في نهارٍ شديدِ الودّ --نصيرة تختوخ
يوم أمس خرجتُ مسرعة على الدرّاجة. في طريقي نادتني امرأة سائلةً عن إمكانية مساعدتها. كانت تستعين بعصا وقد رأيتها سابقا وأُدرك أنها تعاني من تأخر ذهنيٍّ أوعلة أخرى توحي بعدم التوازن التام . لكني لم أتوقف قلت لها: ''لا ''، ودون التفات مضيت كالوميض.
كان الجوّ جميلا جدًّا وعدا تورط الوقت في لعبته المفضلة, تورطت السعادة في مداعبتي. بقايا الفن بداخلي لم تَزل وتحولت إلى سمكات منسجمة الحركة.
لم يكن جديدا أني قرأت شعرا متنوعا على مدار الأسبوع أو أنني سمعت موسيقى أو تعرفت على وجهات نظر مفكرين، البركة العبقرية حلَّت بحدوث التسلسل الطيب من ''حنين '' محمود درويش إلى '' نقصان '' نوري الجراح إلى العمل الفني الذي يخرج بالمختبئ إلى العالم والفنان الذي يطل على السر مع هايدغر إلى غطاء الطاولة الأخضر المصاب بالدوائر المرحة البيضاء... على إيقاع الباتوكادا البرازيلية يمكنني أن أقول أن المُنْجَزَ الفني يفعل فعلته حين يحيل الحواس المنتبهة إلى استراحتها في الذهول ,التي مهما كانت وجيزة فيها تجدُّدُ حياة. فترة الدهشة تتيح الانفلات من الإدراك للاستسلام للامفهوم. تسقط قبضة الواقع وينمحي هيكله لصالح تأشيرة المرور إلى نشوة اللقاء بقطعة الواقع المنجزة فنيا وقد لا تكون غير تفصيل بسيط لمشهد مألوف أو شيئا عاديا متكررا في الاستعمال اليومي يخضعه الفنان لتحول يجعله مركزيا وذا جاذبية،يتحدث بحقيقة أخرى مبتكرة أو متلاعبة بالغموض.
يمكن تذكر صورة '' الإبرة والخيط '' لشيما مادوز أو عصفور برانكوزي الذي تنساب فيه خواص الكائن في شكل جديد , يوقظ التساؤل دون أن يغنّي, أو أيّ بيت شعري أو أبيات من قصيدة ذات أصابع وربّما شفاه.
لتكن هذه مثلاً:
لتكن إيثاكا دوما في بالك
أن تصل إليها ذاك قدرك
لكن لاتستعجل الوصول أبدًا
من الأفضل أن يدوم سفرك سنوات
لتصل عجوزا إلى الجزيرة
ترمي مرساتك، ثريًّا بما جنيته في طريقك
غير متطلع لأن تهبك إيثاكا ثراءً.
لم أكن ذاهبة لإيثاكا كفافيس لكنها جاءت تماما كالجوِّ التموزي المتمرن على تعاليم الصيف. إنزاحت إيثاكا لي في نهارٍ شديدِ الودّ ,رغم فشلي في امتحان إنسانيٍّ عابر لنعتبره صغيرًا.
Nassira 7-6-2014
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|