صلح مآب (من مواد الموسوعة الفلسطينية – القسم الأول – المجلد الرابع ):
نسبة إلى قرية أو مدينة أو مخيم (فسطاط) كان بجوار نبع ماء أو إلى أثر روماني قديم يقع في صحراء البلقاء بين أرض الحجاز وفلسطين . وقد سكنت هذه الأرض بطون قضاعة واعتبر أهلها عرباً شامية لا حجازية , وعرفوا بالعرب المتنصرة لانتشار النصرانية بينهم . وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام ينظر إلى الشام على أنها أرض عربية مثل الحجاز فأراد إشعار أهلها بالإسلام فوجه حملة مُؤتة في عام 8هـ /629 م.
ولكن الحملة انسحبت بعد أن قتل ثلاثة من كبار قوادها لعدم تكافؤ المسلمين مع قوة أعدائهم , مما جعل النبي عليه الصلاة والسلام يعدّ لهم بعثاً آخر أمّر عليه أسامة بن زيد, وكان أبوه قد قتل في مؤتة . ولما تولى أبو بكر الخلافة سار بسياسة النبي فأنفذ بعث أسامة فحارب جهاماً ولخماً والعناصر التي عادت المسلمين . ثم أرسل من المدينة مباشرة زيد بن أبي سفيان إلى مشارف الشام فقابله الروم بقيادة سرجيوس بطريق (قائد) قيسارية فهزمه وانتصر فيه . وحينئذ وجه أبو بكر أبا عبيدة بن الجراح في جماعة من المسلمين كثيفة ليدعم مركز يزيد . فلما عبر أبو عبيدة صحراء البلقاء تصدّى له عرب مآب المتنصرة وقاتلوه . ثم سألوه الصلح فأمنهم على دمائهم وأموالهم وأولادهم على أن يؤدّوا الجزية ديناراً وجريب حنطة لكل رأس في كل عام . فكان صلح مآب هذا أول مصالحة على الجزية , وكان ذلك في عام 13هـ/634م .
وذكر المؤرخون صلحاً آخر سبق صلح مآب هو صلح بصرى ( قرية مجاورة بالبلقاء ) , وقد يكون المثال الذي احتُذي في صلح مآب .