مراهق و مراهقة ؛ إنا نحبكم
يقصد بالمراهقة تلك الفترة الانتقالية بين الطفولة والرشد و التي تصاحبها مظاهر البلوغ بكل ماتحمله من تغيرات فسيولوجية ونفسية.
يجزم بعد الأنثروبولوجيين مثل مارغريت مييد و بينيديكت أن حدة المراهقة متعلقة بالمجتمع و الثقافة التي ينمو و يشب فيها الفرد وأن ذلك القلق الذي يعاني منه المراهق قد يكون ناتجا عن العوامل الإجتماعية والثقافية.ولشرح هذا ربما أعطي كمثال تلك المجتمعات البدائية التي تكثر فيها الإباحيات بشكل لا يجعل الفرد يشعر بأي صد أو مانع كما أنه منذ صغره يتعرف على الدور البسيط الذي سيقوم به:صيد؛قنص؛ أكل؛ تزاوج... أوفي المجتمعات الحديثة ذلك الدلال الذي يمنح للأطفال وتلك المساحة من اللهو و اللعب و التسامح واللا مبالاة والتي تضيق بعد البلوغ فيخضع ذلك الذي كان بالأمس طفلا للمراقبة والمعاقبة و يسمع عن المسؤوليات والواجبات وبناء المستقبل ...
الإنتقال من عالم ليس يخضع لأية قيود و شروط و من جسد صغير إلى جسد تتلاعب به الهرمونات وتظهر عليه ملامح الأنوثة واضحة أو صفات الذكورة كاملة ليس سهلا.
تقول كلمات إحدى أغاني الأطفال باللغة الهولندية(kinderen voor kinderen " tietenlied:
"يوم أمس كانت حياتي عادية ؛كنت ألعب مع أصدقائي في الزقاق و كان فصلنا هو فصلنا؛
كنت أعتقد أن الحياة هكذا تكون و أنها ستبقى هكذا ؛ كنت أحيانا مزعجة ؛
لكن كان عندي كل ماأريد...
لكن قبل ساعة تغير كل شيء كنت في الحمام؛ فقط في الحمام
كنت ألعب بالإسفنجة وفقاعات الصابون أمررها على جسدي ؛
وفجأة أحسست بدائرتين و هذا أمر غير عادي صدري عليه أن يكون مسطحا
النجدة النجدة إنني أحصل على نهدين
ماذا سأفعل ساعة الرياضة
وماذا على شاطئ البحر
الآن يمكنني إرتداء سريدة كبيرة
لكي لا يعرف أحد؛ خاصة الأولاد . ..
ربما توضح هذه الأنشودة البسيطة ذلك القلق و تلك الورطة التي يشعر بها المراهق و المراهقة خاصة عندما يكون ضحية ملاحظات متعلقة بالتغيرات الجسمانية التي قد يحول إخفائها أوتناسيها.
الحيرة و التساؤل تصاحبان المرحلة فكيف سيكون الغد و كيف يبنى المستقبل ومع من؟
إن تطور دماغ و ذكاء المراهق يسمحان له بالتفكير في الأمور النظرية و المجردة و بتكوين مواقفه ورؤاه الشخصية المبنية على تفكير تابع لمنطقه ومعلوماته وقد يتعلق هذا بمجالات كالسياسة والدين و الظواهرالإجتماعية. ..لكن المراهق يظل يعيش فترة تعلم مما يجعله لاحقا قد يلغي بعض الأفكار التي طالما تشبث بها ودافع عنها بشراسة.
من ضمن بعض طرق التعلم الشخصي ما سماه كانفرKanfer بالضبط الذاتي والذي يمر عبر ثلا ث مراحل:الملاحظة الذاتية؛ التقييم الذاتي ؛التعزيز أو التقوية الذاتية.
بعملية الضبط هذه يقوم الشخص بقياس ما يفعل وهكذا يكون لديه فكرة عن مدى نجاعة تصرفه أو صحته ويجعله يرسم أهدافا أكثر واقعية يحاول الوصول إليها لمكافئة نفسه ببلوغها.
إن المراهقة كما ذكرت مرحلة إنتقالية على الأسرة و المؤسسة التعليمية بل ومؤسسات اجتماعية أخرى الإسهام في مرورها بسلام .
الصداقات التي تشكل إحدى الروابط الإجتماعية المهمة في حياة المراهق و التي تكون حقلا لتجاربه لمبادئه وقراراته وامتحانا لعواطفه عليها أن تشجع بخلق فضاء نقي وصحي ومراقبة حكيمة لا تتمثل في التدخل و التسيير المباشر فالمراهق من حقه عيش تجاربه التي ليس لزاما عليها أن تكون مطابقة لتجارب الراشدين من حوله.
وقت الفراغ المتوفر للمراهق هو وقت ذهبي لصقل مواهبه وشخصيته, لا يجب أبدا أن نتركه يذهب سدى وهباء ا لينمو الدماغ النشيط فارغا و الجسم المتحول هزيلا؛ حسب ميول المراهق هناك حقل واسع من الإختيارات في الميادين الفكرية و الرياضية و الفنية كما أن هذه الميادين تمنح فرصة للتقارب بين الأبناء وأوليائهم وتزيد من تجارب المراهق الإنسانية و تثريها.
تلك الصورة التي تتغير بتغير الجسد وتجعل المراهق في ورطة إلى حين يعتاد عليها ؛علينا أن نفرح بها و نرحب بها قبله فالحاجة إلى تقدير الذات مهمة جدا ,بل هي من أقوى الحاجات السيكولوجية, لذا لندعم مراهقينا ليدعموا أنفسهم ويكونوا فخورين بذواتهم عازمين على التحدي واستقبال الحياة لا مطأطئي الرؤوس أو عنيفين لأن الخوف و القلق يسكنهم.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|