عائد الى حيفا...........
كانت هناك و كنت هناك, وكانت تحضنني من لحظات المساء للحظات الصباح, كانت تضعني بين عيونها و كنت في عيونها أجلس و أصنع المعجزات, على صدرها أكلت و شربت و نمت على رمالها لنهاية المطاف, سمراء هي و بيضاء, في عيونها لمسة المساء, كانت هي الديار و هي أخر شارع زرته ذاك الصباح, كان هناك جدي يرمي سنارته في بحرها , يصطاد سمك و يغني برفقتها أغاني الصباح, وكان يضع السنارة بقربي ثم يسمعني عنها أجمل الحكايات, كان يقول انها حيفا وانه حيفا و اني حيفا,
ثم يغادر مكانه و يترك سنارته منسدلة نحو البحر, و البحر يقفز الى السنارة , و تنام الأمواج عند الصباح ثم تستيقظ و تحي الحفلات .........
كانت هناك و كنت هناك, في وقتها ذات صباح اتى الذئاب , وابعدوني عن جدي وبقي جدي يحي الصباح, صلى أخر صلاة له فيها و ابى ان يرحل عن رمالها , و رحلت لوحدي وأوصاني ان اضع في كل بلد ليمونة , ووضعت في كل بلد ليمونة , عندها كنت صغيراً و لم أعلم ماذا تعني تلك الليمونة, ولكنني كنت أضعها في كل بلد زرته, وتفوح رائحتها وتملأ الأجواء, و بقي جدي هناك و ما زال يذهب كل يوم الى البحر و يصطاد السمك , و يغني أغاني الصباح, وليلة الأمس استشهد على رمال حيفا, فبكت عليه حيفا ونام الموج و لم يستيقظ, وصار الهواء معطر بعطر الليمون , وكتب على قبر جدي عائد عائد اليك حيفا , عائد اليك ذات صباح, و سأصطاد السمك و أغني أغاني الصباح, أن قبل الذئاب أو ان لم يقبلوا عائد اليك حيفا, فأنا حيفا و هي حيفا و حفيدي حيفا....
اليوم كبر الليمون في كل بلد, وكل ليمونة أخذت شكل و رائحة عطر جدي, وأصبح الليمون مفعم بالحياة, و كل ليمونة تغني عائد الى حيفا ان لم يكن اليوم سأعود ذات صباح, ان قبل الذئاب او ان لم يقبل الذئاب عائد الى حيفا, فأصبح جدي في كل مكان وفي كل زمان, و سنبقى نغني أغنيته عائد الى حيفا رغم أنف الذئاب..................
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|