كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
يوم رحلت الجزء 2
يوم رحلت – محمد الفاضل
الجزء الثاني
الفترة التي أمضيتها مع والدي في المستشفى ، شكلت علامة فارقة في مجرى حياتي ، خلفت جروحاً غائرة في حنايا القلب ، أن ترى الجبل الشامخ الذي كنت تستند عليه ، والفارس الذي يرتدي درعه اللامع ،يحارب الوحوش ويذب عنك عوائل الدهر، القادم من حكايات الزمن الجميل ، في حالة ضعف وانكسار إنساني ، يفوق الاحتمال ويجعلك تعيد حساباتك ، يدعوك للزهد في كل شئ . بعد أن كان صوته يجلجل ويملأ المكان ، وضحكته الساحرة تضفي البهجة على الجميع ، لم يألوا جهدا في تربيتنا وسخر كل طاقاته في سبيل إسعاد عائلته ، كان يجد سعادة بالغة في العطاء ولم يشتك قط برغم تحمله أعباء الحياة وصروفها ، كان يمتلك قلبا من ذهب ، ينبض بالحنان والطيبة اللا متناهية ، كالبدر في ليلة ظلماء .
فجأة لزم الصمت ، لقد ترجل الفارس وكبا ، سكون قاتل يلف المكان ، لا يكسره سوى زفراته الحارة التي تحرق القلب ومحاولته النطق بكلمات مبهمة وكأنه طفل يتعلم النطق للتو ، كنت أحاول تجنب النظر في عينيه الحزينة مخافة أن يرى سمة الحزن على وجهي ، برغم شوقي العارم أن أضمه إلى صدري وأطلق العنان لمشاعري الحبيسة أن تنفلت من عقالها . كم هو صعب على الإنسان أن يضع قناع على وجهه محاولاً إخفاء مشاعره والتظاهر بأن الأمور على مايرام.
كانت تنتابني رغبة عارمة بالسجود عند قدميه وتقبيلهما ولكنني أحجمت عن ذلك مخافة أن ينهار أمامي ، بدأت رحلة المعاناة اليومية تطل برأسها ، الوضع يتطلب عناية خاصة ، عندما يهم بالوضوء كنت أدخل معه الحمام كي أساعده خوفاً من أن يسقط . لم أتذمر قط ، وفي المساء أجلس ملتصقاً بسريره وأقرأ له ماتيسر من القرأن بصوت مرتفع حتى يبزغ الفجر ، وكنت أستشعر دموعه الحبيسة تأبى أن تنساب ، بل تسيل وتصب مباشرة عند شواطئ الروح دون أن أراها. عندما كنت أقبض على يده اليمنى لعمل تمارين علاج طبيعي وبشكل يومي حسب أوامر الطبيب ، كانت يدي ترتجف وأحس بشلال حنان يتدفق من يده الطاهر ة لتمدني بالعزيمة .
لطالما حملنا بيده تلك ومسح على جبيننا وقرأ الأدعية عندما كنا صغاراً ، أبي الحبيب ، يا قرة عيني ومهجة روحي ، مهما فعلت فلن أوفيك حقك ، لقد أفنيت عمرك وأنت تكافح في هذه الحياة ، كنت تكد في القر والحر غير عابئ بحرارة الشمس الحارقة ، بهمة تزلزل الجبال ، ليس كمثلك شئ يا أبي . كالشمس تضئ حياة الاَخرين وتمدهم بالدفء .
( يتبع )
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام
رد: يوم رحلت الجزء 2
[align=justify]ملاحظة:أعتذر في البداية للخطإ في حذف مشاركة الدكتورة رجاء أثناء حذفي لتكرار عرض نفس الفصل الثاني على مرّتين ..أعتذر مرة أخرى ، وعليك أختي الغالية أن تعيدي مشاركتك على الصفحة ذاتها...
أخي الغالي الأستاذ الفاضل ..سرد فيه (حرفنة) قاص متمكّن..شكرا لك على متعة القص..[/align]
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام
رد: يوم رحلت الجزء 2
لا داعي للاعتذار أخي الفاضل محمد الصالح الجزائري
ها أنذا أعيد مشاركتي ..
*****
أستاذنا الكريم محمد الفاضل
ما أقسى تفاصيل وقائع .. هذه الحياة !!
تمكن في سرد الأحداث .. بكل تفاصيلها الماضوية والحاضرة
أتابع وباهتمام .. البقية
دمت وسلمت
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: يوم رحلت الجزء 2
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري
[align=justify]ملاحظة:أعتذر في البداية للخطإ في حذف مشاركة الدكتورة رجاء أثناء حذفي لتكرار عرض نفس الفصل الثاني على مرّتين ..أعتذر مرة أخرى ، وعليك أختي الغالية أن تعيدي مشاركتك على الصفحة ذاتها...
أخي الغالي الأستاذ الفاضل ..سرد فيه (حرفنة) قاص متمكّن..شكرا لك على متعة القص..[/align]
صباح الورد الأستاذ العزيز محمد
أسعدني حضورك المميز
لقلبك الياسمين
كاتب وأستاذ جامعي، يكتب المقالات ، الخواطر والقصة القصيرة
رد: يوم رحلت الجزء 2
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. رجاء بنحيدا
لا داعي للاعتذار أخي الفاضل محمد الصالح الجزائري
ها أنذا أعيد مشاركتي ..
*****
أستاذنا الكريم محمد الفاضل
ما أقسى تفاصيل وقائع .. هذه الحياة !!
تمكن في سرد الأحداث .. بكل تفاصيلها الماضوية والحاضرة
أتابع وباهتمام .. البقية
دمت وسلمت
صباح جميل يليق بعبق حضورك دكتورة رجاء
خالص شكري
ودي
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي
رد: يوم رحلت الجزء 2
عندما يذكر الوالدين تتدفق الكلمات.. فلا يتشارك أحد معهما تلك الكلمات..
في نص أجدت فيه وصف علاقتك بأبيك سيد فاضل وهو في أمس الحاجة إليك.. أقصد وأنت في أمس الحاجة إليه تغرف من رضاه، وتروى من حنانه وتطعم من نظراته الطيبة..
سردك ممتع دائما رغم ما يمكن أن يشوبه من ألم.. فإنه يلوح ببعض الأمل