رد: من هم المؤرخون الجدد ؟ وما هي توجهاتهم ؟ وما هي أطروحاتهم وأيدلوجياتهم ؟!
[align=justify]المؤرخون الجدد و" ما بعد الصهيونية ":
ويرى البعض أن ما بعد الصهيونية معادية للصهيونية وأنها تعيد النظر في كل المقولات الصهيونية الأساسية، بينما يؤكد البعض الآخر أن ما بعد الصهيونية إنما هي امتداد للصهيونية. ويصف بعض دعاة "ما بعد الصهيونية" أنفسهم مثل ( موريس ) أنه صهيوني يقوم بعمل يخدم به "إسرائيل" من خلال البحث عن الحقيقة التاريخية، بل يرى بعض هؤلاء أن ما بعد الصهيونية هي تحقيق للصهيونية، وأن السلام مع العرب هو الثمرة الطبيعية للإنجاز الصهيوني.
وكما يقول "بني موريس": "إن الكشف عن أعمال الطرد ومجازر ضد العرب في سنة 1948 م، وأعمال إسرائيل على امتداد الحدود في الخمسينيات، وعدم استعداد إسرائيل للقيام بتنازلات من أجل السلام مع دول عربية (الأردن وسوريا) بعد سنة 1948، ليس " دعاية معادية للصهيونية "، وإنما هو إضاءة لجانب من مسارات تاريخية مهمة، عتمت عليه عمداً طوال عشر سنوات من الأعوام "المؤسسة الإسرائيلية" بمن في ذلك الباحثون والصحافة – خدمة للحكومة وللأيديولوجيا السائدة ".
وبني موريس كما هو معروف بموضوعيته وبقراءاته المتجردة للتاريخ، إلا أن كتاباته لا تخلو من حس يهودي "حيث أنه يحمل إسرائيل مسئولية تهجير الفلسطينيين، ولكنه لا يعتبر أن ذلك حصل وفق خطة مدروسة وموضوعة مسبقاً ويصر موريس على أن هذا التهجير قد حصل بصورة عشوائية بل وبدعم من زعماء محليين!!.
بل إن بن جوريون نفسه – في السابق - طالب بحل المنظمة الصهيونية بعد تأسيس الدولة، فقد وصفها بأنها " التي تفقد وظيفتها بعد الانتهاء من البناء، وأن مهمة يهود العالم هي الهجرة إليها وحسب، وبإمكان الدولة الصهيونية الوصول إليهم مباشرة، دون وساطة المنظمة الصهيونية.
وقد خرج حملة خطاب ما بعد الصهيونية على النهج الصهيوني السائد والذي يقوم على لي عنق التاريخ والواقع من أجل إرساء المزاعم والادعاءات الصهيونية.
فتحدي "الرواية اليهودية" للأحداث أمر قام به بعض الباحثين من أمثال "إسرائيل شاحاك " من قبل بشكل منهجي شامل، أما يوري افينيري فقد أكد في أكثر من مناسبة أن الصهيونية انتهى دورها، وهناك من قال إن الصهيونية إن هي إلا حركة إنقاذ ليهود أوربا - من الكارثة المحيطة بهم - انتهى دورها مع إعلان الدولة الصهيونية.
وقد أوكل رابين إلى لجنة من المؤرخون الجدد ومؤيدوهم مهمة وضع كتب تنقض أساطير الصهيونية السياسية لتدريسها في المدارس، وتابعت هذه اللجنة عملها طيلة خمسة سنوات أصدرت في نهايتها مجموعة كتب منها كتاب المؤرخ الإسرائيلي الجديد "بني موريس" المعنون بـ " ضحايا الحق – تاريخ الصراع الصهيوني – العربي ( 1881 – 1999 ) والعام 1881 هو عام تأسيس أول مغتصبة صهيونية على يد يهود روس، ومع ذلك صوت الكنيست على قرار بحظر الكتاب المدرسي الجديد، الذي كان قد بدأ تدريسه قبلها بسنتين، والذي يقدم للأجيال رواية جديدة لحروب إسرائيل مع العرب.
حقيقة المؤرخون الجدد :
1-المؤرخون الجدد هم "علمانيون" يهود ، يرون أنفسهم أكثر تبصراً واستشرافاً للمستقبل، من منطلق أن مشروع الدولة " الصهيونية " قد بلغ مرحلة من الثقة بالنفس والاطمئنان على " الوجود " تقبل " ترف " إخضاع المقولات الأساسية والمقدسة في بعض الأحيان للمسائلة البحثية والأكاديمية.
2-وكل الدلائل تشير إلى علاقة هؤلاء المؤرخون بحزب العمل وبملكيتهم لخلفيات ليبرالية "، تنطلق هذه الحركة من دولة يهودية وتعمل لاستمراريتها !!.
3-والقضايا التي يثيرها المؤرخون الجدد لا تصل إلى حد التساؤل عن شرعية وجود الكيان اليهودي " إسرائيل " على أرض فلسطين ، ولكن ما تناقشه هو مسئولية الحركة الصهيونية من تهجير الفلسطينيين وأن الهجرة لم تكن طوعيه أو انصياعا لندوات من الحكام العرب إبان حرب 1948م للفلسطينيين بأن يغادروا أماكن القتال كما دأبت الدعاية الصهيونية على القول .
4-وحركة المؤرخون هي مجرد محاولة لإنقاذ الصهيونية من تطرفها وتمهيداً لمرحلة علمنة الانتماء اليهودي الذي ينقذ إسرائيل من خطر تناقص عدد اليهود في العالم مما أثر سلباً على التركيبة الديمغرافية في فلسطين لصالح أهلها الأصليين، فطرحت المناداة لتخفيف الشروط لتعريف من هو اليهودي.
5-ولم يخرج كون هؤلاء المؤرخون يهوداً يعشون على أرض مغتصبة، ويسهمون بشكل أو بآخر في استمرارية هذا الوجود على أرض فلسطين، ويعملون على أن يخضع للعقل تاريخ الكيان اليهودي منذ التأسيس، دون أن التصدى للأساطير الدينية ولخرافاتها التي أوجدت هذا الكيان الغاصب على أرض فلسطين.
6-والجدير بالذكر أن أعضاء هذا الفريق "الصهيوني" لا ينكرون شرعية ما يسمى "القومية اليهودية" التي أدت إلى إقامة الدولة على أرض مغتصبة اسمها فلسطين، والأهم من ذلك أن الخلاصات النهائية والاكتشافات التي تنقض ما كان سائداً من معرفة لا يترتب عليها مساءلات راهنة على الصعيد السياسي.
ولعل ما سبق يوصلنا إلى حقيقة المؤرخون الجدد الذين يمكننا وصفهم "محاربون في إسرائيل" ، "ومن أجل إسرائيل" ، فهم يخدمون الكيان اليهودي في مرحلته الحالية.
موقف المثقفين العرب من المؤرخون الجدد:
تبدو للوهلة الأولى أن أعمال المؤرخين الجدد، وكأنها تناصر العرب وروياتهم، ويعتبر "المؤرخون الجدد" بأن عملهم لا يكتمل بدون قيام حركة مؤرخين عرب جدد، بما يوحي إلى الانتقال إلى مرحلة تفاهم ما بعد الصهيونية بين العرب واليهود بما يخدم المرحلة القادمة.
ولهذا كان الموقف من المؤرخون الجدد متفاوت عند المثقفين العرب، فمنهم من أبدى الاستعداد للتعاون مع هذه الحركة، كونها أماطت اللثام عن الكثير من الأساطير اليهودية، وكشفت النقاب عن كم ضخم من الأكاذيب والافتراءات اليهودية على مر التاريخ وحتى يومنا هذا، ودعوا إلى التعاون المطلق معهم من عمل بحوث مشتركة، وإلقاء محاضرات لطلبتهم، والمشاركة في ندوات ولقاءات مشتركة، بل وإصدار مؤلفات مشتركة !!.
وطرف آخر من المثقفين أمثال د. محمد أحمد النابلسي حذروا من الركوب في مقطورتهم، ورفض الاستجابة للدعوة إلى التدوين المشترك ( عربي – إسرائيلي ) للتاريخ ، حيث أن الشيطان يكمن في التفاصيل، التي يجب علينا الانتباه عليها والتحذير من خطرها على مستقبل أجيالنا القادمة، والمرحلة الراهنة.
حيث يصف د. محمد أحمد النابلسي في كتابه " يهود يكرهون أنفسهم " " المؤرخون الجدد" بأنهم منقبين في الوثائق المعلنة - بعد 30 سنة - من قبل المخابرات في الكيان اليهودي ، ويعيدوا صياغة هذه الوثائق لتسويقها وكأنها آراء ومواقف شخصية، ويقول: لذلك فإن "المؤرخ الجديد" هو مجرد نصاب - برأي المؤلف - ويحذر بشدة من الاستجابة للدعوة إلى التدوين المشترك ( عربي – إسرائيلي ) للتاريخ .
والبعض يرى أن "المؤرخون الجدد" ليسوا جدداً أو مؤرخين فعليين، بل هم محاربون يسعون إلى إضفاء احترام جامعي أكاديميى على آراء قديمة مغلوطة، فهولاء بنوا آراءهم وتصحيحاتهم على أساطير خاطئة . . . كالذي بنى بيتاً على أرض مسروقة مسلوبة، وعند مراجعته قيل له لا يحق لك أن تحرم جيرانك من حقوقهم !!، أو توسع حديقة بيتك !! .
ويرى الطرف الأخير أن معرفة حقيقة "المؤرخون الجدد" لا تمنع من ترجمة مؤلفاتهم والاستفادة من مراجعاتهم التاريخية، وفضحهم للممارسات الصهيونية وأعمال القمع والقهر التي تمارس ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وقراءة ما يقدمه لنا المؤرخون الجدد من معلومات ووقائع ودراسات، واستثمارها في كشف أكاذيب اليهود وأساطيرهم ، بنصوص ووثائق واعترافات تثبت حقنا بأرضنا ومقدساتنا.
يتبع[/align]
|