الوطنية كما يعرفها كل الناس هي المحبة والشعور بالانتماء للأرض التي يولدون فيها وأو تمتد فيها جذورهم، وبالمعنى الأعمق عبر العصور ومنذ القدم، هي التربة الأم التي تشكلت منها سلالاتهم البشرية..
والشخص الوطني يعرَّف أنه العاشق لهذه التربة ، إن ابتعد عنها يشعر بالغربة والحنين حتى يعود إليها لتستقر ذاته وتهدأ نفسه وتستقر( معنى السكن والسكينة ) وإن مس هذه الأرض خطر ما يمكن أن يضحي بحياته من أجلها ويسعى لرفعتها وتقدمها إلخ...
معظم الناس يدعون أنهم عشاق الوطن يزودون عنه بأرواحهم وفلذات أكبادهم ولكن!!
لكن إلى أي حد يطبق المواطن في وطننا الكبير من محيطه إلى خليجه هذه القيم التي يؤمن بها الجميع ويمارس المواطنة الصحيحة إذا كان أساسها الشعور بالسكينة والدفء والأمان؟؟
هل قيمة الوطنية مشوهة ومجرد شعارات جوفاء في بلادنا لعوامل وأسباب عديدة أهمها أن دوره مهمش وهل لهذه السلبيات أن تشوه معنى المسؤولية الوطنية؟؟
على سبيل المثال لا الحصر:
- الإفقار والبطالة والقمع والظلم وعدم تحقيق الطموحات إلخ..
- الاعتماد في الولاء فقط على الدافع العاطفي
- عدم وجود بطل حقيقي مقنع للجميع ومؤتمن على مصلحة الوطن وأمن المواطن ومصالح كل شرائح وفئات المجتمع على اختلافها والتعويض عن هذا بأحزاب ورجال دين وطوائف وأعراق انفصالية يتاجرون بالوطنية ويستخدمونها لمشاريعهم الخاصة ويغررون بها الشرائح التي يستطيعون إقناعها ويبتزونهم عاطفياً ويغسلون بها أدمغتهم ، مما يزيد الشرذمة والتفتت بدلاً عن توحيد الجميع تحت لواء واحد
- التخلف في كل شيء وعدم وجود مشاريع وطنية سياسية واقتصادية وتهجير العقول وتحويل الشعوب لمجرد قطعان إما خانعة وإما فوضوية غوغائية مهزومة في الحالتين لأنها لم تتعود ممارسة الحرية والديمقراطية والاعتماد على النفس ولا صنع أبطال.
- فساد المال والسلطة وتشبثها بالكراسي واعتماد كل منها على دعم خارجي مختلف وتبعية لبلاد جميعا لها أطماع بمنطقتنا، والذي أدى لمزيد من العداء بين الحكام وإتاحة المجال لاختراق السيادة الوطنية ورهنها لقوى خارجية
- الاختراقات الدينية وتسييس العقائد واستغلالها لصالح الهيمنة الداخلية للقوى المسيطرة وأو ولاءاتها للخارج
- - اختلال معنى المفهوم القومي من خلال زعماء انفصاليين وتدخلات وولاءات خارجية واعتبار كل عرق وفئة وطائفة ومذهب نفسه أمة تستحق الانفصال عن الأمة الجامعة وتعاديها
وقبل أن أترك لكم الحديث كلٌ فيما يراه ووجهة نظره عن مفاهيم الوطنية في بلادنا وأو المزيد من التعريف أو الاختلاف مع طرحي ، والآليات المقترحة للخروج من أزماتنا ، أريد أن أقف قليلاً عند مفهوم اختلال المفهوم القومي الذي يحدث عادة للأمم حين تصل إلى قمة الضعف وتدخل مرحلة بدء التفكك والانحلال...
رغم كلما قيل ويقال فنحن أكثر أمة في الأرض لدينا ما يجمعنا بدل أن يفرقنا من الارتباطات العرقية أو الدينية وأو اللغوية إلخ..
العالم كله اليوم يسعى لدمج الكيانات المختلفة تحت راية وطن أكبر ووحدنا نسير عكس التيار، وليس سراً أن الاتحاد قوة والمشاريع الانفصالية ضعف وانحلال وذوبان للجميع ( أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض ).
بلد كالهند رغم كل ما يعانيه من فقر ، فلديد أكثر من مائتي لغة وقومية وعرق ولديه ديانات عديدة كثير منها بدائية ورغم هذا لا توجد في الحقيقة مشاريع انفصالية.
بلاد المهجر التي يجتمع فيها ديانات وأعراق من كل ديانات العالم وأعراقها ، ومع هذا يرتبطون بالولاء للوطن.
أوروبا التي توحدت رغم كل الاختلافات التي لا تعد ولا تحصى بعد أن بدأت نشأة مفهوم الوطنية منذ أواخر القرن الثامن عشر ليطابق بين المعنى في المصطلحين الواصفين لهما (Patriotism) و (Nationalism) ولتحل محل الدوافع النفسية والعاطفية والدينية من خلال ما طرأ على مفاهيم المجتمعات الأوروبية ، لإثبات الهوية القومية يشترك بها الجميع ضمن رقعة جغرافية محددة بعيداً عن الاختلافات العرقية والثقافية والدينية والتي ظلت تنضج حتى وصلت إلى الاتحاد.
يهمني جداً أن نفتح باب النقاش في هذه الموضوع الهام من مختلف جوانبه:
ما هو مفهوم الوطنية في بلادنا برأيك وهل يوجد لدينا شذوذ في الفكر الوطني الجمعي؟؟
كيف ترى الصورة وما يمكنك أن تكتب عنها ؟
ما هي الحلول التي تود طرحها ؟
وتفضلوا بقبول فائق آيات تقديري واحترامي