كنت حينما يتجهم وجهك أعلم أنك في ضيق وكانت هي تتبسم ضاحكة لرفع رآيتك تلك كنت لا أفهم إحساسك ذاك ولكن حينما دخل بي العمر أعتاب رشده ، علمت أنك تحب أمي حباً عظيماً ، فتجدني أحتسي حياءً مما أسطره لك من شأن والدتي ، ولكن ما تعمدت لذلك إلا أنني أتوسل إليك أن لا تدعها وإلا الإبتسام يغالب محياها الأغر ، فأنت قائدي في معركة الحياة وأنا فارسك فمن تحنانها بعد الله نستمد روح الحماس لجندلة تباريح الصعاب فهي شهيق الأمل وهي زفرة الألم. .
أشواقي لك ولأمي ولأخواتي وأنا في أحر من الرمضاء للمطر ليوم عودتي بينكم ، فالمرة القادمة أرفق لي ولو كلمتين من سيدة بيتك ، أليست أمي سيدة بيتك بل ملكته . . لا تقل لي لا وإن كنت تريد مداعبتي !. .
دم في جلالك طيباً ولا تنسياني الدعاء لي في ظهر الغيب وجهاراً![/align]
|