صراع مع الذات
دخل البيت، وجدها منحنية تعانق بطنها وهي دامعة العينين، سألها:
_ ما بك؟
_ أحس أمعائي تتقطع، كأني أكلت سما
رأف لحالها، أمسك يدها وأخذها لتجلس بالصالة فترتاح، وطلب منها ألا تقوم بأي شيء، ثم بدأ يعتذر عما بدر منه قبل خروجه، لربما تأثيره هو ما سبب لها ما هي عليه الآن، ينظر جانبا فيرى طفلته الصغيرة تلعب، ويحمد الله أنها صغيرة لا تحس بشيء، فجأة تأتي الصغيرة قرب أمها وهي تحمل بين يديها لعبا تقدمها لها وتشبعها قبلا وعناقا ثم تقلد كلماتها عندما تكون هي باكية، تقلدها بصوتها الطفولي البريء الذي بالكاد ينطق جملا سليمة :
_ ماما ها قد هيأت لك الدواء، تناوليه لتشفي، لا تبكي ، أتريدين أن أبكي أيضا؟
تتأثر الأم لكلمات الصغيرة،التي تمسح دموعها بيديها الناعمتين الحنونتين.. فتبتسم الأم وتضم قرة عينيها إليها، وقلبها حينها يأخذ دور العينين.. وليكن كذلك الدمع دما منسكبا في خفاء، أحسن من أن يكون ماء مالحا منسابا من العينين ظاهرا..
الزوج سبب الألم نعم.. لكن هناك شيء آخر يؤرق هذه المرأة، لم تستطع إلا أن تتصف بالجبن وهي تحاول أن تكون صريحة بقوة كعادتها.. تواجهه بصدق فيثور غاضبا ويقول لها : هي قمة النذالة إذن.. كيف ستكمل المواجهة؟ تجبن.. تتملص من الحقيقة، ثم تقول: أنا أتحدث عامة ولم أقصد نفسي..
افهم يا رجل..
يزيد ذلك من وجعها، تصارع ذكرياتها، تصارع ذاتها، لا هي تغلب ولا وجع الذكريات يغلب..فتتمنى لو أنها كانت قد أكلت سما فعلا ينهي حياتها ثم تتراجع عن هذه الأمنية، وهي تفكر في أبنائها الثلاثة الصغار، لمن ستتركهم بعد رحيلها؟!
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|